رفض وزير الجيش الإسرائيلي، موشيه يعلون، انسحاب إسرائيل من الضفة المحتلة، ووصف هذه المطالب بـ«المفاهيم القديمة» التي عفا عنها الزمن «لأنه لن يسمح بحماستان وذراع طويلة لإيران في هذه المنطقة». وأوضح، في كلمة ألقاها أمس خلال يوم دراسي نظمه مركز دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب تحت عنوان «دروس من عملية الجرف الصامد»، أن الانسحاب من الضفة سيكون غير منطقي، «إذ سيسمح لحماس بالسيطرة عليها وهو ما يهدد أمن إسرائيل».
وقال: «لن نسمح بنشوء وضع تطلق فيه قذائف الهاون على مطار بن غورويون، أو تعرض قواعد سلاح الجو لخطر الأسلحة المضادة للطائرات في الجليل والنقب الشمالي، لأن هذه المناطق ستستخدم، كما في غزة، من الجهاد العالمي».
يعلون أشار إلى أن هذا النوع من التهديدات مرفوض، «ولا يمكن أن يسمح به ليس في مواجهة إسرائيل فحسب، بل في مواجهة المملكة الأردنية أيضاً، خاصة أنه هل بإمكانها فعلا أن تصمد أمام ذلك؟»، ومن هنا انطلق ليحذر من «تحوّل الضفة إلى حماستان، فهذا سيؤدي إلى تشكيل ذراع طويلة لإيران في هذه المنطقة، وستنشط فيها (الضفة) منظمات الجهاد العالمي الموجودة حاليا في غزة».
وسخر الوزير الإسرائيلي من الدعوات التي تطلق «حتى من داخل مجلس الوزراء» وتطالب بانسحاب إسرائيلي من الضفة، في إشارة منه إلى وزيرة القضاء تسيبي ليفني، ووزير المالية يائير لبيد. وقال معقبا: «كيف يمكن ذلك وها هو جهاز الشاباك اعتقل أكثر من تسعين ناشطا من حماس، منذ شهر نيسان حتى تموز، كانوا يخططون لمهاجمة إسرائيل وإسقاط السلطة الفلسطينية».
ورأى أن الأفق السياسي للتوصل إلى «سلام مع الفلسطينيين» يكمن في التغييرات في منطقة الشرق الأوسط، «وليس في مفاهيم قديمة انهارت مرة تلو أخرى على مدى عشرين عاما... لن نسمح بوجود كيان جديد في الضفة، وينبغي البحث عن اتجاهات أخرى، وبدلا من ذلك يجب التقدم في الاتجاهات الجديدة التي لمح إليها رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) في خطابه في الأمم المتحدة». وذكر أنه (نتنياهو) أكد في كلمته ضرورة الاندماج الواسع بين إسرائيل والعالم العربي، «الأمر الذي سيؤدي إلى السلام بين إسرائيل والفلسطينيين»، إذ إن «الحل في القاهرة والرياض لا في رام الله والقدس».
أما عن العدوان الأخير على غزة، فأشار يعلون إلى أن التقديرات الموجودة في إسرائيل لا يمكنها الجزم بشأن إن كانت «حماس» قد خططت بالفعل لإشعال حرب في هذا الصيف، «ويوجد حول هذه المسألة كثير من التكهنات، لكن ما يمكن تأكيده أنها حاولت تنفيذ عملية اختطاف أو اعتداءات عبر الأنفاق، وهذه المحاولة قد أحبطت». ووجه سؤالا إلى قيادة الحركة قال فيه: «هل ظننتم أن إسرائيل لن ترى في أعمال كهذه إعلان حرب عليها؟».
أما بالنسبة إلى قرار العدوان على القطاع، فأكد أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، درس الموضوع قبل مدة طويلة من بدء العملية العسكرية، «وجرى التداول في إمكانية تدمير حماس واحتلال القطاع، والنتيجة كانت أنه في هذه المرحلة من غير الصحيح وضع هدف كهذا أمام الجيش لتنفيذه، نظرا إلى التكلفة واعتبارات اليوم الذي يلي احتلال القطاع»، مستدركا: «ذلك لا يعني أن هدفا كهذا لن يطلب من الجيش رغم كل الأثمان المقدرة والاعتبارات الموجودة».
وأضاف يعلون أن النقاشات التي جرت بين الوزراء «بحثت مسبقا الأهداف العملية والصحيحة للمعركة في غزة، إضافة إلى ما يمكن التوصل إليه في النتائج النهائية، وهو الأمر الذي لم يحدث في حرب لبنان الثانية» خلال المواجهة ضد حزب الله عام 2006.
إلى ذلك، القى قائد الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي، اللواء إيال أيزنبرغ ، كلمة في المؤتمر، توجه فيها إلى الإسرائيليين وطالبهم بالتواضع حيال نتائج «الحرب الحقيقية» التي قد تخوضها إسرائيل في المستقبل. وأشار أيزنبرغ إلى أن عملية «الجرف الصامد» لم تكن حربا، «بل ليست عملية عسكرية، وهي عملية مصغرة فقط». وقال أيضا: «لهذا السبب لن تكون إنجازاتنا في الحرب الحقيقية كما في غزة، وهذا هو التحدي الماثل أمامنا، ومن أجل ذلك نبني قوتنا، ويجب الاعتراف بهذه الحقيقة أمام الإسرائيليين كما عليهم أن يدركوا ذلك».