غزة | حتى لحظة اقتحام المطر البيوت المؤقتة للنازحين الفلسطينيين، والمواطن أبو محمد النجار يفضل المكوث في العراء على الاستظلال بكرفان. قال إنه لا يقي حر الشمس ولا برد الشتاء، ولا يغني النازحين عن ستر أنفسهم بعد أن باتوا في العراء بفعل الحرب.

فقط 75 نازحاً من بلدة خزاعة المتاخمة للحدود مع إسرائيل من الناحية الشرقية لقطاع غزة قبلوا الكرفان بديلاً مؤقتاً من بيوتهم المهدمة بانتظار أن يفي المانحون بإعادة إعمار نحو 9 آلاف مسكن مهدمة كلياً، و8 آلاف آخرى هدمت جزئياً.
وتكشف أجوبة المواطنين عن سؤال متعلق بتفضيل العراء على المكوث في الكرفان المصنعة محلياً حجم الاستياء الشعبي من هذه البيوت الصغيرة التي جاءت بغية إغاثة المتضررين مع اقتراب موسم الشتاء، وخصوصاً أنها من الناحية العملية لا تلبّي أدنى طموحهم في مسكن متواضع.
المواطن خالد قديح قال لـ«الأخبار» إن امتناعه عن قبول الكرفان الذي يعيد في شكله ومكان إقامته «الذاكرة إلى حالة اللجوء التي عاناها الفلسطينيون إبان نكبة 1948»، هو مخاوفه من أن تكون بديلاً دائماً من بيته المهدم ذي الدورين، ويؤوي أسرتين مكونتين من نحو 15 فرداً.
وقد تولت المؤسسات الإغاثية والخيرية المحلية، وحتى الدولية، مهمة توزيع الكرفانات على المتضررين من جراء العدوان على غزة، لكن من الواضح أنها لم تضع معايير خاصة لمواءمة المساكن المؤقتة مع طبيعة السكان واحتياجاتهم.
تلك الكرفانات المقامة على مساحة واسعة من الأراضي الزراعية في بلدة خزاعة، والمقسمة بين حييّن (النجار، وأبو ريدة)، مزودة بشبكة كهرباء ومياه وصرف صحي، لكن ساكنيها يعانون من ضيق المساحة بداية، ولا تنتهي شكواهم بالضوضاء التي يحدثها صوت الصفيح كلما مر أحد بها، أو سقط عليها المطر.
وتعلقت شكوى المواطنين أيضاً برداءة الصفيح المحلي الذي لم يراع العزل في الصوت، وهو أمر أرجعه أصحاب ورش حدادة إلى طبيعة طلبات المؤسسات الإغاثية "التي لم تعنِها نوعية المسكن بقدر ما أرادت توفير مساكن عاجلة".
ويتراوح عدد أفراد الأسر القاطنة في تلك البيوت التي تأخذ شكل الغرف بين 5 و13 فرداً، لكن المواطنين يرون أن مساحاتها التي لا تتجاوز 20 متراً لا تغطي احتياجاتهم إطلاقاً، أكانت في النوم أم في أخذ قسط من الراحة.
ضيق العيش اضطر بعض المواطنين، ومنهم أحمد طه، إلى إقامة غرف صغيرة أيضاً من الصفيح والنايلون المقوى في الممرات الفاصلة بين الكرفان والآخر، وذلك للتوسعة وتغطية الاحتياجات، وخصوصاً توفير غرف للمبيت في ظل افتقاد الكرفان للخصوصية.
وبينما كان طه يضع اللمسات الأخيرة على الغرفة الخارجية التي أقامها، لغاية فصل أبنائه عن بناته في المبيت، قال الحداد أسعد النجار لـ«الأخبار» إن هذه هي الغرفة رقم 20 تقريباً التي أنشأها بطلب من أصحاب الكرفانات.
وتشير تلك الغرفة التي لا تتجاوز مساحة أكبرها تسعة أمتار مربعة إلى تكلفة عالية نسبياً، مقارنة مع الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعانيها السكان في تلك المنطقة الزراعية، وفقاً لما أكده النجار، مبيناً أن الناس اضطروا إلى إقامتها من أجل سد احتياجاتهم في المسكن المتعدد الأغراض.
في الأثناء، صرّح وزير العدل في حكومة التوافق، سليم السقا، بأن هناك اتصالات تجري مع الجانب التركي لإدخال عشرة آلاف منزل مسبق الصنع الى قطاع غزة، مشيراً في حديث صحافي إلى أن المفاوضات تجري مع الإسرائيليين حالياً لإدخال ألف وحدة منها إلى القطاع قبل بدء موسم الشتاء. وهذه المصنعة خارجياً، تتوقع بعض المصادر أن تكون أفضل من نظيرتها المحلية، فيما لا يتفاءل الغزيون بكلمة كرفان بديلا من بيت احتوى ذكرياتهم وخصوصياتهم.