القاهرة | في ظلّ استمرار محاولات رجال أعمال النظام السّابق، الذين لا يزالون يسيطرون على السوق الاقتصادي المصري، للعودة إلى صدارة المشهد السياسيّ، والإمساك بزمام الأمور، يبدو الصراع على أشدّه بينهم وبين رجال الرئيس الجديد، عبد الفتاح السيسي، الأمر الذي دعا بعض الجهات الحكوميّة السياديّة لإرسال رسالة إلى رجل الأعمال أحمد عز، خلاصتها: "عليك التزام الصمت الشامل أو توقّع العقاب الصّارم"، حسبما نشرت جريدة "الشروق" المصرية في عددها الصادر أمس.
وكانت آخر هذه المحاولات، ما كشفت عنه مصادر سياسية قريبة من أمين التنظيم السابق في "الحزب الوطني" المنحل، رجل الأعمال أحمد عز لـ"الأخبار" بأنه جدّد أعمال مؤسسته الخيرية "مؤسسة العز" عقب خروجه من السجن مباشرة، في أوائل آب الماضي، التي كانت قد جُمدت أعمالها لدى دخوله السجن، متّهماً بقضايا متعلقة بغسل الأموال والكسب غير المشروع، إبان "ثورة 25 يناير".
يذكر أنّ عز، رجل مبارك الأول، ومحتكر سوق الحديد بمصر، اقتصاديّاً، كان قد أخلي سبيله في 7 آب بعد تسديد الكفالات المستحقة منه عن قضايا متهم بها منذ "ثورة يناير".
وقالت مصادر إنّ "الرسالة (المذكورة) كانت ردّاً على التحركات السابقة، التى وصفتها بعض الدوائر بأنها غريبة ومريبة وخطيرة لرجل الأعمال البارز، واستقباله مرشحين محتملين لمجلس النواب المقبل، بل وخروج تسريبات بأنه ينوي الترشّح للبرلمان عن دائرة منوف".
ورصدت هذه الدوائر أنّ الذين توافدوا على أحمد عز، طلباً للدعم المالي والتأييد، لم يكونوا فقط من بقايا "الحزب الوطنى"، بل من أحزاب أخرى كانت تهاجم عز وحزبه حتى "25 يناير 2011". وقال المصدر إنّ "أكثر ما أزعج مؤسسة الرئاسة، هو تصوّر البعض أن تحركات عز كانت بتأييد حكومي". إضافة إلى أنّ هذه التحرّكات تعطي حجّة قوية لجماعة الإخوان، وأنصارها، للقول بأنّ نظام حسنى مبارك قد عاد بالفعل إلى السلطة، وبحسب مصدر حكومى بارز فإنّ "هذا ليس صحيحاً بأي حال".
وأوضحت المصادر، التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها، أنّ نوّاب "الحزب الوطني" السابقين، طلبوا لقاء عز أكثر من مرّة، وكثفوا جلساتهم التي بلورت شكل دعمه لهم ماليّاً ولوجستيّاً، نظراً إلى خبرته السابقة في إدارة الانتخابات البرلمانية، ولقدرته سابقاً على دعم "الحزب الوطني" للحصول على أغلبية ساحقة في برلمان طاولته اتهامات التزوير لمصلحة مبارك ونجله، لتعقبه "ثورة 25 يناير"، التي أطاحت عز.
وقالت مصادر لـ"الأخبار" إنّ "مؤسسة عز الخيرية" عاودت، من مقرها في المنوفية، تكثيف خدماتها الاجتماعية للمواطنين في المحافظة، وجدّدت مشاريعها، مثل توفير وسائل نقل لتسهيل نقل المواطنين والطلاب، فضلاً عن مساعدة المرضى والمحتاجين.
إلى ذلك، لا يزال بعض من رجال النظام السابق يحاولون العبور إلى البرلمان المقبل عبر تحالفين: "الوفد المصري" الذي يضم أحزاب (الوفد، المصري الديموقراطي، الإصلاح والتنمية، المحافظين)، و"الجبهة المصرية" الذي يضم أحزاب (المؤتمر، الحركة الوطنية، الجيل، وحركة مصر بلدي، وكذلك حزب المصريين الأحرار، الذي أسّسه رجل الأعمال نجيب ساويرس).
من جانبهم، حاول أعضاء "حزب الوفد" الرافضين لمحاولات "الحزب الوطني" مواجهة توجهات الحزب بالاحتجاج داخله تارة، والتظاهر تارة أخرى. وتمثلت آخر هذه المحاولات بتنظيم "جبهة تحرير الوفد" بعض الوقفات الاحتجاجية ضد سيطرة "الحزب الوطني" على مقدّرات "حزب الوفد"، وفصل أعضاء "الوطني" من الحزب. وأصدرت الجبهة بياناً، خلال الوقفة، يحتوي على أسماء رجال "الحزب الوطني" السابقين، الذين بدأ الوفد بجدولتهم ضمن مرشحيه للانتخابات البرلمانية المقبلة، يتضمّن ما يزيد على أربعين اسماً، أبرزهم: ياسر الهضيبي، هاني الناظر، اللواء محمد إبراهيم، محمد الحنفي، ومصطفي الفقي.
ويرى المراقبون أنه رغم محاولات الرئيس عبد الفتاح السيسي لتجنّب الصدام مع هؤلاء الرجال، بإصدار قانون "العزل" لمنعهم من خوض الانتخابات البرلمانية، إلا أنه يُجري مفاوضات حثيثة، غير معلنة، ليتصدّر قوائم أغلبية الانتخابات المقبلة رجال لا غبار عليهم، ولا جدال، كي لا يقع النظام قبل أن يبدأ مرحلته.