أطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، مشروعاً لحفر قناة سويس جديدة بطول 72 كيلومترا وكلفة 4 مليارات دولار يأمل انجازه خلال عام واحد، وذلك في اطار خطة لتطوير القناة كممر تجاري عالمي، ولتنشيط عجلة الاقتصاد المصري، وسط تساؤلات بشأن دور المؤسسة العسكرية في هذا المشروع.
ويشمل المشروع حفر قناة جديدة موازية بطول 72 كيلومترا وبتكلفة 29 مليار جنيه مصري، أي ما يوازي مبلغ أربعة مليارات دولار اميركي، لتطوير قناة السويس، التي يعد دخلها السنوي البالغ قرابة 5 مليارات دولار احد اهم مصادر العملة الصعبة للاقتصاد المصري المتدهور منذ «الحراك الثوري»، الذي أطاح الرئيس الاسبق حسني مبارك في شباط 2011.
والقناة الجديدة جزء من مشروع كبير يستهدف تطوير قناة السويس ذاتها البالغ طولها نحو 173 كيلومترا، التي افتتحت عام 1869 في عهد الخديوي إسماعيل، وذلك عبر زيادة قدرتها الاستيعابية وتقليل زمن عبور السفن واتاحة ازدواجية مرورها، اضافة الى تطوير الموانىء البحرية على القناة. وستشارك في تنفيذ مشروع القناة الجديدة وتطوير قناة السويس شركات اجنبية واقليمية إلى جانب الشركات المصرية.

كلف السيسي رئيس الأركان ورئيس هيئة الهندسة في الجيش تنفيذ المشروع

وسبق أن رفض الجيش المصري مشروعا مماثلاً لتطوير القناة في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، وسط اتهامات لمرسي، بالسعي لتسهيل احتكار قطر، الحليف السياسي الأبرز لجماعة الإخوان المسلمين، للقناة، في وقت ستطرح فيه تساؤلات اليوم عن الدول الداعمة، وإن كانت السعودية والإمارات من بينها. وبرر السيسي قائد الجيش آنذاك استبعاد هذا المشروع بـ «دواعي الامن القومي واعتبارات الأمن في سيناء»، مضيفا أن «وزارة الدفاع قالت إن هذا ضد الأمن القومي المصري».
وأعلن السيسي، في موقع اطلاق حفر القناة الجديدة في مدينة الإسماعيلية، على قناة السويس بحضور مسؤولين حكوميين وقادة عسكريين، «بدء حفر قناة السويس الجديدة لتكون شريانا لخير مصر ولشعبنا العظيم وللعالم أجمع». وجاء اطلاق المشروع في اجواء احتفالية وسط تحليق من مقاتلات عسكرية. ودعا السيسي عدداً من الشباب والمسؤولين الحاضرين إلى الاشتراك معه في اطلاق إشارة المشروع، حيث وضع يده معهم على مكبس لتفجير حاجز ترابي للبدء في المشروع.
وتعالت اصوات انفجارات وارتفع دخان اسود في سماء المنطقة بعد اعطاء اشارة العمل، فيما بدأت حفارات عملاقة واليات بناء العمل في المشروع. وشدد السيسي على أن ملكية المشروع ستكون للمصريين فقط، وقال إن «المشروعات الخاصة بالقناة، وحفر القناة وملكية القناة للمصريين فقط»، داعياً المصريين في الداخل والخارج إلى المساهمة في تمويل المشروع.
وأوضح السيسي أن «الشركات الوطنية المصرية المختصة بهذا المشروع ستعمل تحت إشراف مباشر من القوات المسلحة».
وكلف السيسي، الفريق محمود حجازي، رئيس أركان الجيش، واللواء عماد الألفي، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، تنفيذ المشروع خلال عام واحد فقط، بدلاً من 3 سنوات، كما كان مخططاًَ له، وزيادة عدد الشركات المدنية المنفذة إلى 25 شركة.
من جانبه، قال رئيس هيئة قناة السويس، الفريق مهاب مميش، إن «اجمالي التكلفة للحفر القناة الجديدة يبلغ حوالى 29 مليار جنية»، مضيفاً أن المشروع يرمي إلى «جعل مصر مركزاً صناعياً وتجارياً ولوجيستياً عالمياً وقبلة للاقتصاد ولحركة التجارة العالمية والاقليمية»، متابعاً أنه «سيزيد من الدخل القومي المصري من العملة الصعبة ويوفر أكثر من مليون فرصة عمل».
وفيما تكتسب مدينة الإسماعيلية رمزية تاريخية مرتبطة بإنشاء القناة في منتصف القرن التاسع عشر، فقد خاطب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المصريين، من المدينة ذاتها، بلغة حميمية في بعض الأحيان وبلغة حازمة في أحيان أخرى. وغلب على الخطاب استخدام اللغة العامية، وتوجيه تكليفات لكبار المسؤولين في الجيش على الهواء مباشرة، كما حرص على التأكيد أكثر من مرة على مسؤولية جميع المصريين في بناء البلاد. ووجه السيسي التحية للرئيس الراحل الزعيم جمال عبد الناصر والرئيس الراحل انور السادات، وصفق بحرارة للرئيس عبد الناصر فور إذاعة بيان تأميم القناة خلال عرض فيلم تسجيلي عن نشأة القناة وتأميمها.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، الأناضول)