أغلق ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة كل الأبواب أمام الحل السياسي للأزمة التي تعصف بالمملكة، منذ عام 2011، بعرضه وثيقة من خمس خطوات، طلب التوقيع عليها والالتزام بها، وفق مصادر مطلعة في المعارضة البحرينية، التي رأت أن هذه الوثيقة «تساعد الملك على الهروب من الاستحقاقات السياسية».
وأكدت المصادر أن الملك «فرض مزيداً من الأفكار التي تعطيه الحق في إدارة كل الواقع السياسي على المستوى التنفيذي والتشريعي والقضائي وقيادة المؤسسات الأمنية، بعقلية متصلّبة وإغلاق كل أبواب الحوار والتواصل وفرض مشروع سياسي شمولي لا يستطيع أن يعبّر فيه المواطن البحريني عن وجوده».
ورأت هذه المصادر أن حمد بن عيسى آل خليفة «اتخذ قراراً فردياً سيسجل على أنه الأسوأ في تاريخه السياسي، عندما قرّر تجاهل كل النداءات والمبادرات السياسية الداخلية والخارجية لإيجاد مشروع سياسي يساهم في وقف حالة الاحتقان والصراع السياسي بينه وبين الغالبية من شعبه، التي شاركت في الحراك الشعبي منذ 14 شباط 2011، تزامناً مع ما سمي الربيع العربي في مصر وتونس وعدد من الدول العربية».
وأضافت المصادر أن التصرّف الأخير الذي قام به الملك، «يأتي بعد مخاض دام قرابة الـ 8 أشهر من الاتصالات والضغوط والمبادرات، كان أبرزها التحرك الأميركي عبر مساعد وزير الخارجية لشؤون العمال وحقوق الإنسان تيم مليونسكي الذي طردته البحرين في تموز الماضي».
وحملت هذه الفترة الكثير من السيناريوهات والأفكار والمشاريع للحل السياسي في البحرين، على قاعدة التوافق بين الملك والمعارضة المتمثلة في عدد من القوى السياسية وعلى رأسها الوفاق البحرينية.
اتخذ الملك قراراً
فردياً سيسجل على أنه الأسوأ في تاريخه السياسي

وعلى هذا الأساس، «بدأ ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة نجل الملك ووزير الديوان الملكي خالد بن أحمد آل خليفة تلك الحوارات والاتصالات، إلا أن ما نتج عن ذلك كان تصلّب الملك البحريني ورفضه كل المبادرات والأفكار المطروحة للحلّ واتخاذ قرار بالمضي في سياسة الاستفراد والاستبداد»، بحسب ما أوضحت المصادر.
وشرحت المصادر أن «الديوان الملكي عرض وثيقة تضمنت خمسة بنود ضبابية على عدد من الشخصيات يوم الثلاثاء الماضي، عندما اتصل بهم عند منتصف ليل الاثنين، ودعاهم لحضور ديوان ولي العهد». وبحسب المصادر، «التقت هذه الشخصيات ولي العهد البحريني الذي تلا عليها البنود الخمسة وطالبها بالتوقيع عليها والالتزام بها».
والبنود الخمسة فيها إشارات إلى استمرار الأمر الواقع، ولا مجال فيها لأي متنفس سياسي، بل تكرّس الطبقية والتمييز والمزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان، بحسب ما أوردت المصادر. وهذه البنود هي كالتالي:
1- إن التعديل الذي سيجري على الدوائر الانتخابية ليس تعديلاً عادلاً ولا ينصف المواطنين ولن يؤخذ بنظام الدائرة الواحدة ولا بالدوائر الخمس ولن يكون هناك صوت لكل مواطن، بل سيكتفي الملك بتعديلات طفيفة يعتقد أنها أكثر توازناً كما عبر عنها ولي العهد.
2- السلطة التشريعية: سيبقى مجلس الشورى كما هو وسيعيّنه الملك وعدد أعضائه مثل أعضاء المجلس المنتخب 40 عضواً وستكون له الصلاحيات نفسها في التشريع، وليس هناك أي استجواب لرئيس الوزراء بل يبقى الحال على مساءلة الوزراء، وفق ضوابط معقدة وقد يسمح بتوجيه سؤال فقط لرئيس الوزراء.
3- تأليف الحكومة: الملك يعيّن رئيس الوزراء ولا يحق للبرلمان أن يتدخل ولن يكون له رأي في تعيين رئيس الوزراء على الإطلاق، وتبقى الحكومة معيّنة على نحو تام من قبل الملك عبر رئيس الوزراء الذي يعينه على نحو منفرد.
وما لفت الانتباه في ما قدمه الملك أن البرنامج الحكومي يعرض على مجلس النواب وإذا رفض البرنامج الحكومي من قبل أعضاء مجلس النواب ثلاث مرات، يُحلّ مجلس النواب ويلغى. ويُنتخب مجلس نواب جديد، لكون المجلس رفض أو أرجع برنامج الحكومة لمدة 3 مرات.
4 - السلطة القضائية: الملك هو رئيس السلطة القضائية مع بقاء الجهاز القضائي كما هو من دون المساس به وتحت سيطرة الملك على نحو مطلق، مع وجود فكرة لتطوير القضاء عبر الاستعانة بخبرات دولية في التدريب.
5 - المؤسسات الأمنية: لن يُفتح الباب للمواطنين للعمل في المؤسسات الأمنية، كما أن المؤسسات الأمنية لها ضوابطها العسكرية الخاصة والمؤسسات العسكرية لها ضوابطها الصارمة وحدّد القانون من يلتحق بها.
وأفادت المعلومات بأن الشخصيات التي حضرت اللقاء شعرت بنبرة التهديد وطلب التوقيع من دون نقاش في النقاط المطروحة، ورأى أن ما حدث عملية إقفال الأبواب على نحو تام أمام الحوار والمضي في تصعيد الأزمة السياسية في البحرين.
(الأخبار)