شهد الأسبوع الثاني من الحراك الحوثي تطورات عدة أسهمت في تسعير الأزمة بين حركة «أنصار الله» والحكومة اليمنية. بعد إخفاق المفاوضات في صعدة بين قيادة الحركة واللجنة الرئاسية، وبعد إعلان زعيم الحركة عبد الملك الحوثي انتهاء المرحلة الثانية من «التصعيد الثوري» اليوم، وانطلاق المرحلة الثالثة، من المتوقع أن تشهد صنعاء تصعيداً في داخلها وعلى مداخلها، حيث يعتصم الحوثيون بأسلحتهم، ويُتخوّف من أن تتحول المسيرات اليوم إلى مواجهات، وخصوصاً بعدما تحوّلت الأزمة في الأيام القليلة الماضية إلى تحدٍّ مباشر بين الحركة والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وفي ظلّ دعوة هيئة «الاصطفاف الشعبي»، الداعمة للرئيس اليمني، إلى تظاهرات مضادة في صنعاء ومحافظات أخرى.
وعقد حزب المؤتمر الشعبي العام أمس اجتماعاً استثنائياً للجنته العامة، أعلن خلاله هادي، أن «بعض القوى والجماعات تسعى إلى خلق الأزمات من أجل مصالح وأجندات داخلية وخارجية»، مشيراً إلى أن بلاده تمرّ بمنعطف خطير فرضه الحوثيون.
وحذّر هادي خلال اجتماع استثنائي للجنة العامة لحزب «المؤتمر الشعبي العام» مما وصفها بــ«تجارب لأطماع إقليمية ومذهبية»، متمنياً أن يُجَنّب اليمن منها على اعتبار أن «المذهبية والطائفية تستخدمان أدوات للموت والدم والانتقام».
وأكد أن هناك لجنة متخصصة ستدرس المقترحات التي تقدم بها حزب «المؤتمر» و «الحزب الاشتراكي اليمني» و«التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري»، بخصوص الأزمة، مضيفاً أنه سيبني عليها «ما يمكن أن يجري في إطار الاصطفاف الوطني»، من دون الإفصاح عن ماهية هذه المقترحات.

قتل الجيش
ناشطاً من أنصار
«الحراك الجنوبي»
أمس في عدن

كذلك، دعت هيئة «الاصطفاف الشعبي لحماية المكتسبات الوطنية» إلى الاحتشاد اليوم في عموم المحافظات تحت شعار «معاً لأجل اليمن».
وقالت الهيئة في بيان إن «المؤامرات التي تحاك ضد التماسك الاجتماعي للوطن ومؤسسات الدولة تستوجب من أبناء الشعب أن يلتفوا وراء دعوة الاصطفاف، وأن يجددوا التأكيد على رفضهم لكل دعوات الفتنة والتحريض على العنف وحصار المدن».
في غضون ذلك (ياسر اليافعي)، عاد التوتر جنوباً إلى عدن من جديد، بعد مقتل ناشط وإصابة 3 آخرين من أنصار «الحراك الجنوبي» أمس، يأتي ذلك على خلفية رفض الحراك إقحام عدن بما يحدث من توتر في صنعاء، حيث أعلن حزبا «التجمع اليمني للإصلاح» و«المؤتمر» في عدن تنظيم فعالية ضد حركة «أنصار الله» ودعماً للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. الحراك الجنوبي عدّ ذلك محاولة لنقل الصراع من صنعاء إلى عدن، وإقحام الجنوب في مشاكل لا يريدها، لذلك حشد أنصاره في مسيرة مضادة قمعتها قوات الجيش بالرصاص، ما أدى إلى مقتل شاب وإصابة ثلاثة آخرين.
ويأتي هذا التصعيد في عدن بعد هدوء نسبي شهدته مختلف المحافظات الجنوبية خلال الأشهر السابقة، وهو ما ردّه البعض إلى نجاح الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في احتواء الحراك واستقطاب قادته إلى صنعاء وقبولهم مخرجات الحوار، التي تضمّنت تقسيم الجنوب إلى إقليمين ضمن دولة اتحادية من 6 اقاليم.
ويلتزم الحراك الجنوبي الصمت جراء التوتر الحاصل في صنعاء بين النظام اليمني والحوثيين. ويرى مستشار الرئيس السابق علي سالم البيض (جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية) يحيى غالب الشعيبي، أن ما يحدث في صنعاء «صراعٌ سياسي بين المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني»، وأن التوقعات المبكرة بفشل مؤتمر حوار صنعاء وعدم مشاركته فيه «كانت منطقية وواقعية»، وأن المتصارعين اليوم هم متحاورو الأمس، وجميعهم اتفقوا على إجهاض قضية شعب الجنوب، وهم يطالبون بتنفيذ مخرجات حوار صنعاء كلا على طريقته. وأضاف الشعيبي أن شعب الجنوب لم يخرج ضد ارتفاع المشتقات النفطية، لأن الشارع الجنوبي منذ 1994 رافض لهذا الواقع المفروض بالقوة.
بدوره قال الناشط عبدالعزيز الحدي إن الجنوبيين ينظرون إلى ما يحصل اليوم في صنعاء كنتيجة طبيعية لما آلت إليه الأمور في أواخر الحوار، حيث استقوت قوى النفوذ المتمثلة في الإصلاح والمؤتمر بما تمتلكه من أدوات ضغط، فارضةً رؤاها خارج سياق التوافق. وأضاف الحدي أنه فيما كان يراد للفدرالية أن تعالج قضية الجنوب العادلة، وترمي إلى الحفاظ عليه ككيان سياسي ومجتمعي واحد، أرادت تلك القوى أن تجعل منها سكيناً لذبح تلك القضية ودفنها إلى الأبد، عبر تقسيم الجنوب إلى إقليمين، أحدهما مختلط مع جزء من الشمال، وهو إقليم عدن. وتجاهلت تلك القوى مخاطر هذه الخطوة، وأولها الرفض الجنوبي القاطع، وليس آخرها شرذمة الشمال نفسه.
(الأخبار، الأناضول)