لا يبدو أن إسرائيل تأثرت من اتساع سيطرة «جبهة النصرة» على مناطق واسعة على الحدود في الجولان. «الفصيل الإسلامي المتطرف الموالي للقاعدة»، بحسب ضباط إسرائيليين، غيّر خريطة انتشار القوات في الجانب السوري من الحدود، «لكن لا خطر فوريا على إسرائيل». معارك معبر القنيطرة كان سبباً لإطلالة الجيش الإسرائيلي، عبر صحيفة «هآرتس»، لطمأنة المستوطنين، إلى ان إجراءاته وتدابيره الاحترازية، كفيلة بمنع التهديد، غير الجديد بل والقائم منذ عام 2012، بعدما سيطرت في حينه تنظيمات المعارضة على اختلاف أنواعها، على مقاطع واسعة من الجانب الجنوبي من الحدود مع سوريا.
إضافة إلى معبر القنيطرة، أشارت مصادر عسكرية إسرائيلية، إلى أن المئات من عناصر «النصرة»، اجتاحوا مناطق تسيطر عليها فصائل أكثر اعتدالاً في المعارضة السورية، مستعينين بآليات ودبابات غنموها من الجيش السوري في مرحلة سابقة، ومن بينها «ت 62» و«ت 72»، أما الفصائل المعتدلة، فلم تحاول الاصطدام بهم، وتجنبت المواجهة معهم.

عناصر «النصرة»، بحسب «هآرتس»، وهم بمعظمهم سوريون، ليسوا وجهاً جديداً في الجولان، بل إن إسرائيل اعتادتهم، إذ إنه منذ «عام 2012 وصلت النصرة إلى تخوم إسرائيل، وانتشرت وسيطرت على النصف الجنوبي من الحدود، حتى منطقة معبر القنيطرة»، إلا أن تعزيز قوة «النصرة» في المرحلة الأخيرة بالقرب من الحدود، مرتبط أيضاً بتنظيم «الدولة الإسلامية»، الذي سيطر على مناطق واسعة شمال سوريا، الأمر الذي دفع عناصر «النصرة» للفرار إلى الجنوب والغرب، والكثيرون منهم وصلوا إلى منطقة الحدود في الجولان.
مع ذلك، أكد ضباط رفيعو المستوى في قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، أن «داعش بات أيضاً قريباً من الحدود، ويدق أبواب الجولان»، برغم أن المسألة ما زالت غير مرجحة حتى الآن. وأكد الضباط أن عدد الموالين لتنظيم الدولة الإسلامية ما زال محدوداً في هذه المنطقة، إلا انّ من السهل سماع أصوات موالية له في عدد من القرى والبلدات، بما يشمل زعماء وعلماء دين إسلاميين، بل إن راياته ترفع في هذه المناطق وإن بصورة متفرقة، و«كما حصل في العراق، لا يبعد أن تتبلور تحالفات بين داعش وهذه البلدات، وإن كانت لا تتشارك معه أفكاره المتطرفة، الأمر الذي سيسهل عليه السيطرة على هذه المنطقة».

فرضية سيطرة
«داعش» على الحدود موجودة على طاولة التقويم الاستخباري


فرضية سيطرة «داعش» على المنطقة الحدودية، موجودة على طاولة التقويم الاستخباري لدى الجيش الإسرائيلي، إلا أن ضباطا رفيعي المستوى أكدوا لهآرتس أن «هذا السيناريو غير منظور على المدى القريب»، وأضافوا «كل شيء يتغير هنا، بما يشمل ولاءات التنظيمات المختلفة، وخاصة أن الجيش السوري نفسه، غير موجود تقريباً على طول الحدود مع إسرائيل».
كيف يتوزع انتشار القوات المتحاربة؟ سؤال أجابت عنه المصادر العسكرية الإسرائيلية، بالتأكيد على أن الجيش السوري ما زال يناضل للمحافظة على جيوب بالقرب من معبر القنيطرة، إضافة إلى السيطرة على الممر المؤدي منه باتجاه الشمال الشرقي حتى العاصمة دمشق. كما أن الجيش السوري يسيطر على مناطق الحرمون مدعوماً من الدروز الذين يظهرون ولاءهم للنظام، بما يشمل قرية حضر في شمال الجولان. وباستثناء هذه المناطق، يسيطر خليط من تنظيمات المعارضة على مساحة جغرافية واسعة بالقرب من الحدود، والبارز من ضمن هذه التنظيمات، جبهة النصرة، التي تسيطر أيضا على بلدة صيدا البعيدة ثلاثة كيلومترات عن مستوطنة «مغيشيم» في الجولان.
هذا الواقع، بحسب مصادر عسكرية إسرائيلية، كان مقدراً مسبقاً لدى الجيش، من ضمن فرضيات أخرى، الأمر الذي دفع رئيس الأركان بني غانتس، إلى العمل منذ عام على مسارين اثنين: تحسين وضع السياج الحدودي وعوائقه، وإنشاء فرقة عسكرية جديدة متخصصة بحماية الحدود، و«إلى حد بعيد، نجح الجيش في وضع حاجز بينه وبين ما يحصل في الجانب الثاني من الحدود». وتؤكد المصادر أن الخطر ليس قريباً، برغم أن الجيش يعالج فرضيات التهديد المختلفة، لكن «قد نشهد لاحقاً محاولات تنفيذ عمليات طموحة ضد أهداف مدنية إسرائيلية، سواء من جانب النصرة أو داعش، أو منظمات متعصبة أخرى... لكن على المدى البعيد، وليس القريب، برغم أن الجانب السوري من الحدود بات ملوناً بخمسين راية سوداء».