وافق الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، في وقت متأخّر من مساء الإثنين، على تمديد اتفاق الهدنة بينهما لـ5 أيام أخرى، في ما يمثّل أوّل تمديد للاتفاق الذي توصّلا إليه في مدينة جدة السعودية، بوساطة سعودية - أميركية، في 20 أيار، بغرض حماية المدنيين وتمرير المساعدات الإنسانية للمتضرّرين. كما اتّفق الطرفان على استمرار النقاش بينهما لإجراء تعديلات على الاتفاق الأساسي، بما يضمن تجنّب وقوع الجانبَين في خروقات تعرقل الهدنة.ورحّبت السعودية والولايات المتحدة بالتمديد، الذي اعتبر مكتب الشؤون الأفريقية التابع لوزارة الخارجية الأميركية أنه «سيوفّر الوقت لمزيد من المساعدة الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية»، مشيراً إلى أن اتّفاق الهدنة السابق «مكّن من إيصال المساعدات الإنسانية إلى نحو مليونَي سوداني»، على رغم عدم احترامه احتراماً كاملاً.
وكان بيان سعودي - أميركي مشترك أوضح أن التمديد يأتي بغرض إتاحة مزيد من الوقت للجهات الإنسانية للقيام بعملها الحيوي. وأفاد البيان بأن الطرفين أكدا عزمهما العمل في المدّة الجديدة على تحقيق ما لم ينجَز بالكامل في المدّة السابقة، بما في ذلك تسليم المزيد من المساعدات الإنسانية، وتسهيل إصلاح الخدمات الأساسية، وإخلاء الجهات المسلّحة من المستشفيات. وأضاف أن الطرفَين اتّفقا على مناقشة وقف إطلاق نار طويل الأمد، قد يستلزم إخلاء القوات من المناطق الحضرية، بما فيها منازل المدنيين، وإزالة المزيد من العوائق أمام حرية تنقّل المدنيين والمساعدات الإنسانية، وتمكين الموظفين الحكوميين من استئناف واجباتهم المعتادة. كذلك، دانت الرياض وواشنطن استمرار الضربات الجوّية والهجمات والتحرّكات المحظورة، وحثّتا الطرفَين على احترام التزاماتهما بالامتناع عن تلك الأعمال خلال فترة التمديد.
من جهته، رحّب المتحدث باسم العملية السياسية في السودان، خالد عمر يوسف، باتفاق تمديد وقف إطلاق النار، داعياً إلى الالتزام الصارم بنصوص الاتفاق، وتركيز الجهود على معالجة الوضع الإنساني المتدهور بشدّة، بعد أن فاقت معاناة الناس كلّ الحدود، وفق تعبيره. وفيما أكد المبعوث الخاص لرئيس «مجلس السيادة» السوداني، دفع الله الحاج علي عثمان، أن الجيش موافق على التمديد ولا يسعى للحرب على رغم كونه «قادراً على الحسم»، شدّد المستشار السياسي لقوات «الدعم السريع»، يوسف عزت، على ضرورة التسريع في وقف إطلاق النار بشكل دائم حتى لا تتاح الفرصة أمام أطراف خارجية للتدخّل في الأزمة السودانية. وعلى رغم الإعلان عن التمديد، إلّا أن الشكوك تتزايد في التزام الطرفَين بوقف إطلاق النار، خصوصاً أن فترة الهدنة السابقة التي دخلت حيّز التنفيذ في 22 أيار وانتهت يوم الأحد الماضي، شهدت انتهاكات من الطرفين، آخرها يوم أمس الذي سجّل اشتباكات بين الجيش و«الدعم السريع» في مناطق سودانية عدّة، منها الخرطوم والخرطوم بحري.
على المستوى السياسي، شدّد نائب رئيس «مجلس السيادة» السوداني، مالك عقار، خلال زيارته إلى كينيا ولقائه رئيسها، على أن السودان بحاجة إلى خطوات فعّالة لإحلال السلام تحت المظلّة الأفريقية التي أسّستها «الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا» (الإيغاد)، وتجنّب تعدد المبادرات.
إنسانياً، أعلن مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن المواجهات المسلّحة في السودان، والتي بدأت في 15 نيسان الماضي، أجبرت نحو مليون و400 ألف شخص على النزوح إلى مناطق داخل السودان وخارجه، فيما كشف «برنامج الأغذية العالمي» التابع للأمم المتحدة أن 17 ألف طن متري من المساعدات الغذائية فُقدت في السودان بسبب عمليات النهب والسرقة التي زادت منذ اندلاع القتال. كذلك، حذّر البرنامج، في تقرير صدر الإثنين، من أن الصراع قد «يؤثّر على العديد من الدول المجاورة».
بدورها، أعلنت «منظّمة الأمم المتحدة للطفولة» (اليونيسف)، أمس، أن أكثر من 13.6 مليون طفل في السودان بحاجة ماسّة إلى الدعم الإنساني. وأشارت المنظّمة إلى أن «أكثر من 620 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحادّ الوخيم، نصفهم يواجهون خطر الموت إذا لم تتمّ مساعدتهم في الوقت المناسب». وأضافت أن وضع الأطفال في السودان بلغ مستويات «كارثية» جرّاء الصراع الدائر في البلاد، مشيرة إلى أن الحصول على الغذاء والمياه الصالحة للشرب والكهرباء والاتصالات يتمّ بشكل غير منتظم، وأحياناً يكون غير متاح. وحذّرت من عواقب «مدمّرة وطويلة الأجل» على الأطفال بسبب النزوح ونقص الخدمات الأساسية في حال عدم توفير استجابة إنسانية فورية وواسعة النطاق.