صنعاء | تتواصل المفاوضات بين الرياض وصنعاء من أجل الوصول إلى الإعلان النهائي عن اتّفاق يختم حالة اللاسلم واللاحرب السائدة في اليمن. وفي هذا الإطار، تؤكّد مصادر دبلوماسية، لـ«الأخبار»، استمرار النقاشات وتبادل الأفكار حول تنفيذ خطوات تمهّد للدخول في تسوية سياسية، وذلك بمعزل عن مساعي المبعوثَين، الأممي هانس غروندبرغ، والأميركي تيم ليندركينغ. وتُوضح المصادر أن النقاشات تدور حالياً حول وقْف العمليات العسكرية وتسوية الأوضاع في المناطق الحدودية، بعد أن توصّل الطرفان إلى تفاهمات تقضي بفصل الملفّ الإنساني عن الملفّات السياسية والعسكرية الأخرى، وهو ما تَعدّه صنعاء أحد أهمّ مداخل السلام. وعلى رغم تمكُّن الجانبَين من إنجاز توافقات بشأن الملفّ الإنساني، إلّا أن أيّ خطوات عملياتية لم تُسجَّل إلى الآن بخصوصه، سواء في ما يتعلّق بصرف المرتبات، أو باستكمال صفقة تبادل الأسرى التي تمّ تبادل الكشوفات بشأنها ولم تتبقّ إلّا إجراءات قليلة لإنهائها بالإفراج عن أكثر من 2000 أسير، أو بالتخلّص من القيود المفروضة على ميناء الحديدة ومطار صنعاء، وهو ما يؤشّر إلى أن دخول التوافقات حيّز التنفيذ يحتاج إلى مزيد من الوقت. وفي حين سرّبت عدد من وسائل الإعلام أنباء تحدّثت عن وصول طائرة سعودية تحمل مرتّبات الموظّفين إلى مطار صنعاء قبل أيّام، نفى وزير الإعلام في حكومة الإنقاذ، ضيف الله الشامي، صحّة تلك الأنباء.
تبنّى حزب «الإصلاح» موقفاً إعلامياً مناهضاً لأيّ تقارب بين صنعاء والرياض

مع ذلك، أكّدت صحيفة «البيان» الإماراتية، في عددها الصادر الأربعاء، قُرب إبرام اتّفاق لتجديد الهدنة، متحدّثةً عن «وضْع اللمسات الأخيرة» على الاتفاق الذي سيفتح الباب أمام الدخول في محادثات سياسية تؤدّي إلى إيقاف الحرب. ونقلت الصحيفة عن مصادر يمنية أن «البند المتعلّق بالجوانب الإنسانية قد اكتمل»، وأن «هناك تفاصيل تتّصل بالضمانات والآليات والمواعيد الزمنية في طريقها إلى الإنجاز». وأوضحت أن «المسوّدة الجديدة للاتفاق تستعيض عن فتْح الطرقات الواقعة على خطوط التماس، بفتح الطرق الثانوية في المرحلة الأولى»، كما تنصّ على «زيادة الرحلات التجارية من مطار صنعاء، وفتْح حسابات بنكية خاصة برواتب الموظفين» في مناطق سيطرة «أنصار الله». وجاء هذا في وقت استمرّت فيه الأطراف الموالية لـ«التحالف»، بما فيها «المجلس الانتقالي الجنوبي» وحزب «الإصلاح»، في مهاجمة مشروع الاتفاق، والتشنيع على سَلطنة عُمان بوصْفها الوسيط الإقليمي فيه. وتعليقاً على ما تَقدّم، شدّد عضو المكتب السياسي لـ«أنصار الله»، محمد البخيتي، على أن أيّ اتّفاق مع السعودية برعاية السَّلطنة «لا يلغي الحاجة إلى حوار داخلي يمني يمني، وعلى كلّ طرف أن يصحّح موقفه ويُحسّن أداءه وتعامله مع الناس من الآن». ورأى أنه «في النهاية، لا بدّ أن نحتكم إلى الشعب عبر صناديق الانتخابات، وعندها سيتحمّل كلّ طرف أعباء أخطائه وتجاوزاته السابقة».
من جهته، يرى رئيس تحرير صحيفة «الوسط» الأسبوعية، جمال عامر، في حديث إلى «الأخبار»، أن «موقف صنعاء لم يتغيّر حول الثوابت، وحول خطوات حُسن النيّة التي يجب أن تسبق أيّ هدنة دائمة باعتبارها حقاً إنسانياً، من مِثل صرْف المرتّبات من إيرادات الثروات الوطنية، وفتْح المطار وعدم قرصنة السفن التجارية»، مضيفاً أنه «حتى الآن، الكُرة لا تزال في مرمى الطرف الآخر، والجميع في انتظار ما يأتي منه». ويلفت عامر إلى أن الجديد في المفاوضات «يتمثّل في طرْح سعودي أتى بمثابة «جسّ نبض»، يتلخّص بتكفّل الرياض بصرف الرواتب عبر منحة، تُحيلها من قائدةٍ للحرب على اليمن إلى حمامة سلام، وهو ما ينسف كلّ حديث عن السيادة، ويجعل من عشرات الآلاف من الشهداء مجرّد أضاحٍ لقفزة في الهواء»، مضيفاً أن «ثروات اليمن تكفي للمرتّبات والإنفاق على الخدمات العامّة وتزيد، في حال رفعت دولتا الاحتلال أيديهما عنها»، متابعاً أن «رفْض استخدام ما هو حقّ إنساني كأداة للضغط لتقديم تنازلات لها علاقة بالسيادة، يُعدّ من البديهيات».