صنعاء | لبّى الحوثيون دعوة زعيم جماعة «أنصار الله» عبد الملك الحوثي بالخروج إلى شوارع صنعاء للمطالبة بإسقاط الحكومة بعد رفع الأخيرة الدعم عن المشتقات النفطية. وشارك عشرات الآلاف، أمس، في تظاهرات انطلاقاً من ساحة التغيير في العاصمة، مروراً بشارع الزبيري الرئيسي رافعين شعارات مطالبة بإسقاط الحكومة، بالتزامن مع إجراءات أمنية مشددة فرضتها قوات الأمن الخاصة.
وهتف المتظاهرون «الشعب يريد إنهاء الفساد»، وطالبوا بإسقاط الحكومة وإلغاء قرار رفع أسعار المشتقات النفطية، إلى جانب هتافات مناهضة للرئيس اليمني تطالب بإطاحته. وأكدت مصادر قريبة من الجماعة أن الحوثيين سيقيمون مخيمات عند مداخل صنعاء الشمالية والشرقية والغربية لإيواء القادمين من المحافظات المختلفة. ويتوقع أن ينطلق المحتجون من هذه المخيمات يومياً للتظاهر بنحو تصعيدي حتى يوم الجمعة، وهي المهلة القصوى التي منحها الحوثي للحكومة للتجاوب مع مطالب الجماعة، «وإلا ستتخذ الجماعة سلسلة من الإجراءات الضاغطة المشروعة ستكون بالتأكيد مزعجة للمستهترين بالشعب». إذ دعا الحوثي في خطابٍ متلفز، أول من أمس، إلى «خروج عظيم وكبير في العاصمة صنعاء، وفي سائر المحافظات، وتوجه الحشود الشعبية في اتجاه صنعاء، وفتح مخيمات وساحات للاعتصام فيها».

هادي لأعيان
القبائل: أنتم
تمثلون الطوق
الأمني لصنعاء


إزاء تصعيد الحوثيين، استشعر الرئيس عبد ربه منصور هادي بـ«الخطر»، فالتقى بأكثر من 100 من مشائخ ووجهاء وأعيان القبائل في صنعاء ومحيطها، مذكراً إياهم «بأدوارهم البارزة منذ قيام الثورة اليمنية، بما في ذلك وقوفهم البطولي أثناء حصار السبعين»، حين حاصرت القوات الملكية في أواخر ستينيات القرن الماضي القوات الجمهورية في صنعاء لمدة 70 يوماً، قبل أن تنتصر القوات الجمهورية. وامتدح هادي «الوجهاء» الذين يمثلون «الطوق الأمني لصنعاء عاصمة دولة الوحدة اليمنية، باعتبار أن الوحدة اليمنية تمثل الهدف الأبرز والأسمى لليمن منذ قيام الثورة».
أما في ما يتعلق بمستقبل الحراك الذي انطلق اليوم، فيبدو أن لدى الجماعة عدداً من الخيارات التي لم تفصح عنها. وبحسب ما جاء في خطاب زعيم الجماعة، سيكون يوم الجمعة المقبل نقطة مفصلية. ويقول عضو المجلس السياسي لـ«أنصار الله» ضيف الله الشامي، أن «الخيارات المقبلة لم تحدّد بعد، وسيتم تحديدها والاتفاق عليها لاحقاً». وأضاف في حديثٍ لـ«الأخبار» أن «الشعب اليمني هو صاحب هذه الخيارات»، مضيفاً أن «الجماهير المشاركة في التظاهرات هي من سيحدد الطرق التي سيجري اتباعها»، وأن للجماعة «طرقاً خاصة للتواصل مع فئات الشعب».
وقال الشامي: «لا تراجع عن المطالب التي أعلنها السيد الحوثي في خطابه»، نافياً أن يكون الهدف من التصعيد الحصول على حقائب وزارية في الحكومية، مضيفاً: «لن نقبل أي مساومة وأي مداهنة». وأكد أن الحشود «ما زالت تتوافد من معظم المحافظات إلى صنعاء لمساندة إخوانهم في الاعتصامات السلمية»، لافتاً إلى «التزام سلمية الاعتصامات المفتوحة».
لكنْ للكاتب والمحلل السياسي عارف أبو حاتم رأي آخر. إذ رأى أن جماعة الحوثي «استغلت مطالب فئة كبيرة من الشعب اليمني بإلغاء قرار رفع الدعم عن المشتقات لأغراض سياسية»، لافتاً إلى أن الجماعة رفعت في المسيرات التي خرجت أمس «شعارات لا علاقة لها بالجرعة أو بالمطالبة بحقوق اليمنيين، بل شعارات الموت لأميركا، وشعارات مناطقية أخرى». وأضاف أبو حاتم لـ«الأخبار» أن «الجماعة تستغل المطالبات الشعبية بإلغاء قرار رفع الدعم لتفاوض للحصول على 10 وزارات في الحكومة، بينها الداخلية»، ناقلاً عن مصادر عسكرية رفيعة أن «لدى الجماعة خطة لإسقاط الحكومة برعاية وزير الدفاع الذي سلمها ترسانة كبيرة من الأسلحة التي تحتاجها لإسقاط العاصمة».
على صعيدٍ آخر، أُعلن أمس في صنعاء، تأسيس «الاصطفاف الشعبي لحماية المكتسبات الوطنية»، وهو تحالف مؤلف من شخصيات سياسية وثقافية واجتماعية، يهدف وفق ما أعلن، إلى «الحفاظ على النظام الجمهوري والوحدة الوطنية وتعزيز النهج الديموقراطي ونبذ ثقافة العنف والتطرّف، بالإضافة إلى دعم مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل». ومن الواضح أنه حتى يوم الجمعة، ستظلّ الكرة في ملعب الحوثيين. الأيام القليلة المقبلة ستؤكد ما إذا كانت الجماعة ستلتزم «السلمية»، التي وافقت عليها عند دخولها في مؤتمر الحوار الوطني، أو أن صنعاء ستشهد أعمال عنف لإسقاط الحكومة، ما قد يجعل السلم الأهلي في البلاد على المحك.
على الصعيد الأمني، تتواصل الاشتباكات في منطقة القطن في حضرموت جنوب البلاد، بين تنظيم «أنصار الشريعة» (فرع «القاعدة» في اليمن) والجيش اليمني. وأدت المواجهات إلى مقتل 4 من مقاتلي التنظيم وفق تصريحات نشرها موقع «26 سبتمبر» التابع لوزارة الدفاع. فيما أقر التنظيم بمقتل اثنين من أعضائه «أثناء مهاجمة وحدة من الجيش منزلاً يتحصن فيه 4 مقاتلين»، بحسب إعلان «أنصار الشريعة» على موقع «تويتر».