الحسكة | تبدي «قسد» تخوّفاً متزايداً من الانفتاح الدبلوماسي المتعاظم على دمشق، والذي يترافق مع إنفاذ واشنطن استثناءات من العقوبات المفروضة على سوريا، في أعقاب كارثة الزلزال المدمّر الذي ضرب البلاد. وتخشى القوى الكردية من إمكانية أن يَتبع تلك الديناميات دفْعٌ «جماعي» نحو استعادة الحكومة السورية سيطرتها على كامل أراضيها، ما يضع مشروع «الإدارة الذاتية» على المحكّ، ولا سيما أن أحد العناوين الرئيسة لذلك الانفتاح يتمثّل في الحفاظ على وحدة أراضي سوريا. وإذ تَعتبر القيادات الكردية الاستثناء الأميركي الأخير، أشبه بـ«طعنة سياسية» لهم، تُشبه الطعنة العسكرية التي تلقّتها عندما مَنح الأميركيون الأتراك ضوءاً أخضر لاحتلال مدينتَي رأس العين وتل أبيض عام 2019، فهي سارعت إلى توجيه رسائل إلى المسؤولين الأميركيين العسكريين والدبلوماسيين الموجودين في مناطق سيطرتها، محاوِلة استكشاف حقيقة الموقف الأميركي، والاستفهام عمّا إذا كانت ثمّة تزكية للتوجّه العربي نحو تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية. وفي هذا الإطار، أعلنت رئيسة «الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديموقراطية»، إلهام أحمد، في تصريحات إعلامية، «(أنّنا) أجرينا اتّصالات مع السفراء الأميركيين الموجودين في مناطق شمال شرق سوريا، ونقلوا لنا أن الإعفاءات تدْخل في السياق الإنساني، ولا تتعارض مع قانون قيصر، وأنها أصلاً معفاة من العقوبات»، معتبرةً أن «التعامل غير المشروط مع النظام السوري يؤدّي إلى تعويمه، ولا يُنتج حلّاً سياسياً»، مشيرة إلى «(أنّنا) أجرينا لقاءات عديدة مع جهات عربية أخيراً، وتوصّلنا إلى عدم وجود أيّ تغيير في مواقف الحكومات العربية». والجدير ذكره، هنا، أن القيادات الكردية دأبت منذ عدّة سنوات على استغلال منصّة «جامعة الدول العربية» لتسويق مشروعها في سوريا؛ إذ استحدثت ممثّلية لـ«مسد»، واجهتها السياسية، في القاهرة، وأوفدت عدداً من قياداتها للإقامة هناك، والعمل على استقطاب الدعم لمصلحتها.
واصلت تركيا تصعيدها الميداني في مناطق سيطرة «قسد»

على خطّ موازٍ، واصلت تركيا تصعيدها الميداني في مناطق سيطرة «قسد»، من خلال استهدافات مدفعية طاولت قريتَي الكوزلية وأمّ الكيف في ريف الحسكة الشمالي الغربي، وقرى صيدا والخالدية ومخيم عين عيسى في ريف الرقة الشمالي. كذلك، شهدت مدينة الحسكة ومنطقة الشيخ مقصود في حلب تفجيرَين منفصلَين، استهدفا سيّارات لقيادات عسكرية ومدنية كردية، ما أدّى إلى مقتل مسؤول المحروقات في «الذاتية»، وإصابة عدد آخر، وسط اتّهامات لأنقرة بالوقوف خلف التفجيَرين. وفي منطقة جبال سنجار شمال العراق، والتي تديرها «إدارة ذاتية» مدعومة من أكراد سوريا، استهدفت طائرة مسيّرة تركية آلية لقيادات كردية، ما أدّى إلى إصابة ثلاثة أشخاص كانوا في داخلها، من دون الكشف عن هويّتهم. ويبدو هذا الاستهداف الأخير كأنه ردّ على انعقاد مؤتمر لـ«الإدارة الذاتية لمنطقة شنكال»، دعا إلى اعتماد «نظام الأمّة الديموقراطية كنظام حُكم في العراق»، وهو ما اعتبرتْه أنقرة نذيراً بنيّة «حزب العمال الكردستاني» البدء بنشاط سياسي في العراق. في المقابل، لم تُصدر «قسد» أيّ توضيحات أو تصريحات حول إعلان الاستخبارات التركية مقتل أحد أبرز مُخطّطي تفجير شارع تقسيم في إسطنبول، المدعو خليل منجي، مكتفية بالقول إن استهدافاً بمسيّرة تركية أودى بحياة عنصر من «قوى الأمن الداخلي - الأسايش»، من دون ذكر أيّ تفاصيل عنه.