القاهرة | «فالكون فالكون فالكون ايه.. اتخن منها ودوسنا عليه»! هكذا ردد في اليومين الأخيرين آلاف الطلاب في جامعات مصر المختلفة لإعلان تحديهم الإجراءات الأمنية غير المسبوقة، باستدعاء شركات أمن خاصة لتأديب «الطلاب المشاغبين»، في آخر معاقل المعارضة، خصوصاً تلك الإسلامية.
وفي ست ساعات فقط، هي عمر «المعركة»، نجح الطلاب الغاضبين من طرد شركة الأمن الخاصة من ساحات جامعات عدة ليحطموا وهم فرض الاستقرار بسلاح البطش على طلاب كانوا هم بالذات وقوداً لـ«ثورة» ما زالت أصداؤها تعتمل في النفوس.
مرارة الهزيمة أذهلت حكومة رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، ودفعت وزير التعليم العالي، أحمد عبد الخالق، إلى أن يخرج قائلاً إن طلاب «الإخوان» لن تستطيع قهرهم سوى «الفرقة 777» العسكرية، بينما هدد الإعلامي، عمرو أديب، طلاب الجامعات المعارضين بقوله: «إحنا حنطلع عين أبوكو».
مشهد طلاب الجامعات المصرية يختصر وضع الوطن بأكمله

لكن طلاب مصر في معركة الحرية، لم يغنموا فقط انتصاراً معنوياً مهماً بعد مداهمات أمنية انتهت باعتقال نحو 80 طالباً؛ فسرعان ما أصدرت حركة طلاب ضد الانقلاب، «الذراع الطلابية لجماعة الإخوان المسلمين»، بياناً مساء أول من أمس، جاء فيه: «استطاع الطلاب أن يحطموا كل آمال العسكر في القضاء على ثورتهم، وسجلوا انتصاراً حقيقياً في معركة الإرادة والصمود، ندعو إلى وحدة الصف للحركة الطلابية دفاعاً عن كرامة جامعتنا»، وتابع البيان بأن «القمع وكبت الحريات وسلب الحقوق لا يفرق الطلاب»، مضيفاً: «إنهم سيقاومون صفاً واحداً».

في المقابل، إن «موقعة الجامعة» التي شارك فيها طلاب من كافة الاتجاهات السياسية والمستقلين لمواجهة الإجراءات الاستبدادية، دفعت بدورها، كما يقول أسامة أحمد، الطالب والقيادي في «حركة الاشتراكيين الثوريين»، كل القوى السياسية إلى التوحد. وأشار إلى أنه «خلال الأيام المقبلة سيُعلَن تشكيل ائتلاف طلابي عريض يضم طلاب قوى سياسية عديدة، بعضها منسجم مع خريطة طريق النظام الراهن، والآخر ضد ما يطلق عليه حكم العسكر منذ 3 تموز 2013، وهي: الحزب الديموقراطي الاجتماعي، الدستور، مصر القوية، العيش والحرية، 6 أبريل، التيار الشعبي، حركة مقاومة، والاشتراكيون الثوريون، وبدعم وتأييد من أعضاء هيئة التدريس وحركة 9 مارس لاستقلال الجامعات».
وأوضح أسامة أن «الائتلاف يعمل على القواسم المشتركة بين القوى السياسية، وهي النضال من أجل الحقوق والحريات الطلابية، الإفراج عن المعتقلين وعودة المفصولين بسبب نشاطهم السياسي للجامعة». ولفت في تصريحاته لـ«الأخبار»: «قررنا إطلاق مصطلح الائتلاف كي يعطي انطباعاً باستمرارية الاصطفاف ما دام الوضع يفرز مطالب مشتركة، وكي يعبّر إعلامياً وسياسياً عن اصطفاف سياسي يحاول مواجهة هجوم الدولة، ويسعى بصبر ومراكمة، في ذات الوقت، إلى كسب تأييد الطلاب من طريق العمل على البنود المطلبية».
ويبدو «الائتلاف» مرشحاً كي يكسب كل يوم مساحات أكبر، فالقبضة الأمنية التي وصلت إلى الإعلان عبر شاشات التلفزيون عن الاستعانة بعدد من الطلاب للتجسس على زملائهم الناشطين سياسياً داخل كل جامعة، دفعت المراقبين إلى الحديث عن أن الجامعة المصرية، التي تأسست عام 1908، باتت تعيش حالياً في فترة سيئة.
ونتيجة لهذا الوضع، بدأ حلفاء النظام بالأمس، يجهرون بالمعارضة. وفي هذا السياق، أكد الإعلامي الشهير محمود سعد، أن الدولة تميل إلى البطش تجاه المعارضين، محذراً السيسي، بقوله: البطش مش كويس عليك شخصياً، لأن منعرفش الأيام تروح فين... الدنيا ضيقة». وأضاف سعد في برنامج «آخر النهار»: «النهاردة الصبح اتقبض على 40 طالباً من بيوتهم في الفجر... والرئيس قال معنديش في عهدي حاجات من دي... وطلع عنده».
غير أن نشوة «الانتصار» جعلت بعض المحللين الإسلاميين يقفزون لاستنتاجات من نوع مطالبة السلطات بخريطة طريق جديدة، غير تلك التي أعلنها السيسي في تموز 2013. صحيح أن حركة المرور بالقاهرة قد شلت تماماً، أول من أمس، نتيجة لتكدس عربات الأمن المركزي حول الجامعات، ولكن تغيير مسار خريطة الطريق يحتاج بالتأكيد إلى أن تجري مياه كثيرة في النهر.
ويجادل المفكر الإسلامي، جمال سلطان، في تصريحات صحافية عقب التظاهرات الطلابية، قائلاً إن «العقل الأمني يتجه بمصر نحو الهاوية، ولا نجاة من هذا المستقبل الكئيب إلا بمراجعة شاملة لطريقة إدارة الدولة، وتنحية خبراء القبضة الأمنية عن إدارة المشهد صراحة أو من وراء ستار، والدعوة لمؤتمر وطني حقيقي وجاد للبحث عن خريطة طريق أخرى أو بديلة، تصحح المسار المنحرف والفاشل، الذي عرفته مصر منذ 3 تموز 2013 وحتى الآن، وتحقق مصالحة وطنية شاملة».
وفي السياق ذاته، قال القيادي في «التحالف الوطني لدعم الشرعية»، سعد فياض، إن مشهد طلاب الجامعات يختصر وضع الوطن بأكمله. وأضاف، في تدوينة عبر صفحته على موقع «فايسبوك»: إن «مؤسسات مدنية كالجامعة تحت احتلال العسكر»، مشيراً إلى أن «الأصل في الطالب أصبح أنه متهم ومحل اشتباه وتفتيش وإهانة»، وأوضح أن سيطرة النظام «منعدمة بالقبول الشعبي ولا يمكن إقرارها إلا بالقمع فقط». وتابع: «هذا هو اختصار المشهد في مصر بأكملها، قمع عسكري وسور شائك يتناسب مع رعب الطاغية ودعم خارجي وخوف شعبي ممتزج بالسخط وعزيمة أحرار لا تلين».
ويشكك فكري نبيل، الباحث في النظم السياسية المقارنة في الجامعة الأميركية في القاهرة، في تراجع قادة «الإخوان» خطوة للوراء من أجل إتاحة الفرصة لتفعيل حركة طلابية موحدة تستطيع مقاومة أشكال التعسف المختلفة. ويرى نبيل، في تصريحات لجريدة «الأخبار» أن «السؤال الذى يجب أن يطرح هو: هل سيقوم طلاب الإخوان بالتحرر من سياسات قياداتهم فى كيفية الدفاع عن حقوقهم، وهل ستستجيب القيادات الإخوانية؟»، مجيباً: «للأسف لا، فتربية شباب الإخوان لا تسمح لكادر بالتمرد على قيادته». ويتابع قائلاً إن «قيادات الإخوان تربوا على الصفقات، التي تجرى في عروقهم مجرى الدم، ولا أعتقد أنهم سيسيرون مع حراك الجماهير حتى النهاية لرفع الحالة المفروضة على الطلبة، فهم يستخدمون الأحداث للضغط حتى مرحلة معينة ليجلسوا على طاولة المفاوضات للحصول على المكاسب، وهو ما يجيدونه».
ويلفت إلى أن «السلعة الوحيدة، التي يملكها النظام الحالي ويروج لها من 30 يونيو (حزيران)، وحتى الآن، هي خروج الحشود الكارهة لحكم الإخوان، ولو استمر النظام الحالي باللعب على هذا العامل وحده سوف يتم استنفاده، لأن الناس عندما يشعرون بتهديد للقمة عيشهم لن يفرقوا بين الإخوان والعسكر».
ويختتم كلامه قائلاً: «حتى الآن لا يوجد نضج لدى القيادات السياسية الحزبية المتنوعة للتعامل مع متطلبات المرحلة بواقعية، فما زالت هناك حالة من التخبط والأوهام، ولكننا نأمل أن يتمكن الحراك الطلابي من خلق معادلة سياسية جديدة، تستطيع خوض معركة استعادة الديموقراطية في مصر».







كيري يلتقي السيسي في القاهرة: تشديد على المجتمع المدني... و«الأباتشي»


شدد، أمس، وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، خلال لقاء مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على أهمية الحفاظ على «حيوية» المجتمع المدني في مصر، بحسب مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية. وقال المسؤول إن «اللقاء كان ممتازاً» وتناول القضايا الإقليمية والعلاقات الثنائية.
وأوضح أن كيري، الذي غادر القاهرة قبيل ظهر أمس متوجهاً إلى باريس، بحث مع الرئيس المصري «مؤتمر إعادة إعمار غزة» الذي عقد يوم الأحد في القاهرة «وكيفية البناء عليه للمضي قدماً إلى الأمام».
وأكد أن كيري ناقش مع السيسي كذلك العلاقات الثنائية و«شدد على أهمية أن يتمتع المجتمع المدني المصري بالحيوية وأن يمنح «كل المصريين مساحة لأسماع أصواتهم». وأوضح كيري للسيسي أن الولايات المتحدة تريد أن تساعد مصر في مساعيها للنمو والازدهار اقتصادياً وفي مجال مواجهة أزمة الطاقة، بحسب المسؤول نفسه.
في غضون ذلك، قالت الرئاسة المصرية، أمس، إن كيري أبلغ الرئيس المصري بأن واشنطن ستسلم طائرات «الأباتشي» للقاهرة الشهر المقبل. ووفق البيان، قال السفير علاء يوسف، المتحدث باسم الرئاسة المصرية، إن «اللقاء تناول عدداً من الموضوعات التي تتعلق بالعلاقات الثنائية والتطورات السياسية في مصر، حيث أكد الوزير كيري دعمَ بلاده للإصلاحات الجارية في مصر، ولا سيما جهود التحول الاقتصادي»، موضحاً أنه «طائرات الأباتشي ستُوَرَّد إلى مصر خلال الشهر المقبل». ويشار إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول أميركي أو مصري، عن موعد محدد لتسليم طائرات «الأباتشي» لمصر.
وكان قائد القوات الجوية المصرية، الفريق يونس المصري، قد قال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء المصرية الرسمية في وقت سابق أمس، إن بلاده ستتسلم صفقة مروحيات «الأباتشي» من الجانب الأميركي قريباً، دون أن يحدد موعداً زمنياً للتسليم.
وأعلنت الولايات المتحدة الأميركية في 29 آب الماضي تنفيذ صفقة مروحيات «الأباتشي» الأميركية مع القاهرة لتمكين الجيش المصري من التصدي للجماعات الإرهابية في سيناء (شمال شرق)، دون بيان موعد محدد لتسليمها.
(أ ف ب، الأناضول)