صنعاء | في ظلّ تفاؤل يسود الشارع بإمكانية إعلان اتّفاق تجديد الهدنة خلال أيّام، تتكاثر المؤشّرات إلى أن هذا الخرق لم يَعُد بعيداً، وعلى رأسها رفْع الحصار جزئياً عن ميناء الحديدة، والحركة الجوّية النشطة التي يشهدها مطار صنعاء الدولي منذ أيّام، واستكمال حكومة الإنقاذ التجهيزات اللازمة لاستقبال المزيد من الرحلات التجارية. كذلك، تتّجه شركات ملاحية عدّة إلى فتْح مكاتبها المغلَقة منذ سنوات في مدينة الحديدة، بعدما سبقتْها إلى تلك الخطوة شركات الشحن الجوّي في صنعاء، إيذاناً باستئناف أنشطتها لأوّل مرّة منذ أواخر عام 2015، وتمهيداً للشروع في إرسال الطرود الدولية. وتثير هذه التطوّرات توتّراً متزايداً لدى القوى اليمنية الموالية للتحالف السعودي - الإماراتي، والتي تعتقد أنه تتمّ التضحية بها في مفاوضات ثنائية بين الرياض وصنعاء. وفي هذا الإطار، تتمّ المقارنة بين فتْح ميناء الحديدة الذي استقبل الأربعاء نحو 13 سفينة تجارية دخلت من دون تفتيش مسبَق، وبين ميناء عدن الذي لم يستقبل أيّ سفينة. وفي محاولة لامتصاص الانتقادات الآتية إليها على هذه الخلفية، أقرّت حكومة معين عبد الملك تعيين قيادة جديدة لـ«مؤسّسة موانئ البحر الأحمر» في محافظة الحديدة، في ظلّ انزعاج من عزوف التجّار عن الاستيراد إلى موانئ عدن، وتحويل مسار وارداتهم نحو الحديدة. وهدّدت وزارتا النقل والصناعة والتجارة في عدن، الشركات الملاحية التي غيّرت مسارها، باتّخاذ إجراءات ضدّها لمخالفتها القرارات الدولية، والإجراء المتَّخذ مطلع عام 2017 بمنع دخول السفن التجارية وسفن الحاويات إلى موانئ البحر الأحمر، وسط تشديد على أن فتْح هذه الأخيرة خرق للقرار الدولي 2216، علماً أن السعودية نفسها، التي كانت حتى الأمس القريب، متمسّكة بالقرار المذكور، هي التي أعطت الضوء الأخضر لتفعيل «الحديدة». ومن جهته، توعّد «المجلس الانتقالي الجنوبي»، الموالي للإمارات، بإفشال أيّ اتفاق يبرَم بين صنعاء والرياض «لا يتضمّن حلولاً للقضية الجنوبية».
في المقابل، رحّب رئيس «المجلس الأعلى للحراك الجنوبي» الحليف لصنعاء، فؤاد راشد، بدخول السفن التجارية إلى الميناء، عادّاً إيّاه ترجمة لاتّفاق مسقط غير المعلَن، متوقّعاً تنفيذ خطوات أخرى من بينها صرف المرتّبات. وفي الاتّجاه نفسه، تؤكّد مصادر ديبلوماسية مطّلعة، لـ«الأخبار»، أن «هناك توافقاً بين صنعاء والرياض على تنفيذ خطوات بناء ثقة بشكل تدريجي، تبدأ من رفْع القيود الملاحية على ميناء الحديدة، مروراً بإنهاء الحظر على مطار صنعاء وتوسيع وُجهات رحلاته من واحدة إلى خمس، وصولاً إلى فتْح عدد من الطرقات والمعابر البرّية في تعز ومحافظات أخرى، وتحريك ملفّ الأسرى والمعتقَلين، وذلك تمهيداً للإعلان عن هدنة موسّعة قد تشمل وقف إطلاق نار شامل، والتحضير لجولة جديدة من مفاوضات الحلّ النهائي».
وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار»، من مصدرَين مطّلعَين أحدهما في صنعاء، أن النقاشات الجارية بوساطة عُمانية تجاوزت «تنفيذ الاستحقاقات الإنسانية إلى ما هو أوسع من ذلك». وتوقّع المصدران أن «تُنفَّذ في الفترة المقبلة، في حال عدم وجود أيّ عارض جديد، تدابير اقتصادية قد تنهي الانقسام المالي والنقدي بين صنعاء وعدن وتعزّز وحدة واستقلالية البنك المركزي أيضاً». وكان المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، أكد، في إحاطته الأخيرة إلى مجلس الأمن، وجود مؤشّرات إيجابية قد تفضي إلى تسوية سياسية مستدامة خلال العام الجاري، مضيفاً أن جهود الحوار تمكّنت من إنهاء الكثير من التباينات، مستدرِكاً بأن ثمّة مخاوف بشأن الضمانات لدى جميع الأطراف. ومع ذلك، أبْقى مجلس الأمن العقوبات المفروضة على نظام الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، وعدد من قادة حركة «أنصار الله»، ووافق على تمديدها عاماً إضافياً.