القاهرة | بدأت الحكومة المصرية فعلياً يوم أمس بجمع الـ 60 مليار جنيه التي تحتاج إليها لاستكمال الحفر في مشروع قناة السويس الجديدة، والتي يبلغ طولها 73 كم والتي ترغب الرئاسة المصرية في الانتهاء من الأعمال فيها خلال عام. ويأتي ذلك في سياق تعويل الحكومة على خططها الاقتصادية الجديدة وعلى مشروعاتها القومية لخفض معدل البطالة وزيادة النمو الاقتصادي.
وفي أول أيام عملية بيع شهادات استثمار قناة السويس، شهدت المصارف الرسمية الثلاثة إقبالاً كبيراً من المواطنين على الشراء.
وتتراوح مدة الشهادات بين 3 و5 سنوات وتعطي عائداً يتراوح بين 10.5 في المئة و12 في المئة، وهو أكبر عائد على الشهادات في مصر منذ قرابة عامين، بينما يصرف العائد الخاص بها بشكل ربع سنوي.
وتأخر طرح الشهادات أكثر من مرة خلال الأسابيع الماضية بسبب عدم الانتهاء من الإجراءات الخاصة، قانونياً وتشريعياً، وبسبب الاجتماعات المكثفة التي عقدت بين مسؤولي المصرف المركزي ووزارة المالية وهيئة قانون السويس بهدف وضع الضوابط الخاصة بالشهادات، فيما شجع قرار الإعفاء من الضرائب وعدم وجود حد أقصى للشراء المواطنين على الاستثمار.
ووفقاً للقانون، فإن الشهادات التي تصدرها المصارف تضمنها وزارة المالية المصرية ولا يسمح لأصحابها باستردادها خلال العام الأول، بينما يسمح باستردادها لاحقاً، على أن يكون الاسترداد وفقاً لضوابط تخفض سعر الفائدة بحسب الفترة التي مضت على شراء الشهادة، بينما ستقوم الحكومة بتسديد العائدات على الشهادة فئة الألف جنيه عبر إيرادات قناة السويس خلال العام الأول للحفر، وهو ما يرى عدد من خبراء الاقتصاد أنه سيزيد من عجز الموازنة.
وبينما شجع إعفاء الشهادات من الضرائب على دفع المستثمرين إلى وضع أموالهم في الشهادات وشرائها، تراجعت الفئة الفقيرة عن شراء الشهادات بعدما قرر المصرف المركزي صرف العائد عن الشهادات فئة 10 و100 جنيه بشكل مجمع بعد مرور السنوات الخمس.

انتقاد الاعتماد على
أموال المواطنين بسبب مخاوف حيال سدادها

ووفقاً لخطة الحكومة لسداد العائد من الشهادات، فإن زيادة عدد السفن المارة في قناة السويس بعد حفر القناة الجديدة وتنفيذ مخطط التنمية، الذي يشمل إنشاء مراكز لصيانة السفن والصناعات الخفيفة، سيكون كافياً لتسديد الفوائد وإعادة الأموال لأصحابها بعد السنوات الخمس، مع اعتماد الأرباح الخاصة بها.
وينتقد بعض خبراء الاقتصاد توجه الحكومة للاعتماد على أموال المواطنين في حفر مشروع القناة الجديدة والترويج للشهادات باعتبارها ميزة كبرى بسبب وجود احتمال لتأثر حركة التجارة العالمية بالأحداث السياسية، الأمر الذي سيجعل الحكومة تدخل في أزمة اقتصادية، وخصوصاً مع اعتمادها في المشروع على وضع أبعاد نمو لحركة التجارة، وليس تقلّص الحركة، مع عدم وضع خطط بديلة في حال انخفاض عائدات القناة.
وأعلن رئيس المصرف المركزي هشام رامز أن المبلغ المستهدف جمعه من المواطنين 60 مليار جنيه وسيغلق بعدها باب شراء الشهادات، مرجعاً تحديد فترة الاسترداد بعد عام من تاريخ طرح الشهادات بسبب الانتظار لحين الانتهاء من مرحلة الحفر.
من جهته، أعلن المصرف المركزي عن تراجع أسعار صرف الدولار في السوق السوداء بسبب إقبال المواطنين على استبداله بالعملة المصرية بهدف الاستفادة من العائد الكبير في الشهادات الجديدة.
واتخذ العديد من الجهات الحكومية قرارات بوضع جزء من أموال الصناديق الخاصة بها في الشهادات للاستفادة من العائد الكبير لها والمساهمة في المشروع، ومنها صندوق العاملين في «جامعة الأزهر»، الذي وضع 250 مليون جنيه.
وشهد عدد من المصارف، أمس، قيام المواطنين بفك ودائعهم المصرفية لشراء الشهادات التي تعطي عائداً أكبر بـ 2 في المئة.
وتأثرت عملية شراء الشهادات سلباً بسبب انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، لتقرر المصارف مد ساعات العمل للسادسة مساء من أجل إتاحة الفرصة لشراء الشهادات، بزيادة أربع ساعات من العمل.
وستقوم هيئة قناة السويس بالتنسيق مع الإدارة الهندسية للقوات المسلحة بشراء معدات ضخمة و«كراكات» لتنفيذ عمليات الحفر لافتتاح القناة يوم 6 آب المقبل، كما قرر ذلك الرئيس عبد الفتاح السيسي، علماً بأن معدلات الحفر لا تزال، حتى الآن، أقل بكثير من المتوقع، برغم كثرة الشركات التي تم الاتفاق معها لتنفيذ المشروع.