سيناء | تحتضن منطقة شرق العريش في سيناء، تحديداً مدينتي رفح والشيخ زويد على الحدود مع غزة وفلسطين المحتلة، العديد من التنظيمات الجهادية والتكفيرية، وعلى رأسها جماعة «أنصار بيت المقدس».
اتخذت «بيت المقدس» تلك المنطقة مسرحاً لمحاربة قوات الجيش والشرطة المصرية، وخصوصاً بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي في الثالث من حزيران عام 2013، وذلك انطلاقاً من الحدود الشمالية الشرقية باتجاه الغرب، سعياً إلى فرض السطوة والسيطرة على سيناء، في وقت تشير فيه مصادر عدة إلى اتصال الجماعة بتنظيم «الدولة الإسلامية» وتبنيها لأفكاره وابتعادها في الوقت ذاته عن أفكار تنظيم «القاعدة» العالمي.
وقبل قرابة ثلاثة أشهر، نظمت جماعة «أنصار بيت المقدس» في مدينة الشيخ زويد شمالي سيناء عرضاً عسكرياً مسلحاً، شاركت فيه أكثر من عشر سيارات، وذلك بعد ساعات من تحذيرات أجهزة مصرية سيادية عن إعلان جماعات تكفيرية «الإمارة الإسلامية» في سيناء، وتوزيع جماعة «أنصار بيت المقدس» منشوراً على أهالي مدينتي رفح والشيخ زويد، تمهد من خلاله لمبايعة «دولة الخلافة» وإعلان سيناء إمارة إسلامية.
كذلك، وزعت جماعة «الأنصار» قبل أيام بياناً على أهالي مناطق الحدود في شمال سيناء، الشيخ زويد ورفح، طالبتهم فيه بأن يكونوا معها، لا إلى جانب الجيش المصري.
وبالرغم من الضربات الأخيرة التي وجهتها حملات الجيش المصري إلى عناصر الجماعة، إلا أن الأخيرة قويت شوكتها وبدأت تظهر علانية في شوارع مناطق الحدود على متن سيارات دفع رباعي. ووجهت الجماعة قبل أيام ضربة موجعة إلى قوات الشرطة، بتفجير مدرعة تابعة لقوات الأمن المركزي، في عملية ذهب ضحيتها 11 جندياً وضابط شرطة.
وعلّق مصدر أمني على تطورات سيناء ونشاط «أنصار المقدس»، قائلاً إنها «تصرفات تؤكد تحذيرات أجهزة استخبارية بشأن استعداد الجماعات الجهادية لإعلان سيناء إمارة إسلامية، وإعلان تبعيتها للدولة الإسلامية»، مشيراً إلى أن «أبا بكر البغدادي يضع سيناء في مقدمة جدول أعماله فى الفترة المقبلة».
وبحسب مصادر أمنية مصرية، بدأ بعض قادة «داعش» المقيمين في سوريا رحلة البحث عن تنظيم يحمل رايته ويبايع زعيمه ليكون جناحاً له في مصر. وحدث اتصال بالفعل مع تنظيم صغير جديد أسسه الإرهابي المسؤول عن مذبحة رفح الثانية (التي وقعت في شهر آب 2013) عادل إبراهيم المعروف باسم «حبارة»، وفقاً لما أفاد به في التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة معه عقب إلقاء القبض عليه.
وتزعم المصادر أن «أبا بكر البغدادي ذكر في حديث له أن تنظيم الدولة الإسلامية يَعدّ سيناء جزءاً من بلاد الشام، التي يرى أنها هي نواة دولته المسماة إسلامية».
ويبدو أن ابتعاد «أنصار بيت المقدس» عن تنظيم «القاعدة» العالمي واقترابه من «الدولة الإسلامية» يمثل خياراً يميل إليه جناح داخل التنظيم، قد يكون على رأسه أبو أسامة المصري، الذي اختتم «خطبة عيد الفطر» الماضي بالدعاء لإخوانه في «الدولة الإسلامية» في العراق بأن «يفتح الله لهم بغداد وسائر البلاد وقلوب العباد».
واستشهدت «أنصار بيت المقدس» بكلمات المتحدث باسم «الدولة الإسلامية» أبو محمد العدناني، التي أشار فيها أخيراً إلى مصر، وإلى «المجاهدين» في سيناء، إلا إن الجماعة لن تعلن البيعة رسمياً للتنظيم المتطرف.
وبين حطام المنازل والمزارع المحروقة بدعاوى أمنية، ووسط الأسواق المغلقة منذ شهور طويلة والمدارس التي لم تسلم من رصاص الاشتباكات، عثر أخيراً أهالي الشيخ زويد والمناطق المحيطة بها على ثماني جثث مذبوحة ومفصولة الرأس في أماكن متفرقة. ويؤكد التشابه بين ذبح هؤلاء المدنيين وما تنشره «داعش» من مشاهد لذبح ضحاياها، أن ثمة علاقة وطيدة تربط بين «داعش» و«أنصار بيت المقدس»، التي تبنت العملية.
وكانت مصادر أمنية وقبلية في سيناء قد كشفت لـ«الأخبار» أن الجماعات الجهادية المسلحة في سيناء، وخصوصاً جماعة «أنصار بيت المقدس»، تسعى إلى الاستفادة من أحداث العراق ومد نطاق عمل تنظيم «الدولة الإسلامية» وتنظيمات أخرى إلى سيناء.
وتؤكد مصادر قبلية مطلعة أنه تُجرى اتصالات غير مباشرة بين «بيت المقدس» وتنظيم «الدولة الإسلامية»، حيث يسعى التنظيم المتطرف إلى أن يجد له موطئ قدم في مصر، الأمر الذي يمثل خطراً ليس على منطقة شبه جزيرة سيناء التي يتعرض فيها الجيش لخسائر فادحة فقط، ولكن أيضاً على مناطق مصرية أخرى كالقاهرة مثلاً، التي قد تمتد إليها أيادي التنظيمات المتطرفة إن لم يحسن التعامل معها.