هزيمة جديدة مُني بها تنظيم «الدولة الإسلامية» في دير الزور أمس. كرة النار التي انطلقت قبل يومين في الريف الشرقي آخذةٌ في التضخم، خلافاً لكلّ ما رُوّج عن تمكن التنظيم من إعادة ضبط المنطقة على إيقاعه. مدينة العشارة انضمت أمس إلى قائمة المدن التي خرجت عن سيطرة التنظيم. وانسحب مسلحو «الدولة» منها إثر معارك عنيفة مع مسلحي العشائر، الذين سارعوا إلى إقامة حواجز على مداخل المدينة، وداخلها، تحسباً لهجوم مُضاد متوقع. الأمر الذي تكرر في بلدات أبو حردوب، والجرذي الشرقي، وسويدان جزيرة.
الأخيرة شهدت إحراق مقارّ التنظيم بعد انسحاب مسلحيه منها. أوساط «الدولة» اعترفت بالهزيمة عبر صفحات «جهادية» موالية له، متوعدةً في الوقت نفسه بـ«رد ساحق قريب». مصدر مراقب للتطورات الميدانية في المنطقة قال لـ«الأخبار» إن «داعش ما زال يحاول احتواء الوضع المستجد في الريف الشرقي اعتماداً على مقاتليه الموجودين في المنطقة». وأوضح أن «التحرك العشائري جاء في وقت ينهمك فيه التنظيم في معارك على جبهات عدّة، في العراق وسوريا. وحتى الآن لم تصل إمدادات فعلية للتنظيم من خارج دير الزور». وأمس، بدا التنظيم منهمكاً في محاولة منع امتداد «الثورة» ضدّه إلى مناطق جديدة. ووفقاً لمصادر من السكان، فقد عمد إلى تعزيز حواجزه على مداخل المدن والبلدات التي يسيطر عليها، كما أعلن فرض حظر تجوال داخل مدينة الميادين، التي راجت أنباء في الأوساط المناوئة له عن أنها «ستكون الهدف التالي للعشائر». وتداول مناصرو «الدولة» عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن «مبايعة عشائر الموحسن للدولة الإسلامية»، إضافة إلى كلام منسوب إلى زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، مفاده بأن «أمير المؤمنين حفظه الله تعهد أن المجاهدين سوف يردون الصاع صاعات، والكيل مكاييل لكل من حارب المسلمين»، وفيما تعذّر التواصل مع مصادر «الدولة» في دير الزور، قال مصدر من داخل الرقة لـ«الأخبار» إنّ «الغادرين لن يجدوا وقتاً للندم، وسيكونون عبرة لكلّ من تسوّل له نفسه نقض عهوده مع دولة الخلافة».

انسحاب «جبهة
النصرة» من مدينة سرمدا الحدودية بعد ساعات
من دخولها إليها

وأكّد المصدر أن «الأيام المقبلة ستأتيكم بأنباء لم يسمع أحد بمثلها حتى اليوم». في المقابل، انتقد مناصرو العشائر «صمت جبهة النصرة والجبهة الإسلامية وتنظيم القاعدة، وتخاذلهم». إلى ذلك، شن سلاح الجو غارات عدّة على مواقع لـ«الدولة»، كان أبرزها تلك التي استهدفت جبل البصيرة في محيط حقل عمر النفطي، ومدينة الميادين.
على صعيد متصل، قالت «تنسيقية دير الزور» إن «مقاتلي الدولة الإسلامية أغلقوا أبواب مسجدين تاريخيين في مدينة دير الزور». وأضافت التنسيقية عبر صفحتها على موقع «تويتر» أن «التنظيم أغلق تكيتي الشيخ ويس والشيخ عبد الله التاريخيتين. (...) وهناك أنباء عن نيته هدمهما». بدوره، ذكر «المرصد السوري لحقوق الانسان» المعارض أنّ «تنظيم الدولة الاسلامية اجتمع مع الناشطين الإعلاميين في مدينة دير الزور ووضع لهم عدة شروط للعمل». ووفقاً للمرصد، فإن أبرز تلك الشروط كان «الاعتراف بدولة الخلافة، والمبايعة بيعة عوام. (...) والامتناع عن التعامل مع القنوات الإعلامية المتلفزة على نحو قطعي»، إضافة إلى الالتزام بـ «أخذ موافقة المكتب الإعلامي قبل إرسال التقارير المصورة ومقاطع الفيديو أو التقارير المكتوبة إلى الوكالات».

معارك عنيفة في مدينة حلب

في الأثناء، اشتعلت جبهة الأحياء الغربية في حلب من جديد. مجموعات مسلحة أعلنت «بدء الغزوة السابعة من معركة المغيرات صبحا، لتحرير أبواب حلب الغربية». ووفقاً لبيان «الغزوة»، فقد تشاركت في إطلاقها 12 مجموعة مسلحة، أبرزها «جيش المجاهدين»، «حركة نور الدين الزنكي»، «تجمع أنصار الخلافة»، و«كتائب ابن تيمية»، و«لواء شهداء بدر (خالد حياني)». وجاءت ترجمتها عبر معارك عنيفة في ضاحية الأسد، وفي محيط مبنى البحوث العلمية، وحي الراشدين. علاوة على استهداف مشروع الـ 3000 في حي الحمدانية السكنية بقذائف الهاون. وخلافاً لما جرى تداوله عن سيطرة المجموعات على ضاحية الأسد سيطرة كاملة، أكدت مصادر من السكان أن «المسلحين تمركزوا في عدد من الأبنية، ومن بينها كنيسة قيد الإنشاء، ومسجد». وتواصلت المعارك حتى وقت متأخر من ليل أمس، وسط حركة نزوح، وتأكيدات لمصادر سورية ميدانية بأن «الوضع تحت السيطرة».
إلى ذلك، أعلنت «المؤسسة الأمنية في الجبهة الإسلامية» أنها أعدمت «ثلاثة مجرمين في إطار حملة ردع المفسدين». وأكدت «المؤسسة الأمنية» في بيان انها «نفذت الإعدام رمياً بالرصاص بحق المجرمين جمعة التاجر بن عبد الجليل، مالك التاجر بن محمد، محمد التاجر بن عبد الجليل». وذلك «إثر ثبوت جرائمهم في السرقة والنهب وقطع الطرق».

«الإسلامية» تتوسط بين «النصرة» و«ثوار سوريا»

بدورها، شهدت محافظة إدلب تطورات على محاور عدّة، كان أبرزها انسحاب «جبهة النصرة» من مدينة سرمدا (المحاذية للحدود التركية) بعد ساعات من دخولها، إضافة إلى قيام «الجبهة الإسلامية» بوساطة بين «النصرة» و«جبهة ثوار سوريا». ناشطون إعلاميون أكدوا أن «رتلاً تابعاً للنصرة دخل سرمدا ورفع أعلامه فيها، بالتزامن مع استهداف الطائرات السورية للمدينة». ووفقاً للمصادر، فقد «أعلنت النصرة عبر مكبرات الصوت أنها ستنشئ مجلساً قضائياً شرعيّاً قبل أن تعاود الانسحاب من دون اسباب واضحة».
إلى ذلك، تولت «الجبهة الإسلامية» رعاية «مصالحة» بين «النصرة» و«جبهة ثوار سوريا» التي يتزعمها جمال معروف. ونص الاتفاق بين الطرفين على «وقف الاقتتال بين فوراً، والإفراج عن الأسرى وانسحاب النصرة من حارم ودركوش وعزمارين والزنبقي، وفك الحصار الذي تفرضه «جبهة ثوار سوريا» على عدد من القرى والمقار»، كما نص على «انتشار قوات تابعة للجبهة الإسلامية انتشاراً مؤقتاً للفصل بين الطرفين حتى إنشاء قوة من جميع الفصائل لمحاربة الفساد وتقديم المفسدين إلى المحاكم الشرعية».