عيدُ السودان... حرب

دفعةً واحدةً، اندلق التوتّر المعتمل منذ أشهر في ما بين أطراف المكوّن العسكري في السودان، مُدخلاً هذا البلد العربي الأفريقي ذا الموقع الاستراتيجي في دوّامة عنف شديدة وغامضة لا تُعلَم نهايتها، ومفتتحاً فصلاً جديداً في سِفر الحروب المستعرة على أرض العرب، والتي لا تكاد تخمد في منطقة، حتى تشرئبّ في أخرى. منذ اللحظة الأولى لتحالفهما ضدّ نظام عمر البشير، ومن ثمّ انقلابهما على الحكومة المدنية برئاسة عبد الله حمدوك، بدا التقاء عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي)، أقرب إلى «زواج مصلحة» لن يعمّر طويلاً، بل وقابلٍ للانفراط بمجرّد استشعار أحد طرفَيه الفرصة للانقضاض على الآخر. تحت ستار «الدفاع عن الثورة والديموقراطية» - وهاهنا المفارقة المضحكة المبكية من لدُن رجل يكاد سجلّه لا يخلو من أيّ موبقة أو جريمة -، يريد «حميدتي» الركوب على ظهر المدنيين، والعبور من خلالهم إلى رأس السلطة، فيما البرهان، العسكري التقليدي، لا يخفي سعيه إلى استنبات تركيبة حُكم على غِرار ما كان قائماً أيّام معلّمه عمر البشير، غير ممانِع تسلية المعارضة باتفاقات وتفاهمات خالية من أيّ ضمانات أو حتى أسس حقيقية لإرساء تسوية طويلة الأمد.
من جهتها، تبدو القوى المدنية، بمعظمها، وقد أُكلت منذ اللحظة التي قبلت فيها تسليم الحَراك الشعبي على «طبق من فضّة» للعسكر، واضعةً اللبنة الأولى على طريق تهميشها، وفاتحةً الباب على سلسلة تحوّلات دراماتيكية بدت هي على طول خطّها مفعولاً به، لا فاعلاً ولا قادراً ولا صاحب كلمة. لا بل إن هذه القوى سكتت على تشريع البلاد أمام شتّى أنواع التدخّلات الخارجية، وطنّشت خطورة المضيّ قُدُماً في مسار تطبيع العلاقات مع العدو الإسرائيلي، وصولاً إلى توهّمهما أخيراً إمكانية اللعب على تناقضات العسكر، إلى درجة لم تمانع معها قبول «حميدتي»، المتورّط في جرائم قتل ونهب وتجارة بالبشر عابرة للحدود، في نادي «الحُكم المدني» المنشود.
أمّا العوامل الخارجية في مشهد الصراع المتصاعد، فتتكاثف وتتداخل وتتعقّد من دون أن تتّضح لها خريطة إلى الآن، في ظلّ تذبذب مواقف الأطراف الإقليمية والدولية، وتشوّش رؤيتها لما يجب فعله حيال التأزّم السوداني. لكن الأكيد إلى الآن أن العديد من تلك الأطراف تتصرّف على قاعدة «الأقلّ سوءاً»، وهو ما تنتهجه بالدرجة الأولى مصر التي تَظهر ميّالة إلى دعم البرهان، على رغم ما لهذا الأخير من ارتباطات ومواقف قد لا توائمها تماماً، فيما الإمارات تُجاهر بمساندتها لـ«حميدتي»، والسعودية تجنح ضمناً إليه، غير ملقيتَين بالاً لِما سيعود به ذلك من أضرار على حليفهما المصري، خصوصاً في ما يتّصل بأزمة سدّ النهضة. وإذا كانت لروسيا مصلحة راجحة في علوّ كعب «الدعم السريع» وقائدها، فإن الولايات المتحدة تحافظ، حتى الساعة، على موقف وسطي، منتظرةً ربّما ما ستقوله التطوّرات على الأرض، وإن كان كلا المتحاربَين مستعدَّين للذهاب إلى أبعد الحدود في إرضائها من بوّابة الارتماء في حضن إسرائيل.

هدنة هشّة لا تُسكت المدافع: عيد السودان... حرب

هدنة هشّة لا تُسكت المدافع: عيد السودان... حرب

الخرطوم | بعد مرور أكثر من 72 ساعة على بداية الاقتتال بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، وافق قائد هذه الأخيرة، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، على إعلان وقف مؤقّت لإطلاق النار مدّته 24 ساعة، من أجل...

مي علي

وساطات خارجية خجولة: السيناريو الأسوأ يتقدّم

دخل السودان حالة مواجهة مفتوحة بين شريكَي «مجلس السيادة»، الرئيس عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو، في سيناريو بدا مباغتاً نسبياً، بعدما غلبت التوقّعات بمناوشات محدودة لحسم ملفّ الإصلاح...

محمد عبد الكريم أحمد

الأخبار

عندما أُسقط في يد مصر

عندما أُسقط في يد مصر

القاهرة | لم يخرج اجتماع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بالمجلس الأعلى للقوات المسلّحة، مساء الإثنين، والذي تناول الأوضاع في السودان، بأيّ نتائج ملموسة، بقدر ما حمل بعداً سياسياً، مرتبطاً بالتشديد...

الأخبار

تشابك مصالح يعزّز اللاتوازن: «حميدتي»... فلتكن بيعة جِمال

تشابك مصالح يعزّز اللاتوازن: «حميدتي»... فلتكن بيعة جِمال

في وقت كانت لا تزال فيه المنطقة تعاين حالة هدوء نسبي على عدد من جبهاتها، سجّل السودان تمرّداً على المشهد. ومن الميدان، كسرت صور المعارك الدموية هناك بين الجيش السوداني بقيادة رئيس «المجلس السيادي»...

خضر خروبي