بغداد | ينتهج رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، في عمله سياسة تصفير الأزمات مع القوى السياسية الداخلية، وفتح صفحة جديدة من العلاقات مع الدول المجاورة، على عكس سلفه، نوري المالكي، الذي اتهمه خصومه بتهميش شركائه وإقصائهم.
ولدت حكومة العبادي بعد توافق سياسي نادر، جاء على خلفية سيطرة تنظيم «داعش» على ثلث مساحة البلد، كما لاقت ترحيباً دولياً واسعاً، وخصوصاً من دول الخليج الساعية إلى الانفتاح على العراق، وبناء علاقات جيدة خلال الفترة المقبلة، بعدما شهدت العلاقات انكماشاً طوال فترة حكم المالكي.
وتعتبر حكومة العبادي حكومة زعماء، لأن جميع قيادات الكتل السياسية تمتلك مناصب كبيرة فيها، ما يجعل محاسبتها، على ملفات الفساد وسوء الإدارة من قبل البرلمان، عملية صعبة.
واستطاع العبادي، بعد مرور شهرين على تشكيل الحكومة، اتخاذ إجراءات فعالة لتطبيق برنامجه، الذي عرضه على البرلمان خلال جلسة صاخبة، وقوبل باعتراضات من قبل الكرد والسنة الذين طالبوا بضمانات لتحصيل حقوقهم.
برنامج العبادي سيواجه عقبات كبيرة في مجال الاقتصاد

وقال رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية، واثق الهاشمي، في حديث إلى «الأخبار»: «هناك بوادر جيدة لتحقيق برنامج العبادي خلال الفترة المقبلة، نتيجة التقارب الكبير بين الرئاسات الثلاث، الذي لم تشهد البلاد مثيله خلال السنوات الماضية»، مبيناً أن «تقدماً جيداً يحدث في برنامج العبادي على صعيدي الأمن والمصالحة الوطنية». وأوضح أنّ «ملف المصالحة الوطنية يشهد تفاعلاً كبيراً، من خلال اجتماعات مكثفة بين العبادي والرئيس العراقي فؤاد معصوم من جانب، وعشائر وقيادات سنية من جانب آخر، حيث سيعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية خلال الأيام المقبلة»، لافتاً إلى أن «العلاقة بين حكومتي بغداد وأربيل قد تشهد توتراً، لأنّ مطالب الأكراد غير واقعية، وحتى الوفد المفاوض الكردي مع بغداد غير مقتنع بها، لأنها مطالب رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني وليس الكرد».
وأضاف إن «العبادي تقدم خطوة صحيحة نحو أربيل، وعلى البرزاني أن يتقدم بمثلها، ولكن البرزاني يهدد دائماً باستقلال إقليم كردستان، وقد يحدث شرخاً في العلاقة بين بغداد واربيل بعدما قام إقليم كردستان بإرسال قوات من البشمركة إلى مدينة كوباني السورية دون موافقة البرلمان والحكومة في بغداد». وأشار إلى أن برنامج العبادي سيواجه عقبات كبيرة في مجال الاقتصاد، باعتبار أن ميزانية البلاد صرفت على الأجهزة الأمنية، والبلاد تواجه أزمة اقتصادية ومالية خانقة نتيجة هبوط أسعار النفط».
وتشهد العلاقات العراقية مع دول العالم، وبالخصوص دول الخليج وتركيا، تطوراً جيداً بعدما اتصفت، خلال حكم المالكي، بالفتور والانكماش اللذين انعكسا سلباً على الوضع الداخلي، حيث سيتوجه وزير الخارجية إبراهيم الجعفري إلى تركيا، من أجل الاتفاق على موعد لزيارة رئيس الوزراء التركي إلى بغداد.
وقال المحلل السياسي، محمد الربيعي، في حديث إلى «الأخبار»: إنّ «حركة مكوكية يقوم بها رؤساء الجمهورية والوزراء والبرلمان ووزير الخارجية لدول العالم، تهدف الى فتح آفاق جديدة، وإنهاء القطيعة الخارجية مع الدول المجاورة»، مضيفاً إن «السياسة الخارجية في زمن المالكي لم تكن على ما يرام، نتيجة عدم اتفاق الكتل السياسية، وامتلاك كل كتلة سياسة خارجية خاصّة بها، بمعزل عن سياسة البلاد، بينما أشرك العبادي، اليوم، جميع الكتل السياسية في رسم سياسة البلاد الخارجية».
ورأى أن «المسؤولين العراقيين يسعون إلى إبرام اتفاقات مع الدول المجاورة للحدّ من خطر تنظيم «داعش»، وقد نجح العبادي خلال زيارته الأخيرة للأردن في الاتفاق على ضبط الحدود بين البلدين، ومنع تسلل الإرهابيين، وتزويد المخابرات العراقية بمعلومات عن الإرهابيين».
وحققت القوات الأمنية، خلال الأيام الأخيرة، انتصارات في جميع جبهات القتال، باستثناء جبهة الأنبار التي خسرت فيها بعض المناطق، واتخذ العبادي إجراءات تصحيحية، بعد إلغاء مكتب القائد العام للقوات المسلحة، وإحالة بعض القادة الأمنيين على التقاعد أو تغييرهم.
وذكر الخبير الأمني، علي اللامي، أن «العبادي اتخذ خطوات مهمة على صعيد المؤسسة الأمنية، وتمكّن من تسمية وزيري الدفاع والداخلية، بعد شغور المنصبين طوال السنوات الأربع الماضية، إضافة إلى أنه ألغى مكتب القائد العام للقوات المسلحة، الذي أحدث باجتهاد من المالكي».
وأَضاف إن «العبادي وزّع القرار الأمني على الوزراء الأمنيين، وهي خطوة إيجابية، مبيّناً أن العبادي تسلّم البلاد، فيما 40% من مساحتها تحت سيطرة الإرهاب، أمّا اليوم فقد انخفضت النسبة إلى ما يقارب 30%، بعدما قامت القوات الأمنية بتطهير العديد من المناطق.
وأشار اللامي إلى أن «العبادي طالب وزيري الدفاع والداخلية بضرورة القيام بثورة للقضاء على الفساد المالي والإداري، والتعاقد مع شركات عالمية رصينة لتجهيز العراق بأحدث أجهزة كشف المتفجرات».