تأتي زيارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى دمشق في مرحلة تزدحم بالتطوّرات، إنْ على مستوى العلاقات السورية - العربية الآخذة في التطوّر، والاتفاق الإيراني - السعودي برعاية صينية، أو على مستوى الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد نتيجة للعقوبات الصارمة بموجب قانون «قيصر» الأميركي. وفيما كان بعض العرب يربطون جهود عودة الحرارة على خطّ «جامعة الدول العربية» - سوريا، بابتعاد الأخيرة عن إيران، أتت زيارة رئيسي غير المسبوقة من حيث الظروف والنتائج المرتقبة، لتؤكّد «استراتيجية» العلاقة بين البلدَين. وفي هذا الإطار، يقول مصدر في الوفد المرافق للرئيس الإيراني، في حديث إلى «الأخبار»، إن «العلاقات الإيرانية - السورية عميقة وقوية جدّاً، ولا يمكن لأيّ قوى فصل البلدَين، خصوصاً وأنهما قدّما التضحيات سويّاً في محاربة التطرّف والإرهاب»، مضيفاً أن «زيارة رئيسي هي زيارة طبيعية جدّاً، وتأتي في سياق تقديم الدعم للشعب السوري، وأيضاً من أجل إعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية بين البلدَين، بما يضمن أن يستفيد شعباهما بشكل أساسي من هذه العلاقات».كذلك، يرى المصدر الإيراني أن الزيارة تأتي في سياق الردّ على محاولات تخيير دمشق بين العرب وطهران، قائلاً إن «المملكة السعودية أجرت تغييراً في سياساتها، وعلى ضوء ذلك أجرينا اتّفاقاً معها ساهم في تقديم الزخم الكبير لتطوير العلاقات بين الرياض ودمشق، وهذا أمر جيّد»، آملاً في أن يتمّ تطبيع الأوضاع في المنطقة برمّتها. كما أمل في أن تَظهر التطوّرات الإيجابية في شمال سوريا مستقبلاً، بما ينعكس بشكل إيجابي على حياة السوريين بشكل أساسي، إذ إنه «كلّما تطوّرت العلاقة مع تركيا، وسار تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق بشكل تصاعدي، كلّما رأينا تأثير ذلك الإيجابي على الجميع».
يرى المصدر الإيراني أن الزيارة تأتي في سياق الردّ على محاولات تخيير دمشق بين العرب وطهران


وإذ يُعتبر الشقّ الاقتصادي من العناوين البارزة التي حملتها زيارة رئيسي إلى دمشق، يأمل السوريون في أن تنعكس هذه الزيارة إيجاباً على الوضع الاقتصادي الصعب في بلادهم، من خلال التظهير السريع لمخرجاتها وتطبيق ما يتمّ توقيعه فيها من اتّفاقيات اقتصادية وتجارية هامّة. وفي هذا الصدد، يؤكّد المصدر ذاته أن «الاتفاقيات الموقَّعة لها تأثير إيجابي على حياة الشعب السوري وعلى الاقتصاد الإيراني على حدّ سواء»، لافتاً إلى أن «حكومة الرئيس رئيسي مهتمّة بشكل كبير بتطوير الروابط الاقتصادية، خصوصاً بين إيران وسوريا، وهذا شيء كان مهمَلاً في الماضي، ويجب علينا تطويره حالياً لِما له من انعكاس إيجابي على الشعبَين».
أمّا الشقّ المهمّ الآخر من الزيارة، والمتعلّق بتعزيز محور المقاومة، فقد شكّل طبقاً رئيساً على مائدة البحث بين الرئيس الإيراني ونظيره السوري بشار الأسد، خصوصاً وأن إسرائيل كانت قد عبّرت علناً عن انزعاجها من الزيارة حتى قبل حدوثها، إنْ عبر وسائل إعلامها، أو من خلال الغارة - الرسالة التي شنّتها على مطار حلب قبل ساعات قليلة على وصول طائرة رئيسي إلى مطار دمشق. وفي هذا السياق، يجزم المصدر الإيراني أن «الغارات الإسرائيلية لم ولن تغيّر الواقع على الأرض في سوريا، بل إنها فقط تقوّي المنطق الذي يقول إن الكيان الإسرائيلي لا يمكن أن يكون مقبولاً ككيان شرعي في المنطقة على الإطلاق»، مؤكداً، في سياق الحديث عن تعزيز قدرات سوريا على الردّ على تلك الانتهاكات، أن «الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة على سوريا، وخصوصاً الاعتداء الأخير على مطار حلب، هي خرق للقانون الدولي، يرتكبه نظام الفصل العنصري الذي قتل العديد من المدنيين في السنوات الماضية من خلال الغارات الجوّية على سوريا، فضلاً عن دعمه للإرهابيين هناك».