بغداد | مع تغوّل «داعش» والصدمة الكبيرة التي تلقاها الجيش العراقي بعيْد العاشر من حزيران، جاء المقترح الأميركي بتشكيل ما يمسى الحرس الوطني»، استمراراً لمشروع جوزف بايدن التقسيمي للبلاد، الذي سيقسم القطعات العسكرية على أساس مناطقي طائفي.
مجلس الوزراء العراقي للدورة التشريعية الثالثة، أوعز في أول جلسة له في التاسع من أيلول المنصرم بإعداد مشروع قانون لتأسيس «قوات الحرس الوطني»، وتنظيم المتطوعين من الحشد الوطني ضمن تشكيلاته، والقانون الذي كُشف الستار عنه، يقضي بتكوين جيش «سني» في المناطق التي يسيطر عليها «داعش» وسحب الجيش الاتحادي من تلك المناطق حتى بعد تطهيرها.
المرجعية الدينية في النجف، وعلى لسان المرجع السيد علي السيستاني، حذرت من «اعتماد أي آلية تضفي الطابع الطائفي أو القومي على تشكيلات الحرس الوطني الجديد، وإشعار من ينتمي إليها بأنه يدافع عن فئة معينة»، مشددةً على ضرورة أن تكون «التشكيلات العسكرية وفق مبدأ الكفاءة والنزاهة والخبرة والانتماء الوطني».
وأصرت الولايات المتحدة بعد عقدها اتفاقات سرية مع عدد من الشخصيات والقيادات «السنية» في مناطق غرب وشمال العراق، على تشكيل «الحرس الوطني» الذي عدّه البعض سلاحا ذا حدين، وأنه قد يؤدي إلى تقسيم البلاد.
ويرى الكاتب السياسي، ربيع نادر، أن هناك مآرب غير واضحة المعالم تقبع خلف تشكيل «الحرس الوطني»، ولا سيما أنه لم يأت كحلّ «محلّي»، بل جاء وفق الرؤية الأميركية للوضع الراهن.
يقول نادر، لـ»الأخبار»، إن ما هو «منصوص عليه في مسودة قانون الحرس الوطني، يضع هذه التشكيلات كرديف للقوات الأمنية، لكن هناك مخاوف من أن تتخذ بعض المحافظات التي عاشت ارتباكات أمنياً من هذه القوات، بديلاً عن الجيش العراقي».
لكن علاقة صنوف «الحرس الوطني» مع بعضها بعضا حتى الآن غير واضحة، بمعنى أن «التقسيم الطائفي قد يؤدي بنا إلى إنشاء تشكيلات غير متجانسة تتصارع في ما بينها، وهذا الأمر وارد في ظل عدم حسم جدلية حدود المحافظات العراقية ووجود مناطق «متنازع عليها»، مما قد يؤدي إلى التقسيم لا محال». من جانبه، يتفق أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور إحسان الشمري، مع ما ذهب إليه نادر من مخاوف، لكون الحرس الوطني أداة وخطوة أولى نحو التقسيم.
ويرى الشمري في حديث لـ»الأخبار» أن الحرس الوطني سيكون سلاحاً ذا حدين، بحسب طبيعة إدارة هذا الملف المعقّد الذي سيكون من أخطر الملفات التي ستتعامل معها حكومة العبادي، لأنه من الممكن أن يكون عامل تفرقة لا توحيد، ومن الممكن أن يؤدي إلى التقسيم أو يمهد له. وحذّر من وضع صلاحية «الحرس الوطني» بيد المحافظين أو مجالس المحافظات التي سينتمي لها التشكيل، لأنه من المؤكد سيستغل هذا في الصراعات السياسية التي تحدث بين المركز والأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم، كما حدث من صدامات بين القوات العسكرية الاتحادية وقوات البشمركة التابعة للإقليم.
المحلل السياسي حسن العاني يرى أن «حكومة العبادي قد شربت الطعم، بعدما وضعتها الولايات المتحدة بين خيارين أحلاهما مر، فإما قبول «داعش» أو «التقسيم»، ففضّل العبادي ومن معه من الكتل السياسية الخيار الأخير، «بعدما وافق على بناء جيش وفق أسس مناطقية وطائفية».
وتنص المادة 110 من الباب الرابع من الدستور العراقي، على إعطاء «السلطات الاتحادية اختصاصات حصرية، منها وضع سياسة الأمن الوطني وتنفيذها، بما في ذلك إنشاء قوات مسلحة وإدارتها، لتأمين حماية وضمان أمن حدود العراق، والدفاع عنه». وبدأت فعلياً محافظات الأنبار وديالى وبابل ونينوى بتشكيل نواة الحرس الوطني، الأمر الذي لاقى إقبالا واسعا من قبل شباب تلك المناطق رغم سيطرة «داعش» على العديد من المدن التابعة لها.
وتسلّم البرلمان العراقي من الحكومة مسودة قانون «الحرس الوطني»، بهدف مناقشتها والتصويت عليها، حيث نصّت المادة الثانية من المسودة على «تشكيل قوات عسكرية نظامية محلية في كل محافظة من أبناء المحافظة نفسها فقط»، في الوقت الذي بدت فيه خطورة القانون من الفقرة الخامسة من المادة الثانية عند «اعتماد ضوابط تحديد نسبة تمثيل المكونات داخل القوات العسكرية بحسب الكثافة السكانية وتنوعها في الوحدات الإدارية، وبما يضمن تمثيل جميع المكونات وتنوعها مع مراعات خصوصية بعض المحافظات»، وهذا ما سيؤدي إلى انشاء قطعات عسكرية من طائفة واحدة بحسب المنطقة.