القاهرة | «لن ألعب الدور الذي رسموه لي». بهذه الجملة أعلن الناشط السياسي علاء عبد الفتاح (سجين كل العصور منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك وانتهاءً بالنظام الحاكم حالياً) بدء إضرابه عن الطعام داخل سجنه في «سجن طره»، الذي يقضي فيه عقوبة السجن خمسة عشر عاماً في قضية التظاهر أمام مجلس الشورى لرفض قانون التظاهر الذي أصدره الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، ولينضم بذلك إلى رفاقه الذين يلقى معظمهم المصير ذاته بتهمة خرق قانون التظاهر، في معركة أُطلِق عليها عنوان «الأمعاء الخاوية» ضد استخدام النظام للحبس الاحتياطي كعقوبة وضد إجراءات التقاضي.
علاء قرر ذلك في الثامن عشر من الشهر الجاري، عقب زيارته لوالده المحامي الحقوقي أحمد سيف الإسلام حمد الذي أجرى عملية جراحية في القلب ويرقد على أثرها في العناية المركزة في المستشفى. وكانت أسرة الناشط المصري قد تقدمت بطلبات عدة للنائب العام بهدف السماح لعلاء ولشقيقته سناء، المسجونة بدورها على ذمة قضية المشاركة في مسيرة ضد قانون التظاهر في القضية المعروفة إعلامياً بـ«مسيرة الاتحادية»، لزيارة والدهما. وقالت الأسرة مساء يوم الزيارة، في بيان: «علاء في السجن للمرة الثالثة منذ اندلاع ثورة 25 يناير، وفي كل مرة تأتيه السلطة - أياً كانت - بتهمة وهمية جديدة. وأخيراً جاء ما لم يستطع تحمله، وهو أنهم منعوه من الوقوف إلى جانب أبيه ومساندته حين دخل ليجري جراحة قلب مفتوح. ومنعوه من زيارته إلى أن غاب عن الوعي».

تراجعت ماهينور
عن إضرابها خوفاً على سجينات ساندنها

كان آخر المنضمين إلى قائمة المضربين عن الطعام يوم أمس، الناشط السياسي حمادة نوبى، الذي يلقى مصير علاء في القضية ذاتها أيضاً، وقد سبقته إلى ذلك الناشطة والحقوقية ماهينور المصري، المسجونة لفترة ستة أشهر في «سجن الأبعدية» في مدينة دمنهور بموجب قضية مخالفة قانون التظاهر، معلنة تضامنها مع رفاقها في حملتهم التي اختاروا لها شعار «جبنا آخرنا»، هذا الشعار الذي تحول بعدها إلى «هاشتاغ» اجتاح بقوة عالمي «فايسبوك» و«تويتر».
وجدير بالذكر أن صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مؤيدة للناشطة ماهينور، أعلنت يوم أمس أنها «فكّت إضرابها عن الطعام بسبب تضامن المسجونات (أغلبهن من كبار السن) معها عبر إضرابهن بدورهن عن الطعام»، مضيفة أنها «فعلت ذلك خوفاً على صحتهن، وأنها ما زالت تؤكد تضامنها الكامل مع المضربين عن الطعام في السجون». وأوضحت إيمان منصور، وهي عضو «جبهة الدفاع عن متظاهري الإسكندرية»، أن ماهينور حاولت إقناع السجينات بعدم الدخول في الإضراب عن الطعام، لكن رفضن ذلك وأصررن على استكماله تضامناً معها.
وفي الوقت الذي لم تتجاوز فيه أيام إضراب علاء وزملائه عن الطعام العشرة أيام، تجاوز محمد سلطان، وهو نجل القيادي في جماعة الإخوان المسلمين صلاح سلطان، والمتهم في قضية «غرفة عمليات رابعة العدوية»، يومه الـ 223 في الإضراب عن الطعام، للمطالبة بمحاكمته، وإعلان التهم الموجهة إليه، واحتجاجاً كذلك على استمرار سجنه عقب القبض عليه لإجبار والده على تسليم نفسه للسلطات الأمنية بعد عجزها عن إلقاء القبض عليه، حسب قوله. وقد مرّ على حبسه حتى الآن نحو عام دون أن توجه إليه النيابة اتهاماً واحداً أو تقدمه للمحاكمة.
يأتي بعده الطبيب الشاب إبراهيم اليماني، المحتجز منذ الرابع عشر من آب من العام الماضي على خلفية أحداث «مسجد الفتح» الثانية، ولم يُحاكَم حتى الآن، حيث يكمل اليوم الأربعاء يومه الرابع والثلاثين من الإضراب عن الطعام كمشارك في معركة «الأمعاء الخاوية» للمرة الثانية. واستمر إضرابه الأول لتسعة وثمانين يوماً، نُقل بعدها إلى سجن استقبال طرة، بعدما تنحت هيئة المحكمة عن القضية، لاستشعارها الحرج. وإلى جانب هؤلاء الناشطين، شملت القائمة كثيراً، قُدِّروا بالعشرات من المضربين عن الطعام داخل السجون المصرية. ومن الجدير بالذكر أن هذه الموجة من الإضرابات عن الطعام بين صفوف المسجونين السياسيين داخل السجون، تعد الأكبر منذ عهد الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات.
محمود بلال، الناشط الحقوقي في «المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية»، وهو محامي المضربين عن الطعام، قال لـ«الأخبار» إن عدد المضربين عن الطعام داخل السجون فى ازدياد مستمر للمطالبة بالحرية، في ظل توجيه تهم لهم ليس لها أي أساس من الصحة وغير قانونية. وتابع بلال قائلاً: «نحن إزاء موضوع سياسي ليس له علاقة بالقانون، بعدما سلكنا كل الطرق المشروعة وليس أمامنا سوى السير في طريق الإضراب عن الطعام، كوسيلة أخيرة، والتصعيد فيه».