تونس | لا يزال الحوار الوطني في تونس يلعب دوره في تحقيق التوافق بين الخصوم السياسيين، وقد استأنف أشغاله يوم أمس إثر الانتخابات التشريعية الأخيرة ليحسم مسائل بدأت في إحداث خلافات بين الأطراف السياسية في البلاد، وهي تكليف رئيس الحكومة المقبل ومواصلة المجلس الوطني التأسيسي لمهامه، فيما من المفترض أن ينتهي دور الحوار يوم 10 تشرين الثاني الحالي.

ومنذ تفاقم الأزمة السياسية في تونس خلال عام 2013 واشتدادها باغتيال كل من شكري بلعيد ومحمد البراهمي، ودخول البلاد في نفق مظلم بعد مطالبة المعارضة بإسقاط حكومة «الترويكا»، تدخلت المنظمات الراعية للحوار الوطني (الاتحاد العام التونسي للشغل، منظمة الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، الهيئة الوطنية للمحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان)، وعقدت أولى جلسات الحوار بين «حركة النهضة» وبقية أحزاب المعارضة الممثلة في المجلس الوطني التأسيسي، لتتوج أشغاله بتنحي حكومة علي العريض، وتم التوافق على شخص مهدي جمعة رئيساً لحكومة التكنوقراط.
«نداء تونس»: لا مجال لأن يبقى المرزوقي في قصر قرطاج

وكان من أبرز مهام تلك الحكومة تسيير أعمال البلاد حتى الانتخابات الحالية ومراجعة التعيينات التي أجرتها «حركة النهضة» وتحييد دور العبادة واسترجاع المساجد التي كانت تحت سيطرة اطراف متشددة. وكانت جلسات الحوار الوطني قد تتابعت أيضاً خلال فترة المصادقة على فصول الدستور (كانون الثاني 2014).
كذلك، لم ينته الحوار الوطني، بل واصل مراقبة حكومة مهدي جمعة والتثبت من تقيدها بخريطة الطريق، كما تتبع المسار الانتخابي ودعا في أكثر من مناسبة رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، شفيق صرصار، لشرح كل مراحل العملية الانتخابية، ما أوجد لها دعما سياسيا.
وطرح في جلسة الأمس مسألة «مأسسة» الحوار الوطني، لكن قياداته لاتزال تفكر في هذا النهج ولم تقرر بعد بهذا الخصوص.
وتكمن أهمية جلسة الأمس بأنها تعقد مع بوادر تشكل أزمة سياسية محورها الرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقي، الذي يرفض حزب «نداء تونس» أن يستفيد من النص الدستوري وأن يتولى بالتالي تكليف رئيس الحكومة الجديد.
ويصر «نداء تونس»، وفق تصريح القيادي فيه عبد العزيز القطي لـ«الأخبار»، على أنه لا مجال لأن يبقى المرزوقي في قصر قرطاج و«أنه فقد أي شرعية»، ومما زاد في تأزم وضعية المرزوقي أكثر، حصول حزبه الذي يترأسه شرفيا (المؤتمر من أجل الجمهورية) على أربع مقاعد فقط في البرلمان.
وقد قررت أقطاب الحوار يوم أمس، حرمان المرزوقي من مهمة تكليف الحكومة الجديدة وذلك بإرجاء دعوة ممثل الحزب الفائز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات التشريعية إلى غاية انتخاب رئيس الجمهورية، وتم التوافق على أن تواصل الحكومة الحالية مهامها خلال شهر تشرين الثاني الحالي.
وأكدت جلسة الحوار الوطني على وجوب احترام مقتضيات الدستور في ما يخص تسليم السلطة التشريعية إلى البرلمان المنتخب. وينص الدستور على أن يواصل المجلس التأسيسي مهامه إلى حين انتخاب «مجلس نواب الشعب>> (البرلمان)، ويدعو رئيس المجلس المنتهية صلاحيته أعضاء المجلس الجديد إلى جلسة عامة يتم خلالها نقل السلطة التشريعية إلى النواب الجدد في أجل لا يتجاوز الأسبوعين.
وقال أمين عام «اتحاد الشغل»، حسين العباسي، بأنه على الأحزاب الفائزة في الانتخابات الاتصال برئيس «التأسيسي»، مصطفى بن جعفر، للتنسيق حول انعقاد جلسة الافتتاحية للبرلمان.