القاهرة | فاجأت الحكومة المصرية، المواطنين، نهاية الأسبوع الماضي، برفع سعر السولار بواقع جنيه واحد، وهو رقم يفوق النسبة المحدَّدة في القانون عند إعادة تسعير المحروقات، بواقع 10% فقط صعوداً وهبوطاً، فضلاً عن أنه يخالف التزام الحكومة على مدى نحو عام كامل، بتثبيت سعر السولار، وزيادة أسعار المشتقات النفطية الأخرى، لتخفيف عجز الموازنة. وجاءت هذه الزيادة على رغم توصية «صندوق النقد الدولي» بالإبقاء على أسعار السولار مدعومة، لكون وسائل النقل وسيارات الأجرة تستخدمه بشكل كبير. وثمّة مشكلات قانونية عدّة في القرار المفاجئ؛ فلا النسبة تتّفق مع ما هو منصوص عليه قانوناً، ولا القرار مرتبط بتوقيت مراجعة أسعار المحروقات، فيما ارتفعت أسعار المواصلات ومعها كلفة نقل السلع، وسط توقّعات باستمرار التضخّم عند أعلى من 30%.وليس رفع سعر السولار سوى تجلّ جديد لتخبّط الحكومة في التعامل مع الأزمة الاقتصادية، وخاصّة بعد تلويح شركاء خليجيين بتجميد استثماراتهم ومشاريعهم التوسّعية لعدم رضاهم على سعر العملة المتداول في الوقت الحالي، واعتبارهم أن الحكومة المصرية غير جادّة في إجراءات الإصلاح الاقتصادي، بخلاف ما تعلنه أمام المؤسّسات الدولية، ولا سيما في ما يتعلّق بإتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص للعمل بحرّية في السوق. حتى الآن، يبدو برنامج الطروحات الحكومية الذي كان يتوقّع أن يضخّ نحو 10 مليارات دولار في الاقتصاد، خلال عام واحد، بعد بيع أصول مملوكة للدولة المصرية، مجمّداً. فبخلاف طرح السندات بالدولار لسداد عجز الموازنة، خفّضت الحكومة توقّعاتها لما سيُطرَح قبل نهاية العام المالي الجاري الشهر المقبل، ليرسو على ما قيمته مليارا دولار فقط، من بينها صفقة بيْع المصرف «المتحد» المملوك لـ«المركزي»، وسط توقّعات بأن تستحوذ عليه الإمارات أو السعودية، فيما الخلاف لا يزال قائماً على قيمة الصفقة.
يدور حديث عن أزمة داخل أروقة النظام، وسط تباين في وجهات النظر إزاء التعامل مع الأزمة الاقتصادية


في هذا الوقت، بدأ الحديث يتزايد عن تباين داخل أروقة النظام إزاء التعامل مع الأزمة الاقتصادية، واحتمال إحداث تغييرات ستطال الحكومة والمجموعة الاقتصادية من أجل امتصاص غضب الجهات الدولية المعترضة على المسؤولين الحاليين، بسبب عدم تنفيذ تعهّداتهم السابقة، علماً أن عدداً من الشخصيات ذوي الخبرة يرفضون تولّي مناصب رفيعة من دون صلاحيات كاملة. يأتي ذلك بينما رفعت الحكومة توقّعاتها لعجز الموازنة الكلّي إلى الناتج المحلي في السنة المالية المقبلة إلى 7%، بعد أقلّ من ثلاثة أسابيع على توقّعات بـ 6.3%، فيما تشير وثائق حكومية يجري تداولها إلى أن العجز سيناهز الـ 8%. ويكتفي رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، ووزير المالية محمد معيط، بتأكيد التزام الحكومة بسداد الديون في مواعيدها، على رغم تراجع تصنيف الاقتصاد المصري وتخفيض التصنيف الائتماني مع نظرة مستقبلية سلبية.
ولغاية الآن، لم تحصل الحكومة على الشريحة الثانية من قرض «النقد الدولي»، والتي كان يفترض أن تُصرف في آذار الماضي، فيما لم يُحدّد موعد للمراجعة التي سيجريها مسؤولو «الصندوق» مع الحكومة، وخاصّة في ظلّ استمرار إعداد الموازنة التي ستتضمّن فرض ضرائب جديدة، إذ تسعى الحكومة إلى زيادة الإيرادات بنسبة 41%، من بينها 71% من خلال الضرائب، يُتوقّع أن تعادل 1.529 تريليون جنيه، وهو رقم يبدو صعب التحقُّق. كذلك، تتضمّن موازنة العام المالي الجديد، رفعاً للفوائد على الديون لتصبح 1.120 تريليون جنيه، بزيادة تبلغ 44.5% مقارنة بموازنة السنة الحالية. وفي ظلّ تسجيل سعر فائدة حقيقي يبلغ بالسالب 14.45%، وسعر فائدة عند 18%، تسود توقّعات بمزيد من إجراءات رفع الفائدة خلال الفترة المقبلة، بالتزامن مع خطوات لتحريك سعر الصرف للمرّة الرابعة في غضون 15 شهراً.