رام الله | بعد ساعات من العدوان الذي شنّه جيش الاحتلال على قطاع غزة فجر الثلاثاء، وأدّى إلى ارتقاء 13 شهيداً، قرّرت إسرائيل استكمال ذلك العدوان في البلدة القديمة في مدينة نابلس، في محاولة لترميم قوّة ردعها المتآكلة، وتعزيز نشوتها بعملية الاغتيال التي نفّذها جيشها في القطاع. وكما جرت العادة في المرّات السابقة، تسلّلت قوّة خاصة إسرائيلية إلى البلدة القديمة صباحاً، بهدف محاصرة أحد المنازل التي تؤوي مقاومين واغتيالهم، لكن العملية، على ما اتّضح، مُنيت بالفشل، عقب اكتشاف تلك القوة المتسلّلة، ووقوعها بين رصاص المقاومين، ما دفع جيش العدو إلى إرسال تعزيزات عسكرية ضخمة إلى المدينة لإنقاذ جنوده. وبدا جلياً أن العملية العسكرية التي طاولت حارتَي الياسمينة والقريون، والتي أطلق فيها جنود الاحتلال عدّة صواريخ محمولة على الكتف على المنزل المستهدَف، أخفقت في مهمّتها؛ إذ ربّما تمكّن المقاومون من الانسحاب مسبقاً - أو أنهم لم يكونوا في المكان أصلاً -، وهو ما يفسّر عدم ارتقاء أيّ شهيد في الهجوم، في مقابل إصابة 12 فلسطينياً خلال المواجهات التي اندلعت مع الشبّان. ورصدت كاميرات المواطنين سحب جيش العدو عدّة آليات عسكرية معطوبة من البلدة القديمة، وكذلك تفجير المقاومة عدّة عبوات ناسفة في جيبات الاحتلال، ما دفع الأخير إلى الاعتراف بإصابة جندي واحد خلال تفجير عبوة ناسفة في إحدى دورياته.
وروت مجموعة «عرين الأسود» تفاصيل الكمين الذي أَوقعت فيه القوّة الخاصة الإسرائيلية، مبيّنةً أن مقاتليها اكتشفوا التسلّل باكراً قرابة الساعة السابعة والنصف صباحاً في محيط البلدة القديمة، ثمّ تمكّنوا من تفجير عبوة ناسفة شديدة الانفجار بالقوة المتسلّلة، موقعين فيها إصابات بالغة، ومعطبين ثلاث آليات. وأضافت المجموعة أن المقاومين شكّلوا حزاماً نارياً حول المقتحمين من ثلاث جهات لإجبارهم على الانسحاب من طريق واحد فقط، حيث كانت تنتظرهم مجموعة مقاومة أخرى أمطرتهم بوابل من الرصاص والعبوات الناسفة، وأوقعت في صفوفهم إصابات أيضاً. وتوعّدت «العرين»، في بيانها، بالردّ على مجزرة الاحتلال في قطاع غزة، مؤكّدة أن «المقاومة ستثأر لشهدائها وستفتح أبواب الجحيم» على العدو.
روت مجموعة «عرين الأسود» تفاصيل الكمين الذي أَوقعت فيه القوّة الخاصة الإسرائيلية


وعلى رغم أن العيون تظلّ متّجهةً إلى قطاع غزة حيث يُنتظَر ردّ المقاومة على اغتيال ثلاثة من قادة «سرايا القدس»، فإن الضفة الغربية لن تكون بعيدة عن هذا الردّ؛ إذ من المتوقّع أن تعلن فصائل ومجموعات المقاومة هناك حالة الاستنفار والتأهّب مع انطلاق عمليات المقاومة في القطاع، وأن تبادر إلى توجيه ضربات لا أحد يمكنه توقّع حجمها ومكانها وزمانها، سواء باستهداف حواجز الجيش والمستوطنات القريبة، أو تنفيذ عمليات فدائية على الشوارع الالتفافية ضدّ المستوطنين، وصولاً إلى الداخل المحتل. ولن يكون ذلك مستغرَباً البتّة؛ إذ إن الشهيد طارق عز الدين الذي اغتاله العدو فجر أمس، هو أحد قادة العمل العسكري في «سرايا القدس» في الضفة الغربية، وتُحمّله سلطات الاحتلال المسؤولية عن تنفيذ هجمات عدّة ضدّ قواتها في الأراضي المحتلّة، وعن تحريك خلايا المقاومة وعلى رأسها خلايا «سرايا القدس»، التي نجحت في الشهور الأخيرة في تشكيل عدّة مجموعات في المدن والمخيمات على غِرار «كتيبة جنين» و«كتيبة نابلس» و«كتيبة طوباس» وغيرها.
بالنتيجة، فشلت إسرائيل، خلال الفترة الماضية، في فصل ساحتَي الضفة وغزة، اللتَين بات التحامهما واقعاً يَصعب كسره. وبالتالي فإن الردّ على جريمة الثامن من أيار ستشترك فيه الساحتان على الأرجح، وهو ما حدث بالفعل في تجارب سابقة، حين دفعت فصائل المقاومة بعض خلاياها إلى تنفيذ عمليات في الضفة ردّاً على اعتداءات الاحتلال.