تستضيف جدة لقاء لوزراء خارجية «مجلس التعاون الخليجي» يشارك فيه العراق والأردن ومصر لمناقشة العلاقات العربية مع سوريا
وبالتوازي مع الخطوة التونسية الأخيرة، تستضيف جدة، غداً الجمعة، لقاء لوزراء خارجية «مجلس التعاون الخليجي»، يشارك فيه أيضاً العراق والأردن ومصر، لمناقشة العلاقات العربية مع سوريا، وعودة دمشق إلى مقعدها المجمّد في الجامعة العربية منذ عام 2012. واستبقت الكويت الاجتماع بإعلانها المضيّ قُدُماً في أيّ قرار ينال إجماعاً عربياً حول سوريا، الأمر الذي يمثّل تمهيداً للتراجع عن الموقف الرافض لعودة العلاقات مع دمشق، في وقت أعلنت فيه الدوحة دراستها لموقفها من دعوة سوريا إلى الجامعة تبعاً لـ«الإجماع العربي والتغيير الميداني على الأرض الذي يحقّق تطلّعات الشعب السوري»، معيدةً التذكير بأنها ترى أن «الأسباب التي دعت إلى تجميد عضوية سوريا لا تزال قائمة»، وفق اعتقادها. وعلى الرغم من التصريحات القطرية الرافضة لعودة سوريا إلى الجامعة بشكل مبطّن، يقود سياق التطوّرات السياسية العربية الحالية إلى وجود حالة شبه إجماع على فكّ تجميد العضوية، وهو ما يجعل موقف الدوحة وحيداً، وخصوصاً أن الحَراك العربي يأتي مترافقاً مع آخر من تركيا، الشريك الاستراتيجي لقطر، للتطبيع مع سوريا، وفق مسار ترغب أنقرة في تسريع وتيرته للتخلّص من أعباء الأزمة السورية التي طالت. وكانت هذه الجهود التركية قد دفعت «الائتلاف السوري» المعارض إلى نقل جزء من حَراكه السياسي من تركيا إلى قطر، حيث نشّط وتيرة لقاءاته مع الولايات المتحدة وممثّلي دول أوروبية معادية لدمشق في الدوحة، آخرها لقاء بين رئيسه سالم المسلط، وسفراء فرنسا وإسبانيا وتركيا والبرتغال ومقدونيا ودول إفريقية، ودبلوماسيين من الولايات المتحدة وأوكرانيا ودول أوروبية.
ويأتي الانتقال العربي عموماً من حالة القطيعة مع سوريا إلى الانفتاح التدريجي، بعدما استعادت دمشق السيطرة الميدانية على معظم الأراضي السورية، باستثناء الشمال والشمال الغربي الذي تنتشر فيه فصائل عديدة؛ من بينها «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة)، إلى جانب قواعد عسكرية لتركيا، تعمل سوريا على تفكيكها ضمن مسار المبادرة الروسية - الإيرانية للتطبيع بين دمشق وأنقرة. كما يخرج من دائرة سيطرة الحكومة السورية، الشمال الشرقي من البلاد، والذي تسيطر عليه «قوات سوريا الديموقراطية» بدعم من قوات «التحالف الدولي» بقيادة الولايات المتحدة، التي تعاني بدورها ضغوطاً ميدانية متزايدة على قواعدها في المناطق النفطية السورية عبر هجمات صاروخية متواترة، توازيها ضغوط سياسية سورية – روسية – تركية – إيرانية لإخراجها من سوريا.
وبينما تحاول واشنطن منع الانفتاح على دمشق، عبر التهديد المستمرّ بقانون العقوبات الأميركية على سوريا (قيصر) والذي يتضمّن بنوداً تسمح للولايات المتحدة بفرض عقوبات على دول وكيانات تتعاون مع الحكومة السورية، شكّلت نيويورك إحدى أبرز محطّات الانفتاح العربي على دمشق، في مفارقة لا يمكن تجاوزها. إذ شارك وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة هناك العام الماضي، وأجرى على هامش مشاركته سلسلة لقاءات مع وزراء خارجية عرب، الأمر الذي مهّد إلى انتقال متسارع من حالة القطيعة إلى حالة الانفتاح التي تصدّرتها الإمارات في الفترة الأخيرة، قبل أن تنضمّ السعودية التي تعيش عهداً جديداً في العلاقات مع إيران إليها. وتُكثّف الرياض جهودها لتوحيد الموقف العربي قبيل دعوة سوريا إلى قمّة الشهر المقبل، وهي «وحدةٌ» أعلن الرئيس السوري صراحة رغبته في تحقّقها قبل أن تعود بلاده إلى الجامعة، مؤكداً أن سوريا لن تعود قبل حصول إجماع عربي على ذلك، معتبراً العلاقات الثنائية أكثر أهمّية من تلك العودة