طرابلس | في خطوة تعكس وجود أزمة حقيقية داخل التحالفات السياسية القائمة في ليبيا، سحب البرلمان الليبي، بشكل مفاجئ أمس، الثقة من رئيس الحكومة الموازية، فتحي باشاغا، والذي كان قد كُلّف بتشكيل حكومة مطلع العام الجاري، عقب فشل حكومة «الوحدة الوطنية» بقيادة عبد الحميد الدبيبة، في إجراء الانتخابات. وصوّت أعضاء البرلمان على قرار سحب الثقة بعد ساعات طويلة من المشاورات التي بدأت أول من أمس، وهو ما قابله باشاغا بإرسال كتاب إلى البرلمان، يفوّض فيه نائبه فرج القطراني تسيير مهام الحكومة بكامل الصلاحيات الممنوحة لرئيس الوزراء. لكن مجلس النواب، الذي لم يتضمّن قراره حلّ الحكومة، كلّف وزير المالية، أسامة حماد، تسيير مهام رئاسة الوزراء حتى إشعار آخر، إضافة إلى استمراره في تسيير وزارة المالية. ولم يكشف بيان البرلمان المقتضب عن أسباب القرار الذي يبدو أنه سيجعل باشاغا غير قادر على الترشّح لانتخابات الرئاسة، حال ما قرّر ذلك في المستقبل. وحتى بعض نوّاب البرلمان لم يعلموا سبب هذه الخطوة، بل طُلب منهم سحب الثقة من رئيس الوزراء، بعد إدراج البند بشكل مفاجئ على جدول الأعمال. وكان باشاغا قد تعرّض في الفترة الأخيرة لانتقادات كثيرة، لعدم قدرته على دخول طرابلس حتى الآن، وافتقاره إلى أيّ أدوات تنفيذية أو رؤية يعمل من خلالها بعد مرور أشهر على اختياره رئيساً للوزراء. وبحسب مصادر مطلعة، تحدّثت إلى «الأخبار»، فإنّ «خلافات وقعت في الأسابيع الماضية، كان طرفاها باشاغا ورئيس البرلمان عقيلة صالح، إضافة إلى وجود تباين في وجهات النظر بينهما في عدّة ملفات؛ منها ملف إجراء الانتخابات، والآليات اللازمة للتفاعل مع تحرّكات البعثة الأممية، وخاصة في ظلّ تمسّك الأخيرة بإقرار قواعد الانتخابات في أسرع وقت».
طُلب من النواب سحب الثقة من رئيس الوزراء

وكشفت المصادر عن وجود «توجّه داخل البرلمان في الفترة الحالية لتشكيل حكومة مصغّرة، بديلة من حكومة باشاغا، يجري التوافق على رئيسها، ومن ثمّ تكليفها بالإعداد للانتخابات الرئاسية، التي سيُطرح اسم باشاغا فيها مرشّحاً مرة أخرى».
يأتي ذلك في الوقت الذي يضغط فيه رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، على رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، الدبيبة، للتسريع في المناقشات الجارية بشأن الانتخابات، والمساعدة على إقرار الإطار التشريعي اللازم للعملية الانتخابية، وسط خلافات تتعمّق يوماً بعد آخر. أيضاً، يجري المنفي اتصالات مباشرة مع «لجنة 6+6» المكلّفة إجراء التعديل الدستوري الذي يتضمّن وضع قوانين الانتخابات، علماً أن هذه اللجنة بدأت تواجه مشكلات تعيق عملها، على غرار غالبية المبادرات الليبية السابقة، فيما يضغط المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، بقوة لمنع فشلها. ويُعدّ وجود حكومتين في ليبيا إحدى العقبات الرئيسة أمام المسار السياسي، في ظلّ رفض البرلمان الاعتراف بحكومة الدبيبة التي تسيطر على طرابلس، وتحظى باعتراف عدد ليس بقليل من الدول المعنيّة بالملف الليبي، في وقت لا تحظى فيه حكومة باشاغا بالتأييد، خارجياً على الأقلّ.