القاهرة | لم تعد الانتخابات البرلمانية المصرية واضحة المعالم. لا مواعيد معلنة من اللجنة العليا للانتخابات، ولا وضوح لخريطة التحالفات بين الأحزاب السياسية، فيما يمكن القول إن الأمر الوحيد الذي يبدو مؤكداً يتمثل في التوافق على عمرو موسى رئيساً للبرلمان بعد انعقاده، سواء ترشح للانتخابات أو اختير بالتعيين من الرئيس. وتواجه الانتخابات البرلمانية مصيراً مجهولاً حتى الآن. على مستوى المواعيد، من المقرر إجراؤها قبل نهاية العام الحالي، لكن المؤشرات الأولية تقول إن البرلمان لن ينعقد قبل شهر كانون الثاني المقبل في أفضل الأحوال.

وحتى الآن لا يعرف المرشحون حدود الدوائر الانتخابية التي سيترشحون على أساسها بسبب غياب قانون تقسيم الدوائر. فلجنة وضع مشروع قانون الانتخابات، التي يرأسها وزير العدالة الانتقالية المستشار أمين الهنيدي، لم تنه القانون المذكور حتى الآن، واكتفت بإصدار قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون الانتخابات من أصل القوانين الثلاثة التي كان يفترض أن تنتهي منها مطلع شهر حزيران الماضي.
ووفقاً للنصوص القانونية، فإن الدوائر التي لم يتم تحديد عددها حتى الآن، ستشمل أربع قوائم انتخابية على مستوى الجمهورية تضم 120 نائباً حيث يعتمد النظام الجديد على حصول القائمة على نسبة 50+1 للفوز كاملة أو تدخل جولة الإعادة بحيث سيكون نجاح القائمة بكافة أعضائها، ويضاف إلى الفائزين انتخابياً 27 آخرون يصدر قرار تعيينهم عن رئيس الجمهورية، ليكون العدد كاملاً بـ576 مشرعاً سيتضمنهم البرلمان.
ولم تقم لجنة الانتخابات بإصدار قرارها التنظيمي بمواعيد إجراء العملية الانتخابية برغم بداية الحملات الدعائية للمرشحين على أرض الواقع، عبر نشر اللافتات في الشوارع، بينما تنتظر اللجنة اعتماد قانون تقسيم الدوائر من رئيس الجمهورية بعد صدوره لتعلن مراحل العملية الانتخابية التي يتوقع أن تكون على أربع مراحل تجري كل مرحلة منها على أسبوعين بحيث يستغرق إجراؤها نحو تسعة أسابيع.
وتكتفي لجنة الانتخابات حتى الآن بعد اكتمال تشكيل أمانتها الفنية بمراجعة جدول الناخبين وتنقيته من أسماء المتوفين وإضافة إلى قوائم الناخبين كل من بلغ عمره 18 عاماً.
وتبدو حكومة رئيس الوزراء إبراهيم محلب المستفيد الأول من غياب البرلمان الذي سيحق لأغلبيته تشكيل الحكومة، فالتشريعات والقوانين التي يرغبون في إمرارها تتم من خلال الرئيس مباشرة الذي يملك صلاحية التشريع.
وبرغم حديث رئيس الحكومة المستمر عن سعيه لاستكمال تنفيذ «خريطة الطريق»، التي رسمها الجيش بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في 3 تموز من العام الماضي، لكن تصرفاته وتحركات الرئيس في التعامل مع الانتخابات تؤكد للجميع رغبتهم في الحفاظ على السلطة المطلقة في التعامل مع القوانين والتشريعات وسط غياب الرقابة، فضلاً عن إطلاق مشاريع قومية عملاقة برؤية واحدة تمثل الحكومة فحسب دون رقابة من أي جهة.
أما بالنسبة إلى تحالفات الانتخابات، فهي لا تزال غامضة بدورها، فـ«الأحزاب المدنية» فشلت في التوافق على خوض العملية الانتخابية ضمن تحالف قوي برئاسة رئيس لجنة إعداد الدستور عمرو موسى، بسبب الخلاف حول التيارات التي يضمها واعتراض «حزب الوفد» برئاسة السيد البدوي على وجود أحزاب ينتمي أعضاؤها إلى «الحزب الوطني» المنحل، وذلك برغم ضم «الوفد» أخيراً مجموعة من قيادات «الحزب الوطني»، أبرزهم مصطفي الفقي الذي شغل منصب سكرتير الرئيس حسني مبارك للمعلومات.
وما بين لقاءات مغلقة تارة ومعلنة تارة أخرى، تهدف إلى تدشين تحالف مدني موسع يضم كافة «الأحزاب المدنية»، إلا أن الخلاف بينهم حول نسبة المحاصصة، أي عدد مرشحي كل حزب في الماراثون الانتخابي، وترقيمهم في القوائم، وكذلك رفض بعض الأحزاب الموافقة شكلاً ومضموناً على الانضمام لتحالف يضم من لقبوا بـ«الفلول»، يعقد تلك العملية.
ورفض تحالف الوفد المصري المكون من 5 أحزاب وهم «الوفد، المصري الديموقراطي، الوعي، الإصلاح والتنمية، المحافظين»، ضم أو الانضمام إلى أي تحالف سياسي، بحسب عضو الهيئة العليا أحمد عودة. وقال عودة لـ«الأخبار» إن عدداً كبيراً من الأحزاب طلب من «الوفد» الانضمام إلى تحالفه، إلا أن «الوفد المصري» رفض، مرجعاً هذا الموقف إلى مسألة المحاصصة التي ستقع. وتابع قائلاً إن «كافة الأحزاب التي طالبت بالانضمام رفضت مسمى الوفد المصري، وطالبت باستبداله بمسمى تحالف الأمة المصرية، حال الاندماج معاً، وهو ما دفع أعضاءً في الوفد إلى الرفض بشكل قاطع».
في الأثناء، يعقد «تحالف الجبهة المصرية» الذي يضم أحزاب «المؤتمر»، الذي أسسه عمرو موسى، و«الحركة الوطنية»، الذي يرأسه أحمد شفيق، وهو آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، و«مصر بلدي»، والذي يضم رجال النظام السابق من الصف الأول والثاني، اجتماعاً يوم غد الأحد، ليستكمل باقي مناقشاته.
وقال لـ«الأخبار» الربان عمر صميدة، وهو عضو التحالف ورئيس «حزب المؤتمر»، إن التحالف يهدف إلى ضم كافة الأحزاب المدنية، إلا أن بعض الأحزاب الأخرى تتبع سياسة الإقصاء «ولا سيما التيار الذي يدعم حمدين صباحي»، مشيراً إلى أن التفاهمات والمشاورات لم تدخل حيز التأكيدات بعد.
بدورها، تعلن أحزاب «التيار الديموقراطي»، وهي «العدل، الدستور، التيار الشعبي، التحالف الشعبي، الاشتراكي المصري، الكرامة، مصر الحرية» إنها تدرس المنافسة في الانتخابات بقائمة منفصلة مع تفضيل التحالف انتخابياً مع مجموعة من الشركاء لتكوين تحالف واسع يضمن عدم دخول «الفلول» و«الإخوان» إلى البرلمان.
ووسط كل تلك الأجواء، يبقى السؤال المهم يدور حول المواقف التي سيأخذها التحالف الداعم لجماعة الإخوان المسلمين، وحول أي دور ستؤديه الجماعة.