دمشق | على وقع استعادة عدّة دول عربية مؤثّرة علاقاتها مع سوريا، وسعي روسيا وإيران إلى إصلاح العلاقات السورية - التركية وتطبيعها، تأتي زيارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى دمشق، وما رافقها من توقيع «مذكّرة التفاهم لخطّة التعاون الشامل الاستراتيجي طويل الأمد» بين البلدَين، والتي تندرج تحتها اتّفاقيات اقتصادية تشمل مختلف أوجه التعاون، لتُشكّل خطوة أولى رئيسة على طريق إعادة إعمار سوريا. وكان جرى التحضير لهذه الاتفاقيات مسبقاً، من قِبَل لجنة اقتصادية سورية – إيرانية شكّلت بدورها ثماني لجان تخصّصية في مجالات الشؤون المالية، وإنتاج الطاقة، والنفط، والنقل، والشؤون التجارية والصناعية، والشؤون الزراعية، والسياحة، والديون والمستحقّات. وتوصّلت تلك اللجان إلى سلّة نقاط ستتمّ متابعتها، بما يصبّ في خانة تكبير حجم العلاقات الاقتصادية بين البلدَين، ودعم القطاع الخاص ومنحه بعض الحوافز، والتركيز على اتّفاقيات الطاقة والكهرباء والنفط، وتطوير السياحة الدينية، وتعزيز القطاع البحري والسككي، وتصفير الرسوم الجمركية للسلع بالتدريج، وغير ذلك.وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي، محمد كوسا، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى «تطوّر العلاقات الاقتصادية السورية - الإيرانية عمّا كانت عليه خلال سنوات الحرب وما قبلها، وخاصة مع دخول إيران المشروع الصيني «طريق الحرير الجديد» واهتمامها بأن تكون نهايته في سوريا، وسعيها إلى الاستفادة من الموانئ السورية وقربها من أوروبا»، مضيفاً أن «الاتفاقيات الجاري العمل عليها حالياً، ذات نوعية مختلفة، وهي تتضمّن النقل والعبور وحالات إنتاج جديدة، ودعم الاقتصاد الصناعي والزراعي، وتوسيع قطاع الاستثمار، وكلّ ذلك سيصبّ في صالح إعادة تحريك عجلة الاقتصاد السورية الذي يعاني الضعف والبطء الشديدَين».
يرافق الزيارةَ التي تستمرّ يومين توقيعُ عدد كبير من الاتّفاقيات ومذكّرات التفاهم

ويضيف كوسا أن «القضية لا تقتصر على التبادل الاقتصادي بين البلدَين، بل هناك حالات متمّمة لذلك كالوضع المالي، حيث يلوح في الأفق السعي إلى التعامل بالعملات المحلّية بين سوريا وإيران، وهذا يجنّبنا صعوبات التعامل بالنقد الأجنبي». وعن احتمالية فتح خطّ ائتماني إيراني جديد لسوريا، يقول كوسا إن «زيادة حجم وسقف هذا الخطّ عن سابقه سيخفّف الضغط على خزينة الدولة السورية وعلى طلب العملات الأجنبية، وسيساعد على نموّ النشاط الاقتصادي الصناعي الإيراني في سوريا، وزيادة دعم القطاعات التي تملك إيران فيها إمكانات عالية كالصناعات التحويلية والنسيجيّة وصناعة السيارات وغيرها». ويرى أن «زيارة رئيسي إلى دمشق، والملفّات الاقتصادية التي تتناولها، تُعزّز التعاون الاقتصادي بين دول محور المقاومة للوصول إلى اتّفاقيات متكاملة بين إيران وسوريا ولبنان والعراق».
في المقابل، يرى الأستاذ في كلّية الاقتصاد في جامعة دمشق، أكرم حوراني، أن «الاتّفاقيات الاقتصادية المعقودة مع الجانب الإيراني، على رغم أهمّيتها، انعكاساتها متروكة للأجل البعيد، فيما الوضع الاستثنائي الذي تعيشه سوريا بحاجة إلى إجراءات عاجلة وسريعة». ومن هنا، يعتقد حوراني، في حديث إلى «الأخبار»، أن «المرحلة الحالية بحاجة إلى مساعدات فورية من الحليف الإيراني، قد تتجسّد في وديعة في البنك المركزي السوري، أو ضخّ عملات أجنبية لتثبيت سعر الدولار وبالتالي استقرار الأسعار وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين».