تونس | مع اقتراب الانتخابات التشريعية والرئاسية وبداية العد التنازلي يتسابق المترشحون لكسب رضى «حركة النهضة» ومساندتها وكذلك دعم القوى الإقليمية والدولية. قائمة المترشحين للانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية طويلة، ولكن تبقى احزاب «الترويكا» الثلاثة التي صعدت الى الحكم في الانتخابات الماضية، أكثر المتضررين من الانتخابات.
فليس لها ما تباهي به من «إنجازات» باستثناء تضاعف عدد العاطلين من العمل وتفاقم الأزمة الاقتصادية مروراً بالاقتطاع من أجور الموظفين في القطاعين الخاص والعام لانقاذ الدولة من الإفلاس وصولاً إلى تفشي الإرهاب والجريمة المنظمة والتهريب وليس انتهاء بالكوارث البيئية.
برغم الحصيلة السلبية على كل المستويات، ما زالت أحزاب «الترويكا» الثلاثة تبحث عن دور وموقع. وإذا كان حزب «التكتل» قد خرج من المنافسة تقريباً، فإن «حركة النهضة» وحزب «المؤتمر» يعولان على الدعم الخارجي، وخصوصاً أن تونس بقيت كموقع أخير بالنسبة إلى التنظيم العالمي للإخوان المسلمين الذي لا يمكن ان يتنازل عن دعم «النهضة» وحليفها منصف المرزوقي وحزبه، الذي يعد معظم قادته من المقربين لـ»حركة النهضة»، مثل أمينه العام عماد الدائمي الذي كان ناشطا في الحركة وسليم بن حميدان، وهو الوزير السابق لأملاك الدولة وصهر القيادي البارز في «النهضة» محمد بن سالم.
ولا تحظى «حركة النهضة» وحليفها «المؤتمر» بدعم التنظيم العالمي للإخوان المسلمين فقط، بل بدعم الدول الداعمة لهذا التنظيم أيضاً وتحديداً قطر وتركيا. ويتداول الشارع التونسي مخاوف حقيقية من تدخل تركي قطري في الشأن الداخلي عبر دعم «حركة النهضة» والرئيس المؤقت منصف المرزوقي للفوز بدورة جديدة في البرلمان ورئاسة الجمهورية، ولاية ستكون لخمس سنوات هذه المرة وستكون لها انعكاسات كبيرة ومصيرية ليس على المشهد السياسي فقط بل على نمط عيش التونسيين أيضا.
تطالب جمعيات
حقوقية بالكشف عن مصادر تمويل الأحزاب والجمعيات

وفي هذا السياق، تدعم قطر جمعية «تونس الخيرية»، وهي جمعية أسسها شقيق الأمين العام لحزب «المؤتمر» الدكتور عبد المنعم الدائمي. ولهذه الجمعية فروع في كل جهات البلاد ولها إمكانات مالية استثنائية وتعد الجمعية الذراع «الخيرية» لحزب رئيس الجمهورية، الذي سيستعملها في حملته الانتخابية من خلال منح العطايا والهدايا للفقراء في إطار «الرشوة السياسية»، التي يتوقع أن تكون حاسمة في تحديد نتائج الانتخابات. وتطالب جمعيات حقوقية عدة تعنى بالمواطنة والانتخابات بالكشف عن مصادر تمويل الأحزاب والجمعيات حتى لا تستهدف شفافية الانتخابات.
وفي السياق ذاته، تسربت معلومات عن ضغوط قطرية على «حركة النهضة» لترشيح منصف المرزوقي مرة اخرى. وبرغم أن الحركة لم تعلن حتى اليوم مرشحا للانتخابات الرئاسية، مجددة تمسكها بفكرة الرئيس التوافقي، التي رفضتها كل الأحزاب، فإن عددا من المتابعين للشأن التونسي يعتقدون انها سترشح المرزوقي في النهاية في إطار التحالف مع قطر وتركيا.
واختارت «حركة النهضة» فترة العودة المدرسية (١٥ أيلول) للقيام بحملة توزيع مساعدات على العائلات الفقيرة في كل جهات البلاد عبر جمعيات تابعة لها أو قريبة منها. ومعظم هذا الجمعيات تموّل من دول خليجية. صلة «النهضة» و«المؤتمر» بقطر تأكدت نهاية الاسبوع الماضي بزيارة رئيس المكتب السياسي لـ«حركة حماس» المقيم في قطر خالد مشعل الذي وصل تونس بدعوة من حزب «المؤتمر» وقد التقى الرئيس المرزوقي وزعيم «حركة النهضة» راشد الغنوشي. وتسربت معلومات عن طلب مشعل من الرئيس التونسي استضافة قادة «الاخوان» الذين طُردوا من الإمارة القطرية، لكن رئيس الحكومة مهدي جمعة رفض استضافتهم، بحسب بيان أصدرته رئاسة الحكومة بعد تسريب أنباء عن دخول مجموعة من قادة «الاخوان» إلى تونس.
قطر كان لها دور أساسي في فترة الحراك ضد نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، عبر ذراعها الإعلامية «الجزيرة»، وهي تحاول اليوم أن تحافظ على موقعها في تونس عبر دعم حزبي «النهضة» و«المؤتمر» لقطع الطريق أمام صعود «القوى اليسارية» أو عودة «الدستوريين»، ولأجل هذا لن تتراجع الإمارة القطرية عن فعل كل ما يمكن من دعم مالي ولوجستي لأنصارها في تونس الذين أعادهم حراك الشباب التونسي من المنافي... لحكم البلاد!