القاهرة | تصعيد آخر تشهده العلاقات المصرية التركية حالياً بعد قرار القاهرة منع مرور الشاحنات والسفن التركية على الأراضي المصرية إلى دول الخليج، وفقاً لما كانت تنص عليه اتفاقية "الرورو» الموقعة عام 2012 التي اتخذت القاهرة قراراً رسمياً بإلغائها.
ويرسم القرار المصري فصلا آخر من فصول المواجهة التي اتسمت بها علاقة القاهرة وأنقرة منذ عزل الرئيس «الإخواني» محمد مرسي وهذه المرة من بوابة العلاقات الاقتصادية التي تشهد اليوم تأزماً بعدما شهدت تطوراً منذ اتفاقية التجارة الحرة عام 2010.
وكان البلدان قد وقعا في آذار 2012 اتفاقية «الرورو»، التي تنص على تسهيل نقل صادرات البلدين لمدة ثلاث سنوات تنتهي في 29 نيسان 2015، عن طريق استغلال الموانئ المصرية لنقل الصادرات التركية، من المواد الغذائية والأجهزة الكهربائية والمنسوجات إلى دول الخليج العربي، بعد إغلاق السلطات السورية المعابر أمام حركة التجارة التركية المتجهة إلى الخليج.
يقدر عدد الشركات التركية في مصر بحوالى 295 شركة يعمل فيها 52 ألف عامل مصري

وبعيد فترة «الازدهار» في العلاقات بين البلدين وصل يومها حجم التجارة البينية بينهما إلى 3 مليارات دولار بعدما اتفق يومها البلدان ضمن اتفاقية التجارة الحرة على إلغاء تأشيرات الدخول بين مصر وتركيا وزيادة رحلات الطيران وفتح فروع للبنوك التركية في القاهرة والمصرية في أنقرة لتيسير وتشجيع حركة الأفراد ورؤوس الأموال والسلع والبضائع.
وزير الصناعة المصري، منير فخري عبد النور، كشف في حديث لـ «الأخبار» أن قيمة الاستثمارات التركية في مصر تبلغ 2،5 مليار دولار، ويعمل فيها أكثر من 52 ألف عامل مصري خلال السنوات الثلاث الماضية فقط. وعلى الرغم من قرار القاهرة الأخير، حذر عبد النور من إلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، التي بموجبها تستفيد مصر، قائلاً «علينا قبل إلغائها التفكير فيما إذا كانت ستضر بمصالحنا أم لا».
أستاذ العلاقات الاقتصادية في جامعة القاهرة، مروان إبراهيم، أشار إلى أن ازدهار العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا في الفترة الماضية ساهم بوصول عدد الشركات التركية في مصر إلى حوالى 295 شركة يعمل فيها 52 ألف عامل مصري.
وأضاف إبراهيم في حديث لـ «الأخبار» أن الاتفاق المعلن خلال فترة الترابط الاقتصادي بين مصر وتركيا جعل حجم التجارة البينية يصل لـ 10مليارات دولار.
من جهتها، أوضحت أستاذة الاقتصاد في الجامعة الأميركية، منال الجزار أن «تأزم العلاقات الاقتصادية المصرية ـ التركية سببه موقف تركيا السياسي المعادي للنظام السياسي في القاهرة، وهو ما جعل القاهرة تتجه إلى إلغاء الاتفاقيات الاقتصادية مع تركيا».
بدوره يشدد استاذ الاقتصاد في جامعة بورسعيد، نبيل عبد الدايم على أن تركيا ستكون الخاسر الأكبر من تأزم العلاقات الاقتصادية. وقال عبد الدايم في حديث لـ «الأخبار» إن توتر العلاقات السياسية بين مصر وتركيا سيؤثر على كل الاتفاقيات التجارية والاقتصادية بين البلدين"، مستبعداً في الوقت عينه "حدوث قطيعة نهائية، وخاصة أن هناك إقبالا متزايدا من قبل رجال الأعمال الأتراك على فتح شركات لهم في مصر باستثمارات وصلت حتى الآن إلى 2 مليار دولار، وهو ما عده « مؤشرا سلبيا في حقبة الحكم التركية الحالية، برئاسة رجب طيب أوردغان لأنها تعكس رفض رجال الأعمال الأتراك لسياسته الاقتصادية مع بلد بحجم مصر».
وأشار عبد الدايم إلى أن اتفاقية «الرورو» ضخت لمصر 13 مليون و580 ألف دولار خلال مدة التوقيع، و«لكن اعتبارات الأمن القومي لمصر تأتي فوق البعد الاقتصادي والتجاري»، وفقًا لقوله.
إضافة إلى اتفاقية «الرورو» ترتبط مصر وتركيا باتفاقيات اقتصادية عدة، أهمها اتفاقية التجارة الحرة عام 1976 وإلغاء الضرائب بين الطرفين في 1993 واتفاقية التعاون الاقتصادي والتقني الموقعة عام 1994 واتفاقية التجارة الحرة الموقعة عام 1996 التي تعد تجديداً لاتفاقية التجارة الحرة عام 1976.
علماً أن تركيا أشارت إلى أنها تخطط لتكون مصر بوابة تجارتها لدول الخليج ثم آسيا، لكن هذه الاتفاقيات دخلت مرحلة الترهل وعدم التنفيذ في ظل توتر العلاقات بين الدولتين، بعد سقوط «الإخوان المسلمين» في مصر.





4 مليارات دورلار قيمة التبادل التجاري بين البلدين

قدرت المدرّسة المساعدة في قسم الاحصاء في جامعة بنها، آمال الزاهر في حديث لـ «الأخبار» حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا بنحو أكثر من 4 مليارات دولار، مشيرةً إلى أن العلاقات شهدت تطوراً إيجابياً فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، وكان يُتوقع أن تشهد زيادة الاستثمارات التركية في مصر ليبلغ حجمها الـ 10 مليارات دولار، والرقم نفسه لحجم التبادل التجاري.
وذكّرت الزاهر بحزمة المساعدات التي قدمتها تركيا إلى مصر في ٢٠١٢ ومنها المنحة النقدية بقيمة ٢ مليار دولار، التي لا ترد من أجل تمويل الواردات المصرية من تركيا، ومليار دولار قرضاً من أجل تحسين أوضاع الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي.
ولفتت زاهر إلى أن القطاع السياحي تأثر أيضاً بتأزم العلاقات، موضحةً أن الأرقام سجلت تراجعا في أعداد السياح من كلا البلدين، التي كانت تقدر عدد المصريين الذين يسافرون إلى تركيا سنوياً بنحو 60 ألف سائح مقابل عدد قليل لا يتجاوز الـ10 آلاف من السياح الأتراك.