بالتوازي مع قرار البرلمان التركي قبل يومين، سجل لقاء مهم يبدو أنه مفصلي لناحية السقوط الفرنسي الإضافي في الحرب الجديدة على المنطقة، لتقترب في ما يبدو من المشاركة في ضرب سوريا بعد دخول مقاتلاتها الأجواء العراقية.
ومساء أول من أمس، أعلن وزير الدفاع الاميركي تشاك هاغل أنه بحث مع نظيره الفرنسي جان ايف لودريان في إمكانية مشاركة فرنسا في التدخل العسكري ضد «داعش» في سوريا. لكن وزير الدفاع الفرنسي لم يؤكد ولم ينف إذا كانت هذه المسألة بحثت خلال اجتماعاته في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون). وفرنسا واحدة من خمس دول أوروبية تشارك في الحملة في العراق، لكنها لم تساهم في الضربات العسكرية الأميركية ـ الخليجية في سوريا.
وقال هاغل، خلال مؤتمر صحافي مشترك أعقب اجتماعاً مع لودريان استمر أكثر من ساعة، «نعم بحثنا في احتمالات مشاركة فرنسا في سوريا»، فيما طغت اللغة الدبلوماسية على حديث نظيره الفرنسي حين قال إن بلاده تشارك في الضربات الجوية في العراق بطلب رسمي بموجب ميثاق الأمم المتحدة، مضيفاً أن «فرنسا موجودة هناك بسبب هذا الطلب ونحن في التحالف بسبب هذا الطلب». ولم يشأ الوزير الفرنسي تأكيد مناقشة المشاركة الفرنسية في سوريا خلال محادثاته مع هاغل. ورداً على سؤال عن موقف باريس في حال طلبت منها واشنطن المشاركة في شن غارات ضد الجهاديين في سوريا، قال «لا يمكنني أن أجيب عن أسئلة لم تطرح علي». رغم ذلك، أكد هاغل ولودريان «التعاون الممتاز» بين أجهزة الاستخبارات الفرنسية والاميركية، لكنهما تجاهلا سؤالاً عمّا إذا كان إطلاق صاروخ أميركي في إطار الحملة على «داعش» في 23 أيلول بالقرب من حلب، تم بناءً على معلومات استخبارية فرنسية.
اجتماع رفيع في واشنطن يناقش مشاركة باريس في ضرب سوريا

وفي حين رحّب كل من وزيري الدفاع بتصويت البرلمان التركي على إجازة تدخل أنقرة العسكري، إلا أن هاغل قال إن الحكومة الاميركية لا تفكر حالياً في إقامة منطقة عازلة في شمال سوريا، لكنها تبقى منفتحة على مناقشة «خيارات» متنوعة مع الحكومة التركية. وأضاف «نواصل الحديث مع الاتراك بشأن عدة خيارات، لكن لا خطط لهذا الخيار حالياً». وكان رئيس أركان الجيوش الاميركية، الجنرال مارتن ديمبسي، أكد سابقاً أن منطقة آمنة كهذه ستتطلب دوريات بلا توقف للطائرات وقوة برية كبيرة لتعزيزها.
جدير بالذكر أن التعاون بين البلدين لا ينحصر في نطاق العراق وسوريا، إذ صرح مسؤولان عسكريان أميركيان بعد اللقاء بأن الولايات المتحدة ستواصل دعم القوات الفرنسية عسكرياً في منطقة الساحل الأفريقية، لكن على باريس أن تسدد في المستقبل النفقات التي تترتب على مشاركة واشنطن. في غضون ذلك، لا تزال المعطيات تتضح بشأن ما حصل في الساعات الأخيرة قبل البدء أخيراً بعملية ضرب سوريا. وفضلت الولايات المتحدة (نيويورك ـ نزار عبود) عدم التحدث عن اجتماع دام لساعة كاملة بين المندوبين لدى الأمم المتحدة، سمانتا باور وبشار الجعفري، في نيويورك، عشية غارات «التحالف» المزعومة ضد «داعش».
ولم يجتمع وزير الخارجية الأميركي جون كيري بنظيره السوري وليد المعلم، لكن سمانثا باور زارت مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، في مقر البعثة السورية، وجلست معه ومع اثنين من مساعديه لمدة ساعة كاملة. حملت له رسالة مطابقة لأخرى نقلها وزير خارجية العراق إبراهيم الجعفري إلى نظيره السوري بأن التحالف مصمم على شن غارات داخل سوريا لضرب «داعش» «جبهة النصرة»، وأنها تتوقع من القوات السورية عدم تصويب أسلحتها نحو تلك الطائرات. واقترحت باور على سوريا إصدار بيان سوري يرحّب بأي جهد دولي يرمي إلى تقويض «داعش»، «منعاً للحرج».
في غضون ذلك، لا يزال الكلام الأميركي عن الحرب الجديدة تبريرياً لما يحضر، حيث أعلن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أن المعركة لوقف تقدم مقاتلي «داعش» في سوريا والعراق ستكون «معركة طويلة وصعبة» بالنسبة إلى الولايات المتحدة وحلفائها.
وفي تصريح لافت نقله عدد بسيط من المواقع، قال بايدن لحشد من الأكاديميين في «جامعة هارفارد» في كمبردج في ولاية ماساتشوستس، مساء أول من أمس، «مشكلتنا الأكبر كانت في حلفائنا في المنطقة؛ الأتراك كانوا أصدقاء رائعين وكذلك السعوديون وسكان الإمارات وغيرهم. ولكن ماذا فعلوا؟ كان همّهم الوحيد هو إسقاط (الرئيس السوري بشار) الأسد وخاضوا حرباً بالوكالة بين السنّة والشيعة، وقدموا مئات ملايين الدولارات وعشرات آلاف الأطنان من السلاح لكل من وافق على القتال ضد (الرئيس) الأسد».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)