أعربت تل أبيب عن قلقها من فرص التوصل إلى اتفاق دائم بين دول 5+1 وإيران بشأن برنامج الأخيرة النووي، في وقت تكثر فيه المؤشرات الصادرة عن مسؤولين في الإدارة الأميركية، التي تفيد بأن واشنطن عازمة على حل المسألة النووية الإيرانية بالوسائل الديبلوماسية.وقال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، إن «اتفاقاً بين الولايات المتحدة وإيران، أو تمديد المحادثات حول قدرات إيران النووية، هما خياران سيئان من شأنهما المساهمة في ازدياد زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، والسماح للجمهورية الإسلامية بتطوير أسلحة نووية بسهولة نسبية».

وأكّد المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه، أنه خلال المحادثات النووية «خضعت الولايات المتحدة مراراً وتكراراً للمطالب الإيرانية، فيما لم تتراجع طهران عن مواقفها الأولية».
وتابع المسؤول الإسرائيلي، في مقابلة مع موقع «timesofisrael»، قائلا: «سيكون هذا اتفاقا سيئاً... إنّ عدد أجهزة الطرد المركزي التي وافقت الولايات المتحدة (على السماح للإيرانيين بتشغيلها)، آخذ بالارتفاع»، مضيفا: «هناك حديث عن 5.000 جهاز طرد مركزي، فيما من الواضح أنّ الإيرانيين لا يحتاجون إلى هذا العدد الكبير لأغراض مدنية».
وأكّد المسؤول أنه بات جليّاً إجراء إيران تجارب نووية في منشأة «بارشين» العسكرية السرية، التي منعت الحكومة الإيرانية مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من دخولها، برغم مطالبات مستمرّة من الوكالة بتفتيش الموقع. وأعرب عن استيائه من حقيقة أنّ «مشاريع التسلّح الأخرى، مثل مشروع الصواريخ طويلة المدى الإيرانية، لم يجر حتى تداولها في المفاوضات»، وقال: «الولايات المتحدة حريصة على إصلاح العلاقات مع الجمهورية الإسلامية للمساعدة على حل مسائل إقليمية أخرى، لأنها ترى في إيران محوراً مهماً نحو معالجة الصراعات في أفغانستان والعراق وسوريا واليمن»، مستدركا بأن «النظام الإيراني متورط بعمق في النزاعات المشتعلة في تلك البلدان».
وأكمل المسؤول الإسرائيلي: «المشكلة الإيرانية تُذكر حاليا بفيلم لتشارلي تشابلين، الذي يرسل ابنه لتكسير النوافذ حتى يتمكّن من إصلاحها»، في إشارة منه إلى فيلم «الطفل» من عام 1921.
وكان وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، قد قال مؤخراً إنّه يعمل على ممارسة ضغوط على واشنطن بشأن الاتفاق النووي «حتى لا تكون هناك كارثة»، فيما قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، بيرناديت ميهان، الخميس الماضي، إنّ مسؤولين من الولايات المتحدة وإسرائيل تعهدوا «التنسيق غير المسبوق» في هذا الشأن.
ولدى إيران ومجموعة 5+1 فرصة للتفاوض حتى الرابع والعشرين من الشهر الجاري، للتوصّل إلى اتفاقية أو الموافقة على تمديد المحادثات، لكن المسؤول الإسرائيلي رأى أنّ تأجيل المحادثات مع إيران من شأنه أن يعطي النظام الإيراني وقتاً للمضي في مشروعه النووي. وقال: «نبحث الوضع، وننظر إلى المكان الذي تقف فيه إيران حالياً، والمكان الذي جرى فيه رسم الخط الأحمر في السابق – 240 كلغ من اليوارنيوم المخصّب إلى 20%».
ومضى يقول: «لقد سُحبوا إلى الوراء بهذا المعنى، ولكنهم الآن على بعد عام واحد من بناء قنبلة، لا عشر سنوات، ونخشى من أنهم سيستغلون تخفيف المجتمع الدولي العقوبات لإنعاش اقتصادهم، وفي هذه الحالة، لن تكون للغرب عصا يهدّد بها إيران».
التعبير الإسرائيلي عن القلق يأتي على خلفية تصريحات لنائب مستشار الأمن القومي الأميركي، بن رودس، نشرت قبل أيام، وقال فيها إنّ التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران هو على رأس أولويات واشنطن، «وسيكون إنجازا كبيرا لسياسة الرئيس باراك أوباما الخارجية».
جاءت أقوال رودس خلال إيجاز قدمه إلى أعضاء الكونغرس قبل أسابيع، وكشف عنها، الجمعة الماضية، الموقع اليميني المحافظ «Washington free beacon». كما قال رودس في مداخلته: «إننا نفكر كيف نبني اتفاقاً حتى لا نضطر فوراً إلى عملية تشريعية (في الكونغرس)، وهناك أساليب لفعل ذلك». وتتناغم أقواله السابقة مع التصريحات التي نقلتها صحيفة «نيويورك تايمز»، الأسبوع الماضي، عن مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية، قال فيها إن الإدارة لا تنوي جلب الاتفاق مع إيران إلى الكونغرس للموافقة عليه.
ومن المقرر أن يُعقد في مسقط اجتماع بين وزراء خارجية الولايات المتحدة، جون كيري، والاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، وإيران، محمد ظريف، في التاسع من الشهر الجاري، ويرمي الاجتماع إلى محاولة تحقيق اختراق في المفاوضات النووية. بعد ذلك بأسبوع، أي في الثامن عشر، ستجري الجولة الأخيرة من المفاوضات في فيينا بين الوفد الإيراني ووفود دول 5+1.
وكان وفد إسرائيلي رفيع، برئاسة مستشار الأمن القومي يوسي كوهين، قد وصل الخميس الماضي إلى العاصمة الأميركية، من أجل إجراء محادثات أمنية مع المسؤولين هناك، تتركز حول الملف النووي الإيراني. وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، برناديت ميهان، إن «واشنطن شدّدت أمام الوفد الإسرائيلي على التزامها منع إيران الحصول على سلاح نووي»، مضيفة أنه جرى إطلاع الوفد على التقدم في المفاوضات (مع إيران) بشأن التوصل إلى «اتفاق دائم» حول برنامجها النووي.
يشار إلى أن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، قال خلال زيارة (السبت) إلى العاصمة الأميركية، إنّ «إيران توقفت عن الإجابة على أسئلة الوكالة بشأن جهودها في الماضي لتطوير أجزاء من القنبلة النووية». ورأى أمانو، أنّ إيران لم تلتزم تعهداتها القاضية بتسليم كل المعلومات المتعلقة «بالجوانب العسكرية المحتملة» لبرنامجها النووي.