خيّم الغموض على الأنباء الواردة من مناطق عشائر الشعيطات في ريف دير الزور أمس. مصادر عدّة تحدثت عن «مجازر بادر تنظيم الدولة الإسلامية إلى ارتكابها بعد السيطرة على تلك المناطق». ورغم عدم إمكانية الجزم بحجم الإعدامات التي نفّذها التنظيم في ظل تعذر التواصل مع أبناء المنطقة، غير أن بعض الناشطين نشروا صوراً تظهر آثار دمار كبير، وحرائق في بعض القرى. كذلك تحدثت بعض المصادر عن قيام التنظيم بإعدام 250 من أبناء الشعيطات، الأمر الذي وصفته مصادر من داخل التنظيم بـ«المبالغات».
في الوقت نفسه، تحدثت مصادر أخرى عن «مقاومة عنيفة من قبل مقاتلي الشعيطات»، وعن تمكنهم من استعادة السيطرة على بعض القرى وطرد داعش منها». وبدا أن التنظيم قد عقد العزم على الذهاب بعيداً في إجراءات «استعادة الهيبة»، عبر إجراءات عدة في مناطق مختلفة من ريف دير الزور، فصادر أسلحة لألوية عدة، منها «المهاجرين الى الله، والعباس، والخلفاء الراشدين». كذلك أمهل التنظيم سكان بلدة الشعفة في الريف الشرقي 12 ساعة لتسليم رجال وشبان من الشعيطات، كانوا قد نزحوا إلى الشعفة من بلدات أبو حمام والكشكية وغرانيج، هرباً من المعارك المحتدمة هناك. في الأثناء، نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي بيانٌ منسوب إلى متحدث باسم مدينة غرانيج، يتبرّأ فيه من «سفهاء الشعيطات»، واصفاً إياهم بـ«المجموعة الفاسدة التي ارتدّت عن دين الله وغدرت بجنود الدولة الإسلامية...». وعلى صعيد آخر، شنّ سلاح الجو غارات عدة استهدفت مقار للتنظيم، كانت أبرزها تلك التي استهدفت مبنى الأمن العسكري السابق في مدينة البوكمال، إضافة إلى مناطق بالقرب من تمركز التنظيم في مدينة القورية.
وفي حلب، شمالاً، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري والمسلحين في محيط الفئة الثانية من المدينة الصناعية في الشيخ نجار ومحيط سجن حلب المركزي عند المدخل الشمالي الشرقي للمدينة، بالتزامن مع اشتباكات في محيط مبنى فرع المخابرات الجوية في حي جمعية الزهراء في المدينة.

«الائتلاف» يطالب بالتصعيد ضد «داعش» ودعم «الجيش الحر»
كذلك أدّى سقوط قذائف الهاون الى جرح مدنيين في ساحة سعدالله الجابري ومحيط مستشفى الرازي. وأعلنت «قيادة غرفة عمليات حلب» التابعة لـ«المجلس العسكري في الجيش الحر»، أمس، «تعليق العمل حتى إشعار آخر»، وجاء ذلك على لسان قائدها «أبو أحمد» بسبب «استئثار قائد المجلس ونائبه بالقرار وتعمّد الدكتاتورية، إضافة الى عدم إمدادها بالذخائر»، بحسب البيان.
وفي ريف دمشق، استمرت الاشتباكات بين الجيش والجماعات المسلحة في بلدة المليحة في الغوطة الشرقية، في الوقت الذي جرح فيه العشرات في جرمانا المجاورة بسبب قذائف الهاون. واستهدف سلاح الجو أمس تجمعات المسلحين في وسط داريا، جنوب العاصمة.

منع مؤتمر صحافي في العاصمة

في سياق آخر، بعد سلسلة من المباحثات والمشاورات السياسية بين «الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير» و«هيئة التنسيق الوطنية»، توصل الطرفان المعارضان إلى مذكرة تفاهم كان مقرراً إعلانها في مؤتمر صحافي ظهر أمس، قبل أن تفرض الأجهزة الأمنية طوقاً حول مكان المؤتمر، مانعة وسائل الإعلام من التصوير. وفي حديث إلى الصحافة، أكد عضو المكتب التنفيذي في «الهيئة»، صفوان عكاش، أن «كل شخص من قبلنا يحمل حقيبة أوقف للتفتيش، وإذا وجدت معه كاميرا أو كومبيوتر محمول، منع من الدخول»، مؤكداً أن هذه الخطوة «سلوك جديد وهو سلوك مدان بالطبع». عقب ذلك، أصدر رئيس المكتب الإعلامي في «هيئة التنسيق»، منذر خدام، بياناً أكد فيه أنه «باسم هيئة التنسيق، أستنكر هذا الإجراء التعسفي ضد الهيئة وجبهة التغيير والتحرير الذي أقدمت عليه إحدى الجهات الأمنية التي رفضت التعريف بنفسها، وهددت باعتقال المشاركين في المؤتمر الصحافي». وفي حديث إلى وكالة «فرانس برس»، أكد منسق «الهيئة» حسن عبد العظيم أن المؤتمر كان قد «دعت إليه لجنة مشتركة من قيادة جبهة التغيير والتحرير وهيئة التنسيق الوطنية، لإعلان مذكرة تفاهم بين الطرفين، تتضمّن مبادئ أساسية لحل سياسي تفاوضي في سوريا، يضمن وحدة البلاد». وتضمنت مذكرة التفاهم اتفاقاً على ستة بنود أساسية، وهي الحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً، والسيادة الكاملة للدولة السورية على جميع أراضيها، ورفض ونبذ الطائفية وأي دعاوى تمس بوحدة المجتمع السوري، ورفض أي تدخل عسكري خارجي، ونبذ العنف بكل أشكاله، ووجود المسلحين غير السوريين على الأراضي السورية، وأوهام الحل العسكري ونتائج ذلك الكارثية على الدولة السورية، إضافة إلى مواجهة خطر إرهاب المجموعات الأصولية التكفيرية على المجتمع والدولة، ورفض أي حل يتعارض مع مصالح الشعب السوري أو وحدة البلاد أو يعيد إنتاج نظام الاستبداد.
إلى ذلك، طلب «الائتلاف» السوري المعارض «التصدي لخطر تنظيم الدولة الإسلامية ــ داعش، ليس فقط في العراق، بل في سورياً أيضاً»، داعياً إلى دعم «الجيش الحر» في مواجهة التنظيم. وقال «الائتلاف» في بيان نشر أمس، إن «داعش يعتدي على المكونات القومية والدينية في العراق وسوريا»، لافتاً الى أنه «لم يعد هناك عذر لمن يقف صامتاً أمام تنامي وجود داعش في المنطقة، ولا في عدم دعم الجيش الحر بما يلزمه من عتاد وذخائر لمواجهته».
(الأخبار)