فيما تروّج وسائل الإعلام المؤيدة للعدوان السعودي لسيطرة قوات «التحالف» على منطقة فرضة نهم شرقي العاصمة صنعاء، قام وفد إعلامي يمني بجولةٍ ميدانية في المنطقة المذكورة لرصد حقيقة الوضع على الأرض، ولا سيما بعد ادعاءات بسيطرة القوات الأجنبية والمسلحين المؤيدين لها على «اللواء 312» في المنطقة نفسها. وتبعد فرضة نهم عن مدينة صنعاء 50 كيلومتراً شرقاً باتجاه محافظة مأرب، وتفصلها عنها جبال شاهقة وأودية، وهي تحتل نقطة تربط بين العاصمة ومأرب، وتتبع محافظة صنعاء إدارياً.
الجولة بدأت من منطقة صرف ومن ثم بني حشيش، نزولاً الى خلقة نهم في محافظة صنعاء، حيث تبيّن أن الطريق الرابطة بين صنعاء ومأرب مقطعة الأوصال إثر القصف الجوّي المتواصل، لولا محاولات الأهالي إعادة تأهيل الطريق بردم الحفر التي يحدثها القصف.
وفي منطقتي مسورة وبطنة اللتين نالتا نصيبهما من غارات طائرات العدوان، دُمّر أحد الجسور جزئياً في بطنة نهم جراء الغارات الجوية التي لم تصب الجسر من المرة الأولى، وحين تجمع بعض الأطفال لمشاهدة ما حدث، إذا بالغارة الثانية تقتل أحد الأطفال وتجرح أربعة آخرين. وحين ظهر جسر آخر مدمر بصورة جزئية أيضاً، بدا أن المنطقة أصبحت عسكرية بكاملها، حيث يصول فيها الطيران السعودي ويجول منفذاً غارات جوية متتالية.
نفذت طائرات العدوان نحو 200 غارة على فرضة نهم خلال يوم واحد

وأثناء تقدم الوفد على النقاط الأمنية التي ينصبها الجيش و«اللجان الشعبية»، كانت صواريخ «الكاتيوشا» تنطلق من كل مكان موجهةً إلى المسلحين المتمركزين في الجبال المقابلة. وعند الوصول إلى فرضة نهم التي تضم «اللواء 312» حرس جمهوري والنقطة الأمنية التي لا تزال في قلب المنطقة الرابطة بين صنعاء ومأرب، اتضح أن الجيش و«اللجان الشعبية» لا يزالان يسيطران على المنطقة. وفيما كان أزيز الطائرات السعودية ينذر بخطورة الوضع، طُلب من الوفد التفرّق لأن الغارات الجوية تستهدف أي تجمع بشري في تلك المنطقة. أما معسكر «اللواء 312» فيتعرّض لقصف كثيف من طيران العدوان، ورغم ذلك لم تتمكن قوات «التحالف» من إسقاطه.
وفي الجهة المقابلة لفرضة نهم، تقع جبال قرود والملح التي شنّت قوات «التحالف» والمجموعات المسلحة أكثر من هجوم للوصول إليها، إلا أن الجيش و«اللجان» تمكنا من صد تلك المحاولات، مع العلم بأن جبال قرود يتمركز فيها مسلحو «الإصلاح» الذين يقيمون في المنطقة من الأساس.
كانت المدفعية و«الكاتيوشا» هما أبرز المتصدين لقوات «التحالف» إلى جانب مساعدة «الطبيعة»، إذ إن الجيش و«اللجان» يخوضان في تلك المنطقة حرب الجبال والطرق الوعرة، المعتادين عليها.
ورغم تكثيف القصف، لا يزال المسافرون من المدنيين يواصلون الذهاب من صنعاء إلى مأرب، والعكس. ولم ينقطع الطريق بالرغم من خطورته. ورغم استهداف طيران العدوان لجسرٍ جديد أثناء الجولة الميدانية، ما زاد من معاناة المواطنين، استطاع المسافرون عبر تعاونهم خلق طريق فرعية استطاعت بعض المركبات اجتيازها، فيما علقت مركبات أخرى تحمل العائلات من الأطفال والنساء، فكان أن تساعد المسافرون لإخراجها لتواصل طريقها نحو مأرب وأخرى نحو صنعاء.
ويمكن القول إنه على الرغم من فشل قوات «التحالف» ومسلحيه في السيطرة على فرضة نهم وتعبيد الطريق نحو العاصمة مثلما يبتغون، تزيد الهجمات المتواصلة والغارات الجوية العنيفة من معاناة أهل العاصمة وسكانها، حيث سيشتد الحصار عليهم من جهة مأرب بعد تقطيع الطرق الواصلة بين العاصمة والمحافظة الشرقية. كذلك، إن مأرب الغنية بالنفط وبالموارد الطبيعية هي التي تزوّد العاصمة وغيرها بمادة الغاز المنزلي، غير أن ناقلات الغاز الضخمة لن تستطيع عبور الطريق الفرعي المؤقت الذي أنشأه الأهالي، حتى يتم إصلاح الطريق بالردم أو ما شابه.
وفي يوم الجولة نفسه، نفذت طائرات العدوان نحو 200 غارة على فرضة نهم التي يرى مراقبون أنها تمثل رقماً صعباً لن يستطيع العدوان تجاوزه بسهولة، رغم استماتته للسيطرة عليها وتحقيق نصر معنوي على طريق صنعاء. ورغم كل محاولاته، لا يزال الطريق إلى صنعاء يحمل مفاجآت عدة للتحالف الذي ظل أكثر من عشرة أشهر يحاول اجتياز فرضة نهم من دون جدوى.