تحوّل تاريخي نشأ في الجولان مع وجود تنظيم «جبهة النصرة» بالقرب من الحدود الإسرائيلية، إلا أن ذلك ليس نهاية العالم. هذا ما أكدته مصادر أمنية إسرائيلية، لا تترقب تردي الوضع الأمني على الحدود، حتى مع وجود «القاعدة» على بعد أمتار من الأراضي الإسرائيلية.
تحت عنوان «نظام جديد في الجولان»، كتب معلق الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، يشير إلى أن المسار التاريخي الذي بدأ يتشكل شمالاً، على الحدود مع سوريا، أهم بكثير من التطورات التكتيكية المتفرقة في اليومين الأخيرين، ومن بينها سقوط «قذائف شاردة» على الأراضي الإسرائيلية، منزلقة من الحرب الدائرة بين الجيش السوري و«المتمردين»، أو إسقاط طائرة من دون طيار ضلت طريقها على الحدود.
ورأى هرئيل أنّ «إنهاء الوجود العسكري السوري النظامي على الحدود، وإنهاء مهمة المراقبين الدوليين التي استمرت منذ عام 1973، يشير إلى وضع جديد، يضع إسرائيل أمام تحديات مباشرة لم تكن قائمة في السابق». مع ذلك، نقلت «هآرتس» عن مصادر في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، أن لا خطر مباشراً جراء التغييرات الميدانية على الحدود مع سوريا، فطوال العامين الماضيين، عزّزت تل أبيب علاقاتها مع «القرويين السوريين» وراء السياج الحدودي، و«من بين أمور أخرى، وضعت في تصرف الجرحى السوريين مستشفى ميدانياً، قدم العلاج للمئات منهم»، مشيرة إلى أنه «يوجد في معبر القنيطرة الآن تحالف من جماعات في المعارضة تعد معتدلة، وهي حريصة على عدم مواجهة إسرائيل...

طوال العامين
الماضيين عزّزت تل
أبيب علاقاتها مع
«القرويين السوريين»

أما جبهة النصرة، التي أسهمت في إسقاط المعبر، فلم تبقَ في المكان، ونقلت قواتها بعيداً عنه». التغيير الميداني، بحسب المصادر، لا يرتبط فقط بمجريات القتال السوري ونتائجه، بل أيضاً بالمراقبين الدوليين (الأندوف) غير القادرين على تقديم المساعدة، والمتوقع انسحابهم قريباً. و«قبل يومين قامت الكتيبة الايرلندية، وربما بمساعدة من إسرائيل، بإنقاذ جنود فيليبينيين في مركزين تابعين للأمم المتحدة، تعرضوا لخطر الخطف من قبل جبهة النصرة»، الأمر الذي يشير، بحسب المصادر، إلى أن «المراقبين الدوليين باتوا بلا فائدة ووجودهم بلا طائل». وأضافت أن «الحكومة الفيليبينية أعلنت أنها ستسحب قواتها من المنطقة، ولا يستبعد أن تحذو حذوها بلدان أخرى، تسهم في عديد قوات الأندوف».
ورغم تأكيد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية متانة الوضع الأمني على الحدود، إلا أنّ «هآرتس» نقلت في موازاة ذلك عن مصادر أمنية، تأكيدها في المقابل أنه يصعب تقويم الوضع وتقدير ما يمكن أن يحدث، إذ أن الواقع يتغيّر بسرعة كبيرة، ومن شأنه أن يسبق التوقعات، ولهذا السبب قام الجيش بسلسلة من التغييرات شمالاً، من بينها تحسين وضع السياج الأمني ورفع قدرته على اكتشاف الخروق، وتعزيز وضع الجمع الاستخباري عما يجري وراء الشريط الشائك ومتابعة نيات التنظيمات المختلفة الموجودة هناك، إضافة إلى انتشار وحدات عسكرية نوعية على طول الحدود. وأشارت الصحيفة إلى أنه لم يسبق لأي «جماعة جهادية» تقاتل (الرئيس السوري بشار) الأسد، أن شنت أو حاولت شنّ هجوم على إسرائيل. أما الأحداث المتفرقة التي سجلت في الماضي، بما يشمل زرع عبوات وإطلاق صواريخ على أهداف إسرائيلية، فتبيّن أنها نفذت من قبل جهات مدعومة ومدفوعة من النظام السوري. وبالإجمال، بحسب «هآرتس»، «وجود جبهة النصرة في الجولان وداعش من ورائها، في مكان ليس ببعيد في الاراضي اللبنانية، لا يعني أن نهاية العالم قد اقتربت، رغم أن من واجب إسرائيل أن تكون أكثر يقظة وحذراً».
من جهتها، أشارت القناة العاشرة العبرية، في نشرتها أمس، إلى أن وجود «جبهة النصرة» على الحدود لا يعني أن الخطر بات قائماً، وأن الوضع سيشهد تغييراً وتهديداً جديدين، مضيفة أن «مستوى العلاقة القائمة بين إسرائيل والنصرة، تماماً كما هو تجاه الجهات المتمردة الأخرى في الجولان، لا يشير إلى وجود عداوة بينية»، إذ إن اهتمامهم وطاقاتهم تتركز فقط على محاربة نظام الأسد، بناءً على المفهوم الموجود منذ القدم في الشرق الأوسط: عدو عدوي... هو صديقي.