بغداد | انعكست الأوضاع الأمنية والسياسية سلبياً على حركة الشارع العراقي، حيث تأثرت بعض القطاعات التجارية وأصيبت بالكساد نتيجة إغلاق الطرق ونزوح آلاف العراقيين بسبب العمليات العسكرية الحالية، فيما تبلغ مصاريف الدولة العراقية اليومية على المعارك الحالية نحو 15 مليون دولار.
لا يمكن للمتجول في شوارع العاصمة بغداد إلا أن يلاحظ تراجع الحركة التجارية وارتفاع الأسعار وكساد البضائع لدى الباعة. أغلب التجار الذين التقتهم «الأخبار» أعادوا سبب تراجع الحركة التجارية إلى تدهور الوضع الأمني في العاصمة، إضافة إلى أن سكان بغداد يعتمدون حالياً على مبدأ الاحتفاظ بأموالهم في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في البلاد، مخافة من أي مفاجأة قد تتسبب لهم بمشاكل.
رحيم القريشي، تاجر المواد الإنشائية لم يستطع إلا أن يرفع أسعار بضائعه، بعدما أغلقت المنافذ التجارية بين العراق وبعض الدول المجاورة، نتيجة سيطرة تنظيم «داعش» على مساحة واسعة من أرض العراق.
وقال القريشي في حديث لـ «الأخبار»: «نستورد المواد الإنشائية من تركيا والصين وعدة دول أخرى، ولكن الأحداث الأمنية التي شهدتها البلاد جعلتنا نبحث عن طرق جديدة نستطيع أن نصلها إلى بغداد بسلامة، وخصوصاً أن تنظيم داعش كان يسيطر على الطريق الرابط بين بغداد والمحافظات الشمالية»، مضيفاً أن «أسعار أجور النقل ارتفعت على نحو غريب جداً، حيث كنا نعطي لأجرة الشاحنة 500 دولار من محافظة دهوك إلى بغداد، بينما اليوم نعطي 2500 دولار بسبب قطع الطرق».
وأشار إلى أن «البضائع الحالية لم نستطع تصريفها حتى الآن، حيث انعكست الأوضاع الأمنية سلبياً على عملنا، لأن الكثير من التجار في المحافظات الجنوبية توقفوا عن المجيء إلى بغداد بسبب ازدياد التفجيرات»، مؤكداً أن «الإجراءات الأمنية المتخذة في بغداد أثرت على عملنا كثيراً لأن الشاحنات لا يمكن أن تدخل العاصمة إلا بعد الساعة الرابعة عصراً».
وبعد سقوط محافظتي نينوى وصلاح الدين بيد «داعش»، انتشرت مجاميع مسلحة في العاصمة تنتمي إلى جهات سياسية، إضافة إلى انتشار عصابات تنفذ عمليات خطف لرجال الأعمال.
المواطن عمر الجنابي شدد في حديث لـ «الأخبار» على أن «المجاميع المسلحة تستطيع أن تفعل أي شيء من دون أن يوقفها أحد، وهذا ما أصاب المواطنين بالقلق»، مضيفاً أن «التفجيرات الأخيرة التي تستهدف الأماكن التي تدب بها الحياة مثل الأسواق والمطاعم والجوامع أدخلت الرعب في قلوب المواطنين وجعلتهم يقللون حركتهم».
من جهته، رجل الأعمال ياسر الربيعي أعطى مثالا على ما تقوم به المجاميع المسلحة دون حسيب ورقيب. وقال الربيعي لـ «الأخبار» إن «ضعف الوضع الأمني وانتشار مجاميع مسلحة مرتبطة ببعض الجهات السياسية أدت إلى استحواذ مجموعة مسلحة على قطعة أرض تبلغ مساحتها نحو 3000 متر، والقيام ببنائها دون علمنا»، مضيفاً «قمنا بالتوسط لحل القضية وتدخل الدولة إلا أنهم رفضوا تسليمها لنا، بحجة أن هناك الكثير من المواطنين لا يمتلكون قطع أرض».
من جانبه، كشف رئيس مجلس اتحاد رجال الأعمال العراقيين، راغب رضا بليبل، عن أن «العديد من رجال الأعمال تعرضوا لعمليات ابتزاز من قبل عصابات إجرامية تقوم باختطافهم، أو أحد من أفراد عائلتهم لطلب فدية مالية تصل إلى مبالغ خيالية»، موضحاً أن «التراجع الأمني ساهم بهجرة رجال الأعمال إلى خارج العراق، وتوقف بعض المشاريع».
أدى التراجع الأمني في بغداد إلى تقليل ساعات العمل من 8 ساعات إلى 6


وأشار بليبل في حديث لـ «الأخبار» إلى أن «الكثير من رجال الأعمال تعرضوا لعملية سرقة بعد خروجهم من المصرف، وأصبحوا يتخوفون الآن من استلام الصكوك المالية التي تصل إلى ملايين الدنانير»، مبيناً أن «هناك عوامل أاضافية أدت إلى توقف بعض المشاريع منها عدم إقرار الموازنة المالية للعام الحالي، وانتشار الفساد المالي والإداري».
ودعا بليبل الحكومة العراقية إلى «الإسراع بتوفير الأمن لرجال الأعمال واتخاذ إجراءات حازمة تسهل من عملهم منها القضاء على الفساد المالي والإداري والاهتمام بالمصارف الأهلية».
محمد الحيمداوي، صاحب مكتب لتجارة العقارات في بغداد أوضح في حديث لـ «الأخبار» أن «قطاع العقارات في العاصمة بغداد ومنذ احتلال «داعش» للموصل في حزيران الماضي أصيب بشلل شبه تام، وجعل المواطنين الذين يمتلكون أموال التوقف عن الاقدام على أي مشروع لأن مستقبل البلاد مجهول».
من جهته، لفت رئيس مجلس محافظة بغداد، رياض العضاض، إلى أن «تراجع الوضع الأمني في بغداد بعد زيادة التفجيرات وعمليات الخطف أدى إلى توقف عملية التنمية الاقتصادية، وهجرة رؤوس الأموال والمستثمرين الأجانب».
وأضاف العضاض في حديث لـ «الأخبار»: أن «التراجع الأمني أدى إلى تقليل ساعات العمل من 8 ساعات إلى 6 ساعات أو أقل»، مشيراً إلى أن «الشركات الأجنبية والمحلية المتعاقدة مع محافظة بغداد لم تغادر لأننا وفرنا لها جميع الإجراءات لحمايتها وتسهيل عملها، وخصوصاً أن حركتهم قلت وأصبحت محدودة جداً».
واعترفت الجهات الأمنية بوجود عمليات خطف في بغداد، حيث قال المتحدث باسم وزارة الداخلية، العميد سعد معن: إن «وزارة الداخلية بالتعاون مع عمليات بغداد شكلت لجنة للقضاء على ظاهرة الخطف في العاصمة بغداد»، مشيراً إلى أن «تعاون المواطنين مع الجهات الأمنية سيمكن من القضاء عليها بأسرع وقت ممكن».