تعهد الرئيس الأميركي باراك اوباما، يوم أمس، ألّا تخوض قواته حرباً برية أخرى في العراق، ساعياً إلى طمأنة الأميركيين بشأن مستوى التدخل الأميركي، بعدما أشار رئيس هيئة الأركان المشتركة، مارتن دمبسي أول من أمس، الى أن بلاده قد تنشر بعض القوات القتالية.
المفارقة كانت في ما أشار إليه المتحدث باسم البيت الابيض جوش ايرنست حين قال، لدى عودته من القاعدة برفقة اوباما، إن الرئيس سينظر في طلبات «النشر المتقدم» لمستشاري الجيش الأميركي مع القوات العراقية «على اساس كل حالة على حدة» اذا لزم الأمر، مضيفاً: «لن يشتبكوا بصورة شخصية أو مباشرة مع العدو».
وأثناء كلمة في «قاعدة ماكديل» الجوية في تامبا في ولاية فلوريدا، أكد اوباما أن الضربات الجوية ستكون المساهمة الأميركية الرئيسية في الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، إلى جانب تشكيل تحالف قال إنه يضم الآن أكثر من 40 دولة. وقال: «أريد أن أكون واضحاً. القوات الأميركية التي نشرت في العراق ليس لديها ولن تكون لديها مهمة قتالية»، مضيفاً: «بصفتي قائدكم الأعلى، لن ألزمكم وباقي قواتنا المسلحة بالقتال في حرب برية أخرى في العراق». ولكنه قال إن الولايات المتحدة لديها «قدرات فريدة» للرد على التنظيم، مثل المعونة الجوية للقوات العراقية والكردية التي تقاتل براً. وفي نقطة بارزة، أشار إلى استعداد السعودية لاستضافة بعثة اميركية لتدريب «المعارضة السورية المعتدلة» على اراضيها، وقال ان قوات مظلية المانية ستشارك كذلك في المهمة التدريبية التي لم يحددها. ووصل اوباما ليل أمس الى تامبا حيث يوجد مقر القيادة المركزية المسؤولة عن الشرق الاوسط ووسط آسيا. وعقب الاجتماع مع كبار القادة العسكريين، قال أوباما للقوات: «هذه ليست ولن تكون حرب اميركا بمفردها»، ولكنه قال إن الولايات المتحدة يمكن أن تحدث فرقاً.
من جهته، أعلن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أن من سماها «المعارضة السورية المعتدلة ستنفذ عمليات عسكرية ضد داعش في سوريا»، زاعماً أن عمليات التحالف العسكري ستتوقف بعد القضاء على التنظيم. وأضاف، في جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ حول العملية المحتملة: «يجب وقف تدفق المقاتلين الذين يحملون جوازات سفر غربية ومنها أميركية وتجفيف منابع دعم التنظيمات الإرهابية». ورأى أن «هذه ليست حرب الخليج أو حرب العراق لعدة أسباب، أولها أنه لن تُرسَل قوات برية أميركية... اسراتيجيتنا مبنية على تحالف دولي يقدم كل طرف فيه المساعدة مباشرة وبشكل غير مباشر».
هيئة العلماء
السعودية تحرّم الخروج إلى مواطن «الصراع والفتنة»

وأتى الحديث الأميركي في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، رفضه وجود أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية خلال المواجهة الراهنة مع تنظيم «داعش». وترافق كلام رئيس الوزراء العراقي، الذي لم ينجح حتى الآن في اختيار وزيري دفاع وداخلية في حكومته الجديدة، بالتزامن مع تأكيد مصادر أمنية أن القوات العراقية بدأت عملية عسكرية مكثفة ضد مقاتلي «داعش» في أربع مدن في وسط البلاد، في معركة لاستعادة السيطرة على أراض احتلها التنظيم، هي الرمادي والفلوجة وحديثة في محافظة الأنبار الغربية، إضافة إلى منطقة جرف الصخر.
في هذا الوقت، كان حديث قادة في الجيش الأميركي يشير بوضوح أكثر إلى استراتيجية بلادهم. وقال رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي، الجنرال راي اوديرنو، إن الضربات الجوية وحدها لن تكون كافية للقضاء على مقاتلي «داعش» وإن بغداد ستحتاج الى تدريب لإعادة بناء قوات برية قادرة على «ملاحقتهم واجتثاثهم». ووصف أوديرنو، الذي تولى قيادة القوات الأميركية في العراق من 2008 إلى 2010، ما حدث في العراق بأنه «محبط للغاية». وكرر الجنرال الأميركي، أمام عدد محدود من الصحافيين في فيسبادن في ألمانيا حيث يحضر مؤتمر الجيوش الاوروبية، ما سبق أن قيل أميركياً بأنه «لا يمكن أن (نسمح) بوجود ملاذ آمن (للدولة الاسلامية) في سوريا».
التطور الأبرز ضمن الإطار العام للمشهد الإقليمي سجله يوم أمس أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، حين رفض في برلين اتهام بلاده بدعم المجموعات المتطرفة، زاعماً أن قطر «لم تدعم قطّ المجموعات المتطرفة» أو «المنظمات الإرهابية». وقال أمير قطر، في مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، إن «قطر لم تدعم قطّ مجموعات متطرفة»، فيما قالت ميركل إنها «طرحت كل الاسئلة ولا سبب يدعوها الى التشكيك في تصريحات الأمير».
وأضاف تميم بن حمد: «ما يحصل في العراق وسوريا هو تطرف، وهذه المجموعات تتلقى دعماً جزئياً من الخارج، لكن قطر لم تدعم قطّ ولن تدعم منظمات ارهابية».
ومن المقرر أن يلتقي الأمير القطري، خلال زيارته لألمانيا، برؤساء شركات ألمان ووزير الاقتصاد الألماني سيغمار غابرييل المنتمي إلى «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» والذي عرقل هذا العام مبيعات اسلحة لقطر بسبب القلق من دعمها لجماعات اسلامية متشددة. وسبّب ذلك تعليق طلب قطري للحصول على صفقة صواريخ مضادة للدبابات من فرنسا لحاجتها لقطع غيار من ألمانيا منعت برلين تصديرها. وكان ذلك تغيراً في الموقف عمّا فعله ائتلاف يمين الوسط السابق بزعامة ميركل الذي سمح ببيع 62 دبابة لقطر.
وفي سياق المواقف الخليجية التي تبدو متتابعة ومترابطة ضمنياً، أكدت «هيئة كبار العلماء» في السعودية، وهي أعلى هيئة دينية في المملكة، تحريم الالتحاق بالقتال في «مناطق الصراع». وشدد بيان الهيئة، التي يرأسها مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، على تأكيد «تحريم الخروج إلى مناطق الصراع والفتنة وأن ذلك خروج عن موجب البيعة لولي الأمر»، وحذرت الهيئة «صاحبه من مغبة فعله ووقوعه في ما لا تحمد عقباه». واعتبرت الهيئة انه يتعين على «الدولة أن تتعقب المحرضين على الخروج إلى مواطن الصراع والفتنة، فهم دعاة ضلالة وفرقة وتحريض على معصية ولاة الأمر والخروج عليهم». وشددت الهيئة على ان «ذلك من أعظم المحرمات».
واشارت الهيئة في بيانها إلى «أعمال الإرهاب، الصادرة عن بعض الجماعات»، موردة في بيانها أنها «داعش والقاعدة، وما يسمى عصائب أهل الحق وحزب الله والحوثيين، أو جرائم الإرهاب التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي، أو الأعمال المجرمة التي تمارسها بعض الفرق والجماعات المنتسبة إلى الإسلام».
(الأخبار، ا ف ب، رويترز، الأناضول)