بغداد | من المحتمل أن لا يتمكن رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي، من تقديم تشكيلته الحكومية في السادس والعشرين من آب الجاري، وهي المدة الدستورية التي نص عليها الدستور العراقي، بسبب مطامع الكتل السياسية في الحصول على وزارات أساسية.
ورجح المحلل السياسي صادق الموسوي، أن يطلب العبادي من البرلمان الحصول على فترة دستورية ثانية تمتد حتى العاشر من الشهر القادم، لأنه لن يكون قادراً على تقديم مكونات الحكومة الجديدة، مشيراً في حديث لـ «الأخبار» إلى أن هذا الطلب سيأتي في ظل ضغوطات سياسية يتعرض لها من الكتل للحصول على مناصب في حكومته الجديدة، مبيناً أن الجميع يحاول أن يحصل على أكبر قدر من المكاسب.
محافظة البصرة، الرئة الاقتصادية للعراق، والتي تسهم بما نسبته 86% من ميزانية العراق، هي إحدى معرقلات تشكيل الحكومة، حيث وقّع 38 نائباً غالبيتهم تنتمي إلى ائتلاف دولة القانون، طلباً مقدّماً للعبادي، لمنح البصرة وزارتي النفط والنقل.
وقال النائب عن محافظة البصرة ورئيس كتلة الدعوة النيابية، خلف عبد الصمد لـ«الأخبار»، إن 38 نائباً قدّموا طلباً للعبادي بإناطة وزارتي النقل والنفط إلى أبناء محافظة البصرة، مبيناً أن «الغاية من ذلك هي أخذ البصرة حقها بالشكل الذي يتلاءم وحجم ما تعطيه للعراق وأبنائه».
فيما توعّد عضو مجلس محافظة البصرة عن كتلة مستقلون في ائتلاف دولة القانون، حسام أبو الهيل، بتنظيم تظاهرات واعتصامات في حال تسويف تلك المطالب وتجاهل حق البصرة الذي لا يختلف عليه اثنان، داعياً أعضاء مجلس النواب وبالأخص ممثلي المحافظة، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني، إلى الدفع باتجاه تحقيق تلك المطالب.
وكانت البصرة ممثلة في الحكومة السابقة بوزيرين من «دولة القانون» هما عامر الخزاعي لوزارة شؤون الدولة للمصالحة الوطنية، ووزير الدولة لشؤون مجلس النواب صفاء الدين الصافي، قبل أن يكون وزيراً للمالية بالوكالة.
ويحاول التحالف الكردستاني الحصول على وزارة المالية مقابل التنازل عن وزارة الخارجية التي كان يديرها هوشيار زيباري لما يقارب من عشر سنوات، بحجة تلافي ما حصل لهم مع المالكي، حين قطع عنهم الموارد المالية وأوقف رواتب الموظفين لعدة أشهر. ويرحّب الأكراد بالحصول على وزارات خدمية أخرى كالتجارة والصحة، وهي الوزارات نفسها التي يديرها وزراء أكراد حالياً. فيما يحاول ائتلاف القوى الوطنية الحصول على وزارتي الخارجية والدفاع، مع طلبهم إلغاء بعض الهيئات الأمنية الموجودة في وزارة الداخلية، والاحتفاظ بوزارة التربية والاتصالات والصناعة.
ويبدو أن الصراع شديد بين ائتلاف دولة القانون وكتلة المواطن على وزارة النفط، التي تُعتبر الأهم حالياً، فالأنباء القادمة من كتلة المواطن، ترشّح إبراهيم بحر العلوم لتسلّم الوزارة، فيما تصرّ كتلة مستقلون في دولة القانون، التي يرأسها حسين الشهرستاني، على أنها الأحق بهذا المنصب، معللة ذلك بالنجاحات التي تحققت في السنوات الأربع الأخيرة خلال توليها للوزارة، وداعيةً إلى منح المواطن وزارة الدفاع.
وليس بعيداً عنهم، التيار الصدري طالب بثماني وزارات خدمية، على أن تكون ضمنها وزارة سيادية هي الداخلية، وهو الأمر الذي وجد رفضاً من قِبل الجميع، مع احتمال ذهاب الوزارة إلى ائتلاف دولة القانون في حال خسارتهم للنفط.
وكانت كتلة الأحرار (الصدريين) قد رشّحت محافظ بغداد علي التميمي أو النائب بهاء الأعرجي لشغل منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية في حال عدم حصولهم على الداخلية، والاحتفاظ بوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي التي يديرونها حالياً.
وأكد رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي، أنه سيرفض أي مرشح لا يتمتع بالكفاءة والنزاهة والخبرة، مبيناً أن الحكومة ستتبع مُحَدِّداتٍ عدة، في اختيار الكابينة الوزارية، فيما نصح رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي، العبادي بتشكيل حكومة أغلبية سياسية إذا ما واجه مطالب كثيرة وتعرّض للابتزاز من قبل الأطراف السياسية، قائلاً: «أقول له ولكل المؤمنين بالديموقراطية، إذا وصلت الأمور إلى هذا الحد من إملاء الشروط، والقيود والعصي، في عجلة عملية التشكيل، أن يلجأ فوراً إلى تشكيل حكومة الأغلبية السياسية، وسيجد الكثير من النواب في مجلس النواب، يشتركون في الحكومة ويمضون معه في التصويت لحكومة أغلبية سياسية».
ويبين الأستاذ في مركز دراسات الخليج في جامعة البصرة سعد التميمي لـ«الأخبار»، أن هناك من يحاول تعطيل أو تأخير تشكيل الوزارة لمصالح خاصة، مشيراً إلى أن أولى محاولات تعطيل عمل العبادي تمثّلت في ضياع أو انتفاء الحاجة للقيام بعملية ترشيق وزاري كان قد طالب بها العبادي، لتقليل عدد أعضاء حكومته من 42 إلى 22، على أن يكون من ضمنها 18 وزارة. وهو الأمر الذي أكده عضو ائتلاف دولة القانون علي العلاق لـ«الأخبار»، إذ بيّن وجود بعض الأطراف السياسية التي تحاول عرقلة عملية الترشيق الوزاري، حرصاً على مواقعها في الحكومة الراهنة، عادّاً موافقة البرلمان على الترشيق ضوءاً أخضر من الكتل السياسية.
إلى ذلك، اقترح التحالف الوطني العراقي أمس، آلية لتوزيع الحقائب الوزارية والمناصب العليا في حكومة رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي، إضافة إلى مناصب نواب رئيس الوزراء ونواب رئيس الجمهورية.
وأوضح القيادي في التحالف الذي ينتمي إليه العبادي، صادق المحنة، في تصريح لوكالة «الأناضول»، أن «الآلية تضمّنت احتساب النقاط لكل منصب على حدة وفقاً لأهميته، واحتساب نقاط الكتل السياسية اعتماداً على عدد المقاعد التي حصلت عليها كل كتلة في البرلمان»،، معرباً عن اعتقاده بأن «يبدأ رئيس الوزراء المكلّف حيدر العبادي بالدخول بتفاصيل تشكيل الحكومة مع الكتل السياسية خلال اليومين المقبلين».