القاهرة | مئة يوم في الحكم لم تكن كافية للرئيس عبد الفتاح السيسي لحل مشاكل المصريين، أو للشروع الجدي بحلها. أزمات الكهرباء والمواصلات وغلاء الاسعار مستمرة، الظروف الأمنية لم تتحسن، الحرب ضد "الإرهاب"، الغامض، لم تتوقف، فرص العمل لم تتوافر، والاستثمارات الأجنبية لم تصل بعد، بينما يمكث الرئيس في القصر، يتحرك قليلاً خارجه خوفا من الاستهداف، ربما، ويكتفي بزيارة المؤسسات الرسمية العسكرية بسرية ودون إعلان مسبق.
حرك السيسي خلال الأيام المئة الأولى أسعار المحروقات بالنسبة إلى السيارات، في إجراء هو الأول من نوعه منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، الأمر الذي زاد في أسعار المواصلات. وبالتزامن، فشلت محاولات الحكومة للحد من زيادة الأسعار في الأيام الأولى، بينما أرجع المشير زيادة الأسعار إلى العجز الكبير في الموازنة مما اضطر السلطات إلى خفض الدعم عن المواد البترولية، وفقاً للرواية الرسمية.
كذلك، وبسبب سياسات محددة، زادت أسعار الكهرباء بنسبة تفوق الـ50% عن التعريفة الأساسية التي كانت قبل وصول السيسي إلى السلطة، برغم زيادة فترات انقطاع الكهرباء لتصل إلى 8 ساعات متقطعة في غالبية المناطق. اللافت هو تأكيد الجنرال أن الأزمة لن تنتهي قبل 4 سنوات بعد بناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء، مطالباً بـ"الصبر"، بينما سُجل أسوأ انقطاع للتيار الكهربائي، قبل نحو ثلاثة أسابيع، مع سقوط شبكة الكهرباء بالكامل لمدة 6 ساعات مما عطل عمل مؤسسات حيوية وعرّض، مثلاً، مرضى في المستشفيات لخطر الوفاة بسبب توقف الآلات الطبية التي تلازمهم.
لم تواجه قرارات السيسي الاقتصادية، بالرغم من تأثيرها السلبي على الحياة، تحركات شعبية مناهضة، لكنها زادت من حال الغضب لدى معارضيه وانتقصت من شعبيته لدى مؤيديه، فيما فشلت القوى السياسية المعارضة في إجباره على التراجع عن القرارات التي اتخذت وطبقت في أقل من 48 ساعة فقط، في استغلال لسلطة التشريع التي يمتلكها الرئيس في ظل غياب البرلمان.
على صعيد الانتخابات، لا يبدو أن لدى السيسي رغبة حقيقية في إجرائها حتى الآن، وهي النقطة الثالثة والأخيرة في خريطة الطريق التي أعلنها بعيد عزل الرئيس محمد مرسي. اللجنة العليا للانتخابات لم تتخذ قرارات حتى الآن بشأن الموعد برغم اكتمال كافة الاستعدادات الخاصة بها، فيما يؤكد الرئيس أنها ستكون قبل نهاية العام الحالي حيث يتوقع أن يُعقد البرلمان خلال كانون الثاني المقبل.
خارجياً، واصل السيسي محافظته على العلاقات الجيدة بدول مجلس التعاون الخليجي وبروسيا أيضاً، بينما جاء موقفه من الأزمة السورية مبهماً. في المقابل، ظهر أن الرئيس المصري أدى دوراً يسيء إلى الشعب المصري خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة.
أمنياً، فشل السيسي في مجال التصدي لـ"الإرهاب". الحرب المعلنة على "الإرهاب والمتطرفين" لا تزال مستمرة في سيناء، في وقت تتسع فيه العين المصرية ناحية الحدود الغربية، خوفاً من أي تدهور أمني في ليبيا سيكون له تداعيات كبيرة على مصر.
أما عسكرياً، فقد جاءت نتائج المئة يوم واضحة. تعاقدت القوات المسلحة مع نظيرتها الروسية على شراء أسلحة جديدة بـ3.5 مليارات دولار، في أكبر صفقة عسكرية مع موسكو منذ عهد الرئيس الراحل أنور السادات، فيما لم يكشف النقاب عن تفاصيل الصفقة وطرق سداد ثمنها.
أطلق الرئيس مشروعاً عملاقاً لحفر قناة جديدة موازية لقناة السويس بهدف تفعيل الدور المصري الحيوي ضمن شبكة طرق التجارة الدولية. هو المشروع الذي أطلق اكتتابا شعبيا لتمويله عبر شهادات ادخار بفائدة 12% بالجنيه المصري، ونجح الرئيس حتى يومنا في جمع 61 مليار جنيه (حوالى 8.15 مليارات دولار) في غضون 8 أيام.