تونس | ضرب الإرهاب مجدداً في تونس قبل يومين من توجه الناخبيين إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية يوم الأحد المقبل. وفيما سعت الحكومة إلى طمأنة التونسيين إلى استتباب الأمن وسيطرتها على الموقف على الأرض، إلا أن ذلك لم يبدد خوف التونسيين من استهداف المجموعات الإرهابية للانتخابات، الامر الذي سينعكس حتماً على نسبة مشاركة التونسيين في التصويت يوم الأحد.
وكانت تونس قد شهدت أمس حادثتين إرهابيين في منطقتين مختلفتين، الأولى في محافظة قلبي الجنوبية قتل فيها مواطن وأصيب عنصر من أجهزة الدولة. والثانية حصلت في منطقة واد الليل المجاور للعاصمة، قتل خلالها عون أمن من الوحدات الخاصة على يدّ مسلحين.
الناطقان الرسميان باسم وزارتي الداخلية والدفاع سعيا إلى طمأنة الجميع إلى أن «كل شيء بخير» وأن دورية للجيش تعرضت لاعتداء بانفجار لغم في منطقة ساقية سيدي يوسف في محافظة الكاف عند الحدود الجزائرية (160 غربي العاصمة) لم يؤدِّ سوى إلى اصابة جنديين بجروح بسيطة.
وأوضح الناطقان أن الانفجار غير مرتبط بالعمليات ضد المجموعات الإرهابية في كل من محافظة قبلي (500 كلم جنوبي العاصمة)، وفي منطقة واد الليل، في إقليم تونس الكبرى (12 كلم عن مركز العاصمة).

الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع، بلحسن الوسلاتي، أوضح في تصريح لـ «الأخبار» أن لغما أرضيا بدائي الصنع انفجر لدى مرور دورية عسكرية كانت تقوم بتمشيط منطقة سيدي يوسف بالكاف دون أن يؤدي إلى إصابات خطيرة، لافتاً إلى أن هذا الأمر يحدّث دائماً في المناطق التي يتحصّن فيها الإرهابيون، في إشارة إلى انفجار ألغام في أكثر من مناسبة في منطقة جبل الشعانبي (محافظة القصرين)، وجبل ورغة وجبال منطقة ساقية سيدي يوسف (محافظة الكاف).
الخطاب الباحث عن طمأنة التونسيين قبيل فتح صناديق الاقتراع بـ 72 ساعة، كرّره الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، محمد علي العروي. العراوي وفي تصريح لـ «الأخبار» قدم أحداث أمس على أنها «عمليات أمنية» لا اعتداءات إرهابية. وأوضح أن روايته للأحداث «تنطلق من أن وزارة الداخلية تحصلت على معطيات تفيد بنية شخصين ينتميان لكتيبة عقبة ابن نافع الموالية لتنظيم القاعدة تنفيذ عملية إرهابية في محافظة قبلي، عبر استهداف مجموعة من السياح في منشأة سياحية».
وبحسب العروي فإن «هذه الخطة التي وضعها الإرهابيان، مبروك سالم والهاشمي الميدني، استوجبت قتل حارس المنشأة الترفيهية صالح بن حمد النصايري وأخذ مكانه، وهو ما جرى لهما فجر يوم الخميس، باستعمال رصاصتين أصابتا الرجل في الظهر، قبل أن تتدخل الوحدات الخاصة في جهاز مكافحة الإرهاب، التابعة للجيش والحرس الوطني، لتنتهي العملية بالقبض على الإرهابيين في حدود الساعة 6 صباحاً»، وفيما كانت القوة الخاصة تنهي العملية الإرهابية في قبلي، انطلقت في التوقيت نفسه عملية منطقة واد الليل المجاورة للعاصمة، بمحاصرة منزل في حي «شبّو» الشعبي يتحصّن فيه إرهابيان لم تفرج السلطات عن هويتيهما، وأدى تبادل متقطّع لإطلاق النيران بين الإرهابيين والقوات المشتركة إلى مقتل رجل أمن من الوحدات الخاصة، أشرف بن عزيزة، هذا وقد طوقت القوات المشتركة المكان وأغلقت كلّ الطرق المؤدية اليه، ومنعت الصحافيين من الاقتراب منه.
جوهر الرواية الرسمية هو أن الأحداث «عادية ومتوقعة»، ولا تستدعي الذعر الذي أصاب الجميع صباح أمس، لكّن المعطيات التي أدلى بها مصدر أمني من غرفة العلميات، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ «الأخبار»، تفيد بأن «بلاغا تلقته مصالح وزارة الداخلية بسماع صوت إطلاق نار صادر من فضاء ترفيهي في محافظة قبلي دفع بالقوات المشتركة، بين الجيش والحرس الوطني والأمن، إلى التوجه للمكان لتشتبك لدى وصولها مع الإرهابيين قبل أن يسلما نفسيهما في حدود الساعة الخامسة صباحاً، ويدليا بمعطيات تتعلّق بوجود مجموعة ثانية في منطقة واد الليل، تخطّط للقيام بعمليات إرهابية، ليقع نقل المعطيات إلى الوحدة المركزية في العاصمة التي أصدرت تعليمات بالتدّخل العاجل ضد الإرهابيين».
رواية المصدر الأمني تضمنت أيضاً إشارة إلى أن «قوات الأمن التي حاصرت المنزل الذي يتحصّن فيه الإرهابيان منذ الساعة 6 صباحاً، لم تتمكن من اقتحامه بسبب وجود نساء وأطفال فيه، وحدّد هوية هؤلاء بأنهم «زوجات وأبناء الإرهابيين» دون تحديد عددهم لغياب المعلومة عن الأجهزة الأمنية التي قطعت شبكة المياه والكهرباء والهاتف عن المنطقة المحاصرة بعدما تعثّرت مفاوضات إخراج الأطفال والنساء من المنزل».
واستمرت محاولة إجبار الإرهابيين على ترك زوجاتهما وأطفالهما يغادرون المنزل في ظل انعقاد اجتماع مفتوح لخلية الأزمة برئاسة رئيس الحكومة، المهدي جمعة انطلق منذ صباح أمس لتدارس الوضع الأمني في البلاد بعد الأحداث الأخيرة، ولمتابعة سير الخطة الأمنية لحماية الانتخابات، وتقويم تطورات الوضع في ليبيا على تونس، وفق ما صرّح به المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة.