غزة | مع اقتراب شهر رمضان، وتزايُد التهديدات الإسرائيلية بإغلاق المسجد الأقصى في خلاله، رفعت حركة «حماس» من مستوى تحذيراتها للاحتلال، وذلك على لسان قائدها في الضفة صالح العاروري ومن ثمّ نائب رئيس هيئة أركان ذراعها العسكرية - «كتائب القسام» مروان عيسى، في ما يؤشّر إلى استعدادها لمواجهة عسكرية قريبة، على رغم تواصُل جهود الوسطاء لإدامة التهدئة. ورسمت تصريحات عيسى، التي نشرتْها «فضائية الأقصى» التابعة للحركة، تَوجّهات «حماس» في التعامل مع تطوّرات الضفة الغربية والقدس؛ إذ حذّر من أن «أيّ تغيير في الوضع القائم في المسجد الأقصى سيُحوّل المنطقة إلى زلزال»، مؤكداً أن «المشروع السياسي في الضفة الغربية انتهى»، وأن «العدو أنهى أوسلو، والأيام المقبلة حبلى بالأحداث». وتزامنت هذه التصريحات مع رسائل إسرائيلية نقلها الوسطاء إلى المقاومة، مفادها، وفق ما علمتْه «الأخبار» من مصادر مطّلعة، التحذير من خطورة الاستمرار في سياسة تثوير الضفة، والتهديد بأن دولة الاحتلال لن تسمح باستمرار هذا الوضع، وهو ما ردّت عليه المقاومة بالجزم بـ«استعدادها لجميع السيناريوات خلال الفترة المقبلة، بما في ذلك مواجهة عسكرية مع قطاع غزة».وفي الاتّجاه نفسه، نبّه عيسى إلى أن «إتاحة الفرص للمقاومة في الضفة لا تعني ترْكها، ولا تعني بقاء غزة صامتة، وسندافع عن شعبنا بكلّ قوّة عندما يستوجب الأمر التدخّل المباشر»، لافتاً إلى «(أنّنا) نتيح المجال ونعطي الفرص للمقاومة في الضفة الغربية والقدس، لأنها ساحات الفعل والتأثير الاستراتيجي في المرحلة الحالية»، مشيراً إلى أن «الروح الاستشهادية لأهلنا في الضفة غير مسبوقة، ومقاومة الضفة بألف خير، وعلى مستوى الوعي بصوابية مشروع المقاومة والوحدة في مواجهة العدو». وشدّد على ضرورة «إشعال العمل المقاوم في جميع ساحات فلسطين ودعْمها مادّياً ومعنوياً وإعلامياً»، مؤكداً استمرار «حماس في مراكمة القوة وبناء استراتيجية المقاومة التي تُوصل إلى التحرير والدفاع عن الشعب الفلسطيني في كلّ فرصة تستوجب التدخّل المباشر».
أكّد عيسى استمرار «حماس في مراكمة القوة وبناء استراتيجية المقاومة التي تُوصل إلى التحرير»


وسبقت تصريحاتِ عيسى أخرى للعاروري حذّر فيها من أن صبر المقاومة «يَنفد»، مؤكداً «(أنّنا) سنكون عند ثقة شعبنا بنا»، وأن «محاولة الاحتلال توظيف شهر رمضان لفرض سياسته في التقسيم الزماني والمكاني والسماح للمستوطنين بأداء الطقوس التلمودية، ستواجَه بردّة فعل شعبنا بكلّ تأكيد، وعلى الاحتلال ألّا يَتوقّع أن تمرّ محاولاته من دون ردّ قوي من مقاومتنا، ونحن نحذّره من التمادي في ذلك». ولفت العاروري إلى أن «المقاومة في الضفة الغربية في تصاعُد مستمرّ، وهي تُنوّع من أدائها وتُحسّن من كفاءتها، فيما تتّسع مساحة الفئات المشاركة فيها، وتمتدّ جغرافيّتها يوماً بعد يوم».
وتأتي مواقف قادة المقاومة تلك في وقت تُجمع فيه التقديرات الاستخباراتية الإسرائيلية، على أن شهر رمضان سيكون الأكثر تفجّراً، في ظلّ تتابُع الهجمات الفلسطينية المتواصلة منذ أكثر من عام، وازدياد ضعف حُكم السلطة الفلسطينية، وتواصُل ما يوصف بـ«التحريض» على العمليات الفدائية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، إلى جانب استمرار الانقسام الساسي داخل دولة الاحتلال، والذي «يُخشى» من أن يجعل أعداء إسرائيل أكثر جراءةً عليها. وفي هذا الإطار، كشفت وسائل إعلام عبرية أن وزراء في حكومة نتنياهو يرفضون تقديم تسهيلات للفلسطينيين خلال شهر رمضان، الأمر الذي ينذر بتصاعد التوتّر الأمني في المنطقة ولا سيما في الضفة، مشيرةً إلى أن ضبّاطاً كباراً في الجيش حذّروا الحكومة من أن «فترة عنيفة ستستهدف كِلا الجانبين وليس الفلسطينيين فقط، وتزايُد هدْم البيوت سيصعّد غضب المقدسيين وسيزيد احتمالات العمليات المسلّحة، فيما محاولات دول عربية للتهدئة فشلت».