في واقعة مفاجئة ومن دون سابق إنذار، انسحبت قوات الشرطة المدنية من كل شوارع مدن شمال سيناء الست، وفي مقدمتها مدينة العريش العاصمة، لتحل مكانها قوات الجيش التي انتشرت في كل القطاعات في المدن وعلى الحواجز والارتكازات الأمنية المنتشرة على طول الطريق الدولي القنطرة شرقاً وصولاً إلى رفح على الحدود المصرية مع قطاع غزة.هذا المشهد يعيد إلى الأذهان انسحاب الشرطة المدنية من شوارع محافظات مصر كافة في الثامن والعشرين من كانون الثاني/ يناير عام 2011 ونزول قوات الجيش بدلاً منها، فأخلت شوارع مدينة العريش من مواقعها كافة، وغابت خدماتها تماماً من أنحاء المنطقة الشمالية الشرقية في سيناء.
زيارة سرية لوزير الداخلية مجدي عبد الغفار، يوم أمس، لمدينة العريش

ويؤكد شهود عيان من أهالي مدينة العريش لـ»الأخبار» أنهم شاهدوا دوريات تقوم بها قوات الجيش بشوارع المدينة عن طريق عدد من السيارات «الجيب» التي يستقلها نحو ستة عسكريين بينهم ضابط من قوات الجيش.
وأوضح شهود العيان، أن شوارع مدن سيناء الشمالية العريش ورفح والشيخ زويد وبئر العبد والحسنة ونخل، «أصبحت خالية تماماً من رجال الشرطة المدنية والمرور».
الغياب الأمني عن الشارع السيناوي الذي يكتنفه الغموض، واستبداله بقوات الجيش، يفسره مصدر أمني – رفض ذكر اسمه – في تصريحات خاصة لـ»الأخبار»، بأن الأجهزة الأمنية وفي مقدمتها جهاز الأمن الوطني توصلت إلى معلومات استخبارية تفيد باستعداد مجموعات مسلحة تابعة لما يعرف في سيناء بـ»ولاية سيناء» لشنّ هجمات خلال الفترة القريبة المقبلة على مؤسسات حيوية ومرافق ومؤسسات أمنية في مدينة العريش.
وبحسب المصدر، ضُبطت خرائط وصور في حوزة خلية إرهابية في منطقة جنوب العريش تضم مخططاً لعملية مسلحة يعد لها قادة ولاية سيناء لمهاجمة مقار عسكرية ومنها مديرية أمن شمال سيناء والكتيبة العسكرية «101» التي تعد مركز العمليات العسكرية في سيناء إلى جانب مؤسسات حيوية أخرى، مشيراً إلى أن انسحاب الشرطة يأتي في إطار خطة خداعية سيتولى الجيش خلالها شن هجمات مباغتة على أوكار وبؤر العناصر المسلحة بالتجمعات والقرى السكنية في مناطق جنوب العريش.
في المقابل، أشار مصدر أمني آخر إلى أن انسحاب الشرطة له علاقة مباشرة بقيام ضابط شرطة بإطلاق الرصاص على سيارة أجرة بعد تخطيها حاجز متحرك للشرطة في ميدان الساعة عند مدخل مدينة العريش، ما أسفر عن مقتل سائق السيارة برصاصة في الرأس وإصابة الراكب الذي بجواره برصاصة في الظهر.
وبحسب المصدر، فإن نزول قوات الجيش إلى الشوارع يأتي بصورة مؤقتة، بعد واقعة إطلاق النيران بواسطة ضابط شرطة على سائق ومرافقه خشية من تنامي موجة غضب شعبي تطاول رجال الشرطة.
وقام وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، يوم أمس، بزيارة سرية إلى مدينة العريش التقى خلالها القيادات الأمنية بالشرطة المدينة في أحد المقارّ الأمنية، ولم تفصح المصادر عن فحوى الاجتماع أو الهدف من الزيارة التي غابت تماما عن وسائل الصحافة والإعلام في القاهرة.
إلى ذلك، شهدت مناطق شمالي شرقي سيناء، العريش ورفح والشيخ زويد، تفجيرات وهجمات مسلحة عدة أودت بحياة قرابة 13 ضابطا و35 مجنداً وأدت إلى إصابة قرابة 82 آخرين، ما أدى إلى استياء المواطنين من تراجع أداء الشرطة المدنية في سيناء.