رام الله | للمرّة الثانية في غضون 48 ساعة، أعلن جيش الاحتلال إصابة أحد جنوده بفعل الاشتباكات المسلّحة مع المقاومين في الضفة الغربية المحتلّة، خلال اقتحاماته المدن والبلدات هناك، وعلى رأسها طوباس وطولكرم اللتان تصدّرتا مشهد الأحداث في الأيام الماضية، نظراً إلى الاقتحامات المتكرّرة لهما، وتصدّي المقاومين في خلالها لجنود العدو. واعترف جيش الاحتلال، أمس، بأنه «تعرّض لإطلاق نار وتفجير عبوات ناسفة وإلقاء زجاجات حارقة وحجارة في عدد من المناطق في الضفة، ما أدّى إلى إصابة أحد جنوده بالرصاص خلال اقتحام مخيم نور شمس في طولكرم، ونقله إلى المستشفى لتلقّي العلاج، وإبلاغ عائلته». وشهد المخيّم اشتباكات مسلّحة عنيفة بين المقاومين وجنود العدو الذين فشلوا في اعتقال أو اغتيال أيّ من المطلوبين، ليَخرج الأهالي احتفاءً بهؤلاء. أمّا في طوباس، فتضرّرت آلية عسكرية إسرائيلية خلال تصدّي المقاومة لقوات الاحتلال التي اقتحمت المدينة لليوم الثاني على التوالي، وخاضت مواجهات مسلّحة عنيفة أعلنت «كتيبة طوباس» أنها سجّلت في خلالها إصابات في صفوف جنود العدو. وسبق أن أعلن جيش الاحتلال، الأربعاء، إصابة مجنّدة في صفوفه بجروح خطيرة للغاية برصاص المقاومين في طوباس، والذين تصدّوا لاقتحام قوات الاحتلال المدينة، قبل أن تتبنّى «كتيبة طوباس» نصب كمين محكَم للقوة المقتحِمة، وإيقاع خسائر مباشرة في صفوفها. وفي قباطية، التي شهدت اشتباكات مسلّحة فجر الأربعاء استمرّت لساعات، شيّعت البلدة شهيدها الثالث أوس حمامدة (30 عاماً)، الذي قضى متأثّراً بجروح أصيب بها الأربعاء، ليلتحق بالشهيدَين أحمد كميل (18 عاماً) وراني قطنات (25 عاماً) من مخيم جنين، واللذين استشهدا بعد استهداف مركبتهما في قباطية أيضاً. وتعيش الضفة الغربية، يومياً، اقتحامات لبلدات ومدن عديدة، تتخلّلها اعتقالات واسعة طالت الخميس 23 مواطناً، بينما شهدت مناطق متفرّقة، مساء الأربعاء، مواجهات بين المواطنين وقوات الاحتلال، انسحبت أيضاً على أحياء وبلدات في مدينة القدس. ومنذ بدء العدوان على قطاع غزة، نفّذ المقاومون عمليات عدّة ضدّ أهداف لجيش الاحتلال والمستوطنين، كان أبرزها إطلاق «كتيبة جنين»، مساء الأربعاء، صليات كثيفة ومتتالية من الرصاص على مستوطنة «جانير» قرب حاجز الجلمة، وكذلك استهداف حافلة للمستوطنين في محيط مستوطنة «جلبون» بصليات مماثلة، فضلاً عن تمكّن مجموعة أخرى، في الوقت نفسه، من استهداف حاجز «دوتان» بالرصاص. في المقابل، وتحت غطاء العدوان على غزة، يسعى المستوطنون، ومعهم منظّمات الهيكل المزعوم، إلى تمرير مخطّطاتهم في مدينة القدس في الأيام القليلة المقبلة، وتحديداً ما يُعرف بـ«مسيرة الأعلام» في القدس القديمة، وهو ما يواجهه الفلسطينيون بدعوات إلى الحشد والنفير في ساحات الأقصى، لإحباط مخطّط تنفيذ أكبر اقتحام للمسجد الأقصى في ذكرى احتلال القدس، الموافقة للـ18 من أيار.
تعيش الضفة الغربية، يومياً، اقتحامات لبلدات ومدن عديدة، تتخلّلها اعتقالات واسعة طالت الخميس 23 مواطناً


وتستبق بلدية الاحتلال في القدس، تلك الفعاليات الاستفزازية، بتنظيم سباق للدراجات الهوائية حول القدس تحت عنوان «جولة حول ينابيع القدس». ولذا، فهي أعلنت إغلاقها العديد من الشوارع الرئيسة والطرق في المدينة المحتلّة، بالتزامن مع توافد المصلّين إليها لأداء صلاة ظهر الجمعة في المسجد الأقصى. وعلى رغم أن «مسيرة الأعلام» لا تزال على بُعد أسبوع من الآن، إلّا أنها تبدو مرتبطةً بمجريات العدوان على قطاع غزة؛ إذ في حال التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فستكون المسيرة اختباراً حقيقياً لهذا الاتفاق؛ أمّا في حال استمرار الجولة القتالية، فستشكّل الفعالية التهويدية فرصة للارتقاء بالمواجهة نحو مستويات أكثر ضراوة، مع ما يعنيه ذلك من إطلاق صواريخ بمديات أبعد ممّا جرى إطلاقه حتى الساعة، وكثافة نارية أكبر ممّا شهدته الجولة سابقاً، وصولاً ربّما إلى دخول جبهات أخرى على خطّ المواجهة.
مع ذلك، ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أصدر تعليماته بإبقاء «مسيرة الأعلام» على «مسارها التقليدي»، أي عبر الحي الإسلامي، لافتةً إلى طلب نتنياهو نشْر قراره هذا «في أقرب وقت ممكن لإضفاء الوضوح»، على الرغم من التوتّرات الأمنية. وأشارت الصحيفة إلى أن «الافتراض السائد الآن هو أن التنظيمات والفصائل في قطاع غزة لن تربط بين الحملة الحالية ويوم القدس الذي سيُقام يوم الخميس من الأسبوع المقبل»، بينما قال المقدّم (احتياط) مئير إندور، رئيس «منظّمة ضحايا الإرهاب – ألماغور»، وأحد مؤسّسي «مسيرة الأعلام»، لـ«يسرائيل هيوم»، إن «الاستسلام للتهديدات الإرهابية يجلب المزيد من الإرهاب، لأن الإرهابيين يعتقدون أن تهديداتهم ناجحة». وفي الاتّجاه نفسه، نُقل عن أحد أعضاء «الكابينت» قوله: «صدرت توجيهات لا لبس فيها بتنظيم العرض كما هو مخطَّط له. ليس هناك حقُّ نقض ولا تهديد لحماس كي تخبرنا ما إذا كنّا وكيف سنسير في القدس».