غزة | بعد أسبوع من التحريض والتهويل بقرار المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغَّر (الكابينت) العودة إلى سياسة الاغتيالات ضدّ قادة المقاومة الفلسطينية، ومع انتهاء فترة شهر رمضان واحتدام الأزمة الداخلية في كيان الاحتلال، لا تزال فصائل المقاومة تعيش حالة استنفار قصوى تحسّباً لمعركة يحاول العدو فرضها عليها، باغتيال أحد قادتها. وبحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر في المقاومة، فإن الأجنحة العسكرية للفصائل رفعت من درجة التأهّب لديها تحسّباً لتنفيذ عمليات تصفية لوجوهها، بعدما كانت تفاهمت في ما بينها على أن يكون الردّ على أيّ عملية من هذا القبيل منسَّقاً وموجعاً للاحتلال. وأفادت المصادر بأن احتياطات مشدّدة اتّخذتها قيادة المقاومة في قطاع غزة على إثر صدور التهديدات الإسرائيلية بالعودة إلى الاغتيالات، توازياً مع بدء الوحدات القتالية استعدادات لمواجهة محتمَلة. وكانت المقاومة أوصلت، في أوقات سابقة، رسائل عدّة إلى الوسطاء، مفادها أن الردّ على تجدّد عمليات التصفية «سيكون كبيراً جدّاً، ولن يقتصر على قطاع غزة، بل سيشمل الداخل والخارج، وسيكون غير متوقَّع»، وفق المعلومات نفسها. وكانت الفصائل اتّفقت على تدفيع العدو ثمناً كبيراً لأيّ عملية اغتيال جديدة، وهو ما أكّدته المصادر أيضاً، مضيفةً أن «الردّ سيكون منسَّقاً داخلياً بين الفصائل، وبينها وبين محور المقاومة». ولفتت إلى أن «المقاومة متحسّبة لإمكانية إساءة العدو التقدير بخصوص ردّة فعلها على هكذا جريمة»، متابعةً أن «بعض الأطراف في دولة الاحتلال تعتقد بشكل خاطئ أنه في حال تنفيذ عملية اغتيال فإن المقاومة لن تذهب إلى مواجهة كبيرة».
المقاومة أوصلت، في أوقات سابقة، رسائل عدّة إلى الوسطاء، مفادها أن الردّ على تجدّد عمليات التصفية «سيكون كبيراً جدّاً»


وكان الصحافي الإسرائيلي، يوني من مناحيم، زعم أن قادة المقاومة تواروا عن الأنظار بعد أنباء عن نيّة إسرائيل تجديد سياسة الاغتيالات لترميم ردعها المتآكل، لافتاً إلى أن مسؤولين في «حماس» حذّروا من أن العودة إلى هذه السياسة ستؤدّي إلى هجمات صاروخية كبيرة على دولة الاحتلال من عدّة جبهات، إضافة إلى تجدّد العمليات الاستشهادية داخل المدن المحتلّة. وفي المقابل، دأب كتّاب ومحلّلون مقرّبون من «حماس»، خلال الأيام الماضية، على التحذير من نيّة العدو تنفيذ عمليات اغتيال جديدة في قطاع غزة، إذ قال مصطفى الصواف، رئيس التحرير السابق لصحيفة «فلسطين»، إن «المقاومة تتّخذ تدابيرها الأمنية اللازمة للحيلولة دون تمكين الاحتلال من تنفيذ أيّ عملية اغتيال لقادتها سواء في الداخل أو الخارج، وفق إمكاناتها وقدراتها»، مضيفاً أنه «إنْ نجح الاحتلال في تنفيذ عملية اغتيال، فلن يكون ردّ المقاومة ردّاً تقليدياً كما يظنّ، المقاومة تعدّ مفاجآت ستكون خارج حسابات الاحتلال (...) سيكون الردّ مؤلماً للعدو وحسّاساً، وقد تترتّب عليه الكثير من النتائج التي سيندم عليها الاحتلال في وقت لن ينفع فيه الندم».
وفي الاتّجاه نفسه، أكّد الكاتب والمحلّل السياسي، ناجي الظاظا، أن «تلويح الاحتلال بالاغتيالات ضدّ قيادات المقاومة لا يعني أن ردّ فعلها سيكون كما كان سابقاً، فقوة المقاومة الأمنية والاستخبارية تطوّرت، بحيث تستطيع أن تؤلم الاحتلال وتفاجئه في أماكن لم يكن يتوقّعها سابقاً»، فيما أشار الكاتب السياسي، أيمن الرفاتي، إلى أن «المستويَين العسكري والأمني في دولة الاحتلال يدركان جيّداً أن العودة إلى سياسة الاغتيال لن تجدي نفعاً، ولن تعيد صناعة الردع المفقود، بل إن الحسابات معقّدة اليوم، والإقدام على عملية اغتيال ليس أمراً سهلاً، فمعضلة الثمن وطبيعة الردّ وفرص تفجُّر مواجهة وتفاعل مختلف الجبهات، مطروحة على طاولة صانع القرار بقوّة... والكلّ في الكيان يخشى من الفشل في التنفيذ والفشل في التعامل مع الثمن».



عودة سريعة للعمليات الفدائية
كما كان متوقّعاً إسرائيلياً، بدأت الأيام التي تَعقب شهر رمضان تشهد عودة تدريجية للعمليات الفدائية، وهو ما استبَقته سلطات الاحتلال بحالة استنفار عالية في القدس والضفة الغربية المحتلّتَين لم تَحُل دون وقوع هجومَين إلى الآن. وشهدت منطقة عيون الحرامية شمال رام الله، أمس، حادثة إطلاق نار أدّت إلى إصابة مستوطِن بجروح متوسّطة. وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إطلاق النار الذي جرى من مركبة مسرعة، استهدف مجموعة مستوطِنين كانوا يشاركون في عِداء تنافسي بمناسبة ما يُسمّى «ذكرى قتلى معارك إسرائيل». وكان أصيب ثمانية مستوطِنين، مساء أوّل من أمس، بجروح وُصفت بعضها بالخطيرة، في عملية دهس نفّذها فلسطيني في شارع يافا في القدس المحتلّة، قبل أن يعلن جيش الاحتلال استشهاده. وجاءت هذه التطوّرات في وقت كانت فيه سلطات العدو قد فرضت طوقاً أمنياً على الضفة، ونشرت أعداداً كبيرة من الجنود، بمناسبة الذكرى الـ75 لقيام دولة الاحتلال.