القدس المحتلة | تتوالى العمليات الفردية في القدس المحتلة. فبعد استشهاد عبد الرحمن الشلودي ومعتز حجازي اللذين نفذا عمليتي دهس وإطلاق نار في الأسابيع الماضية، تقدم الشهيد إبراهيم العكاري، يوم أمس، لينفذ عملية جريئة دهس فيها مجموعة من المستوطنين، ما أدى إلى مقتل ضابط ومستوطن وجرح 14 آخرين في منطقة الشيخ جراح في المدينة. وقالت شرطة الاحتلال إن العكاري (38 عاماً) دهس مستوطنين عند سكة القطار، ثم ترجل من سيارته (فان) وضرب آخرين بعصا حديدية كان يحملها حتى أطلقت الشرطة عليه النار.
ومن المقرر تشييع جثمان الشهيد ليلة الخميس بحضور 35 شخصاً فقط في مقبرة باب الرحمة الملاصقة للمسجد الأقصى، وفق محامي مؤسسة الضمير، محمد محمود، الذي توكل بقضية تسلّم جثمان العكاري، علماً بأن جنازة حجازي قبل أيام كان يشترط حضور 45 شخصاً فيها، لكن أهالي القدس تحدوا القرار الإسرائيلي وحضروا بما يزيد على مئة، وكذلك الأمر في جنازة الشلودي التي حددت بـ80 شخصاً آنذاك.
بفخر كبير يروي، منصور، وهو شقيق الشهيد العكاري، لـ«الأخبار»، أن شقيقه كان «يعشق المسجد الأقصى»، وأنّ اقتحامات المستوطنين والمواجهات التي حدثت صباح أمس وضرب النساء والاعتداء عليهن «استفزت مشاعر إبراهيم، ما دفعه إلى تنفيذ العملية». على مقربة منه، كان يقف نجل الشهيد، ويدعى أنس، الذي فوجئ بخبر استشهاد والده بعد رجوعه من المدرسة. يقول الطفل: «حاسس بالفخر لأن أبوي مات شهيد. دايماً كان يخبرنا أنه سيموت، ويخلينا نحفظ القرآن»، مضيفاً: «كان يخبرني أنا وأخي حمزة انو احنا رجال العائلة وعلينا الحفاظ عليها».
ميدانياً، يواصل الاحتلال لليوم الخامس على التوالي إغلاق المسجد الأقصى أمام من هم دون الخمسين عاماً، وتستمر اقتحامات المستوطنين، وهو ما يؤدي إلى مواجهات عنيفة داخل المسجد استخدم الاحتلال فيها القنابل الصوتية والغازية والرصاص المطاطي.
وقال المنسق الإعلامي في دائرة الأوقاف الاسلامية، فراس الدبس، إن قوات الاحتلال، في سابقة تحدث لأول مرة، اقتحمت «المصلى القبلي وأطلقت على المصلين الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية التي كادت أن تحرق سجاده». وأضاف الدبس لـ«الأخبار» أنه خلال هذه المواجهات «اقتحم أكثر من 70 مستوطناً الأقصى وجالوا ساحاته بدءاً من باب المغاربة، وصولاً إلى منطقة الحرش، ونفذوا دورة كاملة حول قبة الصخرة ثم خرجوا من باب السلسلة».
من جهة أخرى، قال مدير الإسعاف في الهلال الأحمر الفلسطيني، أمين أبو غزالة، إن المواجهات التي دارت في المسجد أوقعت 50 إصابة بشظايا قنابل الصوت والرصاص المطاطي، وصفت بالمتوسطة. وذكر أبو غزالة لـ«الأخبار» أن 11 إصابة حولت إلى مستشفى المقاصد، أما المواجهات التي دارت في مخيم شعفاط إثر استشهاد العكاري فنتج منها 37 إصابة اختناق بالغاز حُولت اثنتان منها إلى «المقاصد» أيضاً.
وكانت جرافات الاحتلال قد هدمت، صباح أمس، عقاراً قيد الإنشاء في قرية الطور شرق القدس المحتلة بذريعة «البناء من دون ترخيص»، والبيت تعود ملكيته إلى عائلة الهدرة. هنا يقول صاحب العقار حسن الهدرة، لـ«الأخبار»، إن قوات الاحتلال حاصرت المكان وأغلقت الطرق المؤدية إليه، «ثم باشرت بهدمه بسرعة»، موضحاً أن العقار بمساحة 650 متراً، وهو مكون من أربع شقق ومواقف سيارات.
الأردن يسحب سفيره ويقدم مع السلطة شكوى إلى مجلس الأمن


تعقيباً على ذلك، قال محافظ مدينة القدس عدنان الحسيني، لـ«الأخبار»، إن ما يجري في المسجد الأقصى هو إرهاب يمارسه الاحتلال، «ويجب على الأمة جمعاء الوقوف بجانب الفلسطينيين لمنعه»، مضيفاً أنهم يعملون جاهدين مع الأردن، الذي يمتلك السيادة على الأقصى، لمنع استباحة المسجد على أيدي المستوطنين، «وردعهم عن ممارسة تطرفهم داخل الحرم».
في السياق، استدعى الأردن، يوم أمس، سفيره لدى تل أبيب احتجاجاً على «الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة» في القدس. وقالت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية «بترا» إن «رئيس الوزراء عبد الله النسور، أوعز إلى وزير الخارجية استدعاء السفير للتشاور احتجاجاً على التصعيد الإسرائيلي المتزايد». ووفق الوكالة، أوعز النسور إلى الخارجية بتقديم «شكوى فورية إلى مجلس الأمن إزاء الاعتداءات على الحرم القدسي».
وفي وقت سابق، أعلن المتحدث باسم رئاسة السلطة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أن القيادة الفلسطينية قررت «التوجه إلى مجلس الأمن فوراً» لطرح مسألة التصعيد في الأقصى.
على صعيد آخر، أصدر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، يتسحاق أهرونوفيتش، تعليمات للجهات المعنية بدراسة إمكانية منع استيراد الألعاب النارية والمفرقعات التي يستخدمها الفلسطينيون في تظاهرات القدس. وأكدت مصادر عبرية أنه إذا تم إقرار الجهات المعنية لهذا المنع، فإنه سيجري تنفيذه بإصدار أمر مؤقت وفوري.