دمشق | بينما لا يزال السوريون يلملمون آثار الكارثة التي حلّت بهم جرّاء الزلزال الذي ضرب بلادهم وتركيا فجر السادس من شباط، استفاقوا ليل السبت - الأحد، على وقْع خمسة انفجارات حوّلت عتمة سماء دمشق إلى نهار، بفعل صواريخ إسرائيلية استهدفت العاصمة. انفجاراتٌ انضمّت إلى الهزّات الارتدادية غير المنقطعة في زلزلة الأرض من تحت الدمشقيين، الذين لم تشهد مناطقهم أيّ اعتداء إسرائيلي منذ ما يقارب الخمسة عشر يوماً. هذه المرّة، كان موقع الاعتداء منطقة كفرسوسة التي سرعان ما تحوّلت إلى وجهة لسيارات الإسعاف والشرطة والصحافيين. وصلنا، بعد مزاحمة، إلى عمارة «الأمل» المستهدَفة، حيث كان مسعفو «الهلال الأحمر» يهمّون بالنزول من السيارة حاملين نقّالاتهم الصفراء، في حين بدأ السكّان بالتجمّع في الشارع على شكل حلقات.عند مدخل العمارة المستهدَفة، ذات السبع طبقات، فسحة كبيرة خلّفتها الصواريخ الصهيونية. «انتبهوا، المكيّفات ستسقط»، ينبّهنا الدفاع المدني، فيما أعيننا تذهب إلى الأضرار التي لحقت بأكثر من عشرة أبنية مجاورة، وقِطع الزجاج المحطّم التي عبّدت الشوارع، والسيارات المتكسّرة. بعد ربع ساعة، مدّت القوّة الأمنية السورية شريطاً حول المكان لإبعاد المواطنين الذين يهرعون إلى المنطقة للاطمئنان على أقاربهم. «حسبي الله على إسرائيل»، أكثر ما كان يتردّد على ألسنة هؤلاء، في وقت يَجري فيه إخراج أربع جثث لسكّان بـ«بيجامات» النوم. «طلعنا بأعجوبة»، هكذا تقول سيدة ناجية بينما تضع بطانية صغيرة على رأسها. وتضيف: «في كتير ناس جوّا»، صارخةً: «يا أَلله». في هذا الوقت، كان صوت يأتي من جهاز اللاسلكي الخاص بأحد المسؤولين في الدفاع المدني، يقول إن فِرق الإنقاذ أسعفت 10 أشخاص إلى المشفى.
الانفجارات انضمّت إلى الهزّات الارتدادية غير المنقطعة في زلزلة الأرض من تحت الدمشقيين

الحصيلة إذاً، في تلك اللحظة، 4 شهداء و10 جرحى، قبل أن ترتفع لاحقاً إلى 5 شهداء و15 جريحاً.
استوقفتْنا سيدة أخرى كانت قد افترشت الأرض باكية، وهي تحتضن أولادها الثلاثة. بدأت تروي ما جرى: «الصوت ازداد تدريجياً، ثمّ سقط زجاج المنزل. لوهلة، اعتقدنا أنه زلزال، لكنه لم يكن كذلك، فالصوت أعنف وأقوى، والنيران بدأت تلوح في السماء». تغرق السيدة في البكاء، ثمّ تردف: «الله ينتقم من إسرائيل... أميركا وإسرائيل الله ينتقم منهما». على بُعد خطوات منها، كانت عائلة أخرى تُخلي منزلها بعدما جهّزت حقيبة صغيرة حملتْها معها. توصي سيّدة طاعنة في السنّ من بين أفراد العائلة، وهي تستند إلى شابّ لإدخالها في السيارة، أمّ الأولاد الثلاثة، قائلةً: «ديروا بالكم على البيت وعلى حالكم». يقطع حديثها صوت رجل أتى مسرعاً إلى المكان حيث سقط أرضاً باكياً مناجياً، قبل أن نعرف أن أخاه وعائلته كانا في العمارة المستهدَفة أيضاً.