بغداد | تدفع قوى سنية عراقية، ولا سيما من تلك المعارضة لرئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، في اتّجاه تحشيد الجماهير لكسر هيبة الزعامة التي سعى إليها رئيس البرلمان أخيراً، إذ أعلن الأمين العام لحزب «وطن»، يزن مشعان الجبوري، تشكيل تحالف سياسي جديد يجمع أطراف تحالف «السيادة» السني من دون حزب «تقدم» ورئيسه الحلبوسي. ونظراً إلى التنافس الشديد بين الأطراف على زعامة المكوّن السني، كتب رئيس الحزب المذكور، مشعان الجبوري، تغريدة على «تويتر» قال فيها إنه يجري «تأسيس تجمّع جديد سينضمّ رسمياً إلى تحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر، لاسترداد المحافظات الغربية من قبضة الفاسدين والمغامرين». وكان تحالف «السيادة»، وهو أكبر ائتلاف عراقي سني، قد تشكّل بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، بزعامة الخنجر، من حزب «تقدم» الذي يترأسه الحلبوسي، وتحالف «العزم» بقيادة مثنى السامرائي، قبل الانشقاقات والخلافات التي أدّت إلى استقالة عدد من النواب وإبعاد آخرين.ويواجه الحلبوسي حملة كبيرة من بعض الأطراف السنية والشيعية لإقالته من رئاسة مجلس النواب، وسحب الثقة منه، الأمر الذي يتوقع مراقبون أن يتم، مرجحين أن يكون المكوّن السني مقبلاً على تحوّلات جديدة في خارطته السياسية، وخصوصاً في ظلّ رغبة قوى سنية في كسب ثقة «الإطار التنسيقي» والتحالف معه من أجل نيل منصب رئاسة البرلمان القائم على المحاصصة، مستقبلاً. ويرى عضو تحالف القوى السنية، عمار العزاوي، أن «التحالفات الأخيرة التي نشأت بين "السيادة" و"وطن" الذي يتزعّمه مشعان الجبوري ونجله يزن، أو تلك التي في طور النشوء بين جهات سياسية أخرى، هي لغرض تأسيس كتل لخوض انتخابات مجالس المحافظات، وربّما تتطوّر مع الانتخابات التشريعية». ويلفت العزاوي، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «التحالفات الجديدة تأتي في ظلّ غياب الرؤية الواضحة، والمشروع السياسي الواضح للمؤتلفين». وعن إمكانية عزل الحلبوسي، يقلّل من فرص إبعاده من الساحة السياسية السنية، بسبب المتغيّرات السياسية التي تحدّد وتحجّم هذه المساعي في الوقت الحالي.
من جهته، يقول قيادي في تحالف «السيادة» إن «تحالفنا الجديد جاء بعد اجتماعات دورية وتفكير طويل في قضية غياب الزعامة عن المكوّن السني منذ سنوات. وحتى القيادات القديمة والتي نسمّيها نحن بصقور السُّنة، لم تعد مؤثّرة في المشهد السياسي… جماهيرنا بدأت تطالبنا بذلك، وخاصة بعد إخفاق الحلبوسي في عدّة ملفّات وآخرها قانون العفو العام وعودة أهالي منطقة جرف الصخر». وينفي القيادي الذي تحدّث إلى «الأخبار» مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن تكون للتحالف الجديد علاقة بقوى «الإطار التنسيقي»، موضحاً أن «قضية عدم مشاركة الحلبوسي معهم تعود إلى الخلافات الأخيرة والانشقاقات في صفوف حزب تقدم». وإذ يتوقّع أن يحصل اجتماع لأطراف التحالف الجديد غداً الأربعاء، ومن ثمّ مؤتمر ضخم لإعلان مشروع الائتلاف والنقاط الأساسية التي يرتكز عليها، فهو يرى أن «التحالف ربّما سيكون أهم جبهة سنية منذ عام 2003».
المكوّن السني مقبل على تحوّلات جديدة في خارطته السياسية


أما رئيس البرلمان الأسبق، والقيادي في تحالف «العزم»، محمود المشهداني، فيجزم أن «جميع التحالفات السياسية الحالية هي انتخابية لا أكثر. فإذا نظرتَ إلى برامج تلك التحالفات تجد غالبيتها مرتبطة بملفات يراد منها تحفيز الجماهير السنية للذهاب إلى صناديق التصويت، على رغم أنه لا يعنيها من سيكون رئيساً أو وزيراً بقدر ما تعنيها ملفّات المغيّبين والعفو العام والنازحين وإعمار مناطقها المحررة». ويصف المشهداني، في تصريح إلى «الأخبار»، التحالفات بأنها «حالة صحية» في العملية السياسية، لافتاً إلى أن قضية عزل الحلبوسي «موجودة على الفايسبوك فقط، لأن جميع القيادات السنية اليوم لها جماهيرها وتريد أن ترضي ذلك الجمهور من خلال التنافس والتحالف، وهذا مشروع». كما يشير إلى أن المشروع السياسي القادم للسنة هو «تحقيق مطالب محافظاتنا، فتحالفنا الجديد يُعتبر خيمة واحدة لجميع القوى، ولا يهمّنا من سيكون الزعيم أو النائب مستقبلاً».
بدوره، يرى الناطق باسم «الحراك الشعبي في محافظة الأنبار»، ضاري الدليمي، أن «القوى السنية في الوقت الحالي تبحث عن بديل للحلبوسي»، عازياً ذلك إلى أن «هناك شخصيات أكثر جدارة مرشّحة للزعامة من مثل خالد العبيدي، وسالم العيساوي، وطلال الزوبعي، وغيرهم، فضلاً عن أن القوى السنية توصّلت إلى قناعة حول تغيير المعادلة السياسية من خلال استبدال واستبعاد شخصيات». ويعتقد الدليمي، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الائتلافات الجديدة تبحث عن خطط للإصلاح، وإعادة القرار السني بعد أن غاب طويلاً، بسبب تفرّد الحلبوسي بالسلطة. فالانتخابات القادمة ستكون حاسمة للشخصيات التي تريد الخير لأهلها»، وتحديداً في محافظة الأنبار. وفي السياق نفسه، يشير الخبير في الشأن السياسي، صلاح بوشي، إلى أن التغييرات في الساحة السياسية السنية، هي «لا شكّ أغلبها لأغراض انتخابية، لكن الهدف الآخر منها هو موضوع الزعامة، ولا سيما أن هناك تحشيداً جماهيرياً لاستبدال الحلبوسي». ويلفت إلى أن «الخلافات والانشقاقات التي هزّت البيت السني، فتحت شهيّة التحالفات قبل السباق الانتخابي لمجالس المحافظات، حيث يتأهّب الجميع للفوز وعدم خسارة نفوذه السياسي».