■ شهدت الحرب الأخيرة، وما قبلها، صعودا لسرايا القدس على أنها القوة الثانية عسكريا في قطاع غزة، كيف عملتم في الحرب الأخيرة، وما أهم وحداتكم التي شاركت؟
الوحدات التابعة لنا متشابكة في المهمات، وعملت جمعيها تقريبا خلال الحرب. ربما كانت الوحدة الصاروخية الأكثر فعاليةً لأن هدفها الأساسي الضغط على الجبهة الداخلية للعدو. أيضا أدت وحدة المدفعية، في الأيام الأخيرة وخلال الاجتياح البري، دوراً رئيساً في إيقاع العدد الأكبر من قتلى العدو. ولا نغفل دور وحدات القناصة والدروع والكمائن المتقدّمة وسلاح الإسناد والإشارة.

■ برزت الأنفاق كأسلوب متقدم في العمل المقاوم، أين كان موقعكم في هذا المضمار؟

نفّذت سرايا القدس سلسلة عمليات نوعيّة فوق الأرض، وكان للأنفاق دور محوري في إنجاحها. أهم تلك العمليات تفجير دبابات في بيت حانون شمالي قطاع غزّة، وسُميت «مجزرة الميركافاه».

استفدنا من الأنفاق لتدمير «الميركافاه» وقتل من فيها، واغتنام الرشاشات الخاصة بالجنود، كما تمكّنا بهذا الأسلوب من تدمير ناقلتي جند في شوارع مجاورة لمكان الاستهداف الأول بعد ساعات قليلة. بعبارة أخرى، استعضنا عن وجود جغرافية منبسطة في القطاع بالتحرّك خارج منظور الطيران والاستخدام المنهجي لسلاح الأنفاق.

■ تقول المعلومات إن إنشاء غرفة تنسيق للعمليات بين الفصائل تأخر حتى الاجتياح البري، فماذا كان مستوى تنسيقكم مع باقي الأذرع العسكرية؟

العمل المشترّك مع جميع فصائل المقاومة خيار مركزي اعتمدناه في التصدي للاجتياحات الإسرائيلية، وفي الحرب الأخيرة نسّقنا مع كتائب القسّام (حماس) لقصف تل أبيب بصواريخ متوسطة المدى.
نتواصل مع حزب الله واستفدنا من خبراته لأنه شريك أساسي في المواجهة


السرايا أول من شكر الدول والجهات المؤازرة للمقاومة وذكرناها بالاسم
أيضا شاركنا في عمليات برية أخرى مع ألوية الناصر صلاح الدين (لجان المقاومة الشعبية)، وكتائب شهداء الأقصى (فتح). أذكر أنه في إحدى العمليات، عمدت مجموعة من السرايا إلى تشتيت تركيز قوات العدو حينما كانت تحاصر مقاتلين يتبعون «القسام» شرق خان يونس، وآنذاك أمطر مجاهدونا القوة المحاصِرة بقذائف الهاون، كما اشتبكنا معها عن قرب، ما جعلها تنشغل عن المحاصرين الذين اقتنصوا الفرصة وعادوا إلى قواعدهم بسلام.

■ بلدة خزاعة كانت من أهم المناطق التي أفادت السرايا في بياناتها العسكرية بأنها شهدت معارك عنيفة ضد العدو، لماذا خزاعة بالتحديد؟

بلدة خزاعة (شرق خان يونس) منطقة كبيرة ومفتوحة اتجاه الشريط الحدودي، وفيها مساحات زراعية كبيرة وفارغة، لذا قدر العدو أنها منطقة رخوة وساقطة عسكرياً. حاول الجيش الإسرائيلي اجتياحها بارتياح، لكنه تفاجأ بسلاح الأنفاق والكمائن المتقدّمة، ما أوقع خسائر فادحة في صفوفه، ومن هنا قرر تنفيذ سياسة الأرض المحروقة ضد المنطقة برمتها، وعقاب أهلها بمجزرة جماعية.

■ أظهرت فصائل المقاومة عموما، وسرايا القدس، أسلحة جديدة خلال الحرب، ورغم شدة المعركة كان هناك حرص على إبراز أن السلاح المستخدم كله محلي الصنع، ولا يوجد أي دور لحلفاء المقاومة في تطويرها، ما موقفكم من ذلك؟

سرايا القدس لا تبخس أحداً حقه. نحن أول التنظيمات التي شكرت الدول والجهات المؤازرة للمقاومة الفلسطينية، وذكرناها بالاسم، ولا نخجل من ذلك. مع هذا، نؤكد أننا اعتمدنا على السلاح المحلي كصواريخ «براق 70»، وفي الوقت نفسه، استخدمنا صواريخ «فجر 5» الإيرانية. في الخلاصة، لا يمكن أن يفوتنا أن تطوير الصواريخ المحلية جاء بعد سلسلة خبرات وتجارب تشرّبناها من محور المقاومة والدول صاحبة الدور الأهم في تميّزنا.

■ يقال إنه خلال مفاوضات التهدئة شهدت السرايا عدة اختراقات في صفوفها، ما أدى إلى استشهاد عدد لا بأس به من المقاتلين والقادة. هل هذا فعلا ما حدث؟

هذه ادعاءات كاذبة روّج لها الطابور الخامس الذي عمل بأقصى طاقته أثناء المعركة. لم يُقصِ هذا الطابور أيّ فصيل عن دائرة استهدافه بهدف التأثير على معنويات المجاهدين، لكن انقلب السحر على الساحر واستطاعت أجهزة أمن المقاومة ملاحقة مثيري تلك الإشاعات، الذين كانوا على علاقة وطيدة بأجهزة مخابرات العدو. نعم، قدمنا 129 شهيداً في أماكن متفرّقة خلال المعركة الأخيرة، ولا نستطيع بطبيعة الحال كشف كل شيء لاعتبارات أمنية، والاغتيالات طاولت فصائل المقاومة بالعموم، وهذه ضريبة طبيعية في أي معركة.

■ لوحظ أن سرايا القدس رغم تطور أدائها، لم تأخذ وهجاً إعلامياً كبيراً مثل كتائب القسام، أين الخلل؟

الخلل نابع من بعض وسائل الإعلام التي تحاول الترويج لفصائل معينة دون غيرها، لأسباب سياسية ومصالح إقليمية، لكن هذا لا يعني أننا كنّا غائبين عن الساحة الإعلامية، بل كان وجودنا ملحوظاً وواضحاً.

■ ما مدى استفادتكم من تجربة حزب الله في بناء الإمدادات الأرضية وشبكة الاتصالات الخاصة، وهل تتواصلون مع الحزب؟

بالطبع، استفدنا كثيرا من المقاومة الإسلامية في لبنان، ليس فقط على مستوى التدريب وشبكة الأنفاق والاتصالات والأمور اللوجيتسية، بل في جميع المجالات العسكرية. التنسيق بيننا وبين الحزب مستمر ولم ينقطع البتّة، وهو شريك أساسي في مقاومة العدوّ الإسرائيلي.

■ هل جرت عمليات لتهريب السلاح خلال الحرب؟

في ظل الإغلاق المحكم للأنفاق على الحدود مع مصر والغطاء الجوي الذي يفرضه الإسرائيلي، صار تهريب السلاح معقدا. رغم ذلك، تمكنّا من كسر هذه الظروف الشائكة، لكننا لا نحتاج إلى الخوض في التفاصيل.

■ تحدث الإسرائيليون عن تدمير عدد كبير من الأنفاق وبناء على ذلك أنهوا توغلهم البري، هل بدأتم الترميم وما مدى دقة الحديث الإسرائيلي؟

لا أستطيع الخوض كثيراً في هذه المسألة. كل ما يمكن تأكيده أن كلمة السر في معركة «البنيان المرصوص» تمثّلت في سلاح الأنفاق لجهة إطلاق الصواريخ، أو تنفيذ العمليات الهجومية. نطمئن أهلها إلى أن الأنفاق بخير. من الجيد الإشارة إلى أننا طورنا الأنفاق بعد حرب 2012، وتمكنّا من اجتياز أخطاء تلك المواجهة. أي تفاصيل تخص الشكل الهندسي للأنفاق والعمق لا يمكن ذكرها لدواعٍ أمنية، والمهم أنها تتناغم مع الجغرافيا في القطاع ونوعية التربة.

■ الأسبوع الأخير من المواجهة شهد تصاعداً في إطلاق قذائف الهاون وفق تكتيك عسكري بدا أنه جديد؟

نستطيع القول إن المعركة برمتها كانت تدار وفق تكتيك قتالي محكم. في الأيام الأخيرة، كان التركيز منصبّاً على مغتصبات غلاف قطاع غزّة، وخصوصاً مجمع «أشكول» الذي كان يمثل تجمعاً لمعظم القوات التي غادرت القطاع بعد انتهاء المعركة البرية. أهم ما ميّز هذه العمليات هو الرصد المباشر لقوات العدوّ والتوجيه الدقيق للهاون، وبذلك اتسعت رقعة القلق الإسرائيلي من الصواريخ إلى الخوف من قذائف الهاون التي يصعب كشفها وإيقافها.

■ ما أهم الأخطاء التي وقعت في الحربين السابقتين وعملتم على تجنبها؟

استطعنا تحييد سلاح الجو، كما أخفقت معلومات العدو الاستخبارية في تحديد أماكن مرابض الصواريخ، ما ساهم في المحافظة على رصيدنا الصاروخي، واستخدامه بالطريقة المثلى، إضافةً إلى نجاحنا في تأمين غرفة العمليات المشتركة التي أدارت المعركة.

■ ما خطتكم الحالية للحفاظ على جاهزيتكم إن اشتعلت الحرب مجددا؟

نستبعد استئناف المواجهة من جديد لعدّة اعتبارات أهمها توصّل العدو إلى قناعة بصعوبة كسر مقاومة الشعب الفلسطيني وتمسكه بسلاح المقاومة. في كل الأحوال، لدينا جاهزية عالية لأي مواجهة جديدة، وخصوصاً أن في جعبتنا أسلحة وأوراق قوة نستطيع بها تكبيد العدو خسائر. نعد شعبنا بأننا سنكشف عن مفاجآت جديدة ونوعية في حال رجوعنا إلى مربع المواجهة.




ظهر أبو حمزة متحدثا باسم سرايا القدس خلال أول عرض عسكري للسرايا في غزة بعد انتهاء الحرب الأخيرة بأيام. تنقل مصادر أن «أبو حمزة الملثم» كان يؤدي دور المتحدث في مراحل سابقة، ثم جرى الاعتماد على «أبو أحمد» الذي كان يخرج مكشوف الوجه لكنه أصيب في الحرب، لذلك أعيد اعتماد الأول متحدثا رسميا.
(الأخبار)