الخرطوم | أعلنت «قوى الحرية والتغيير» في السودان رفْضها الدعوة المُقدَّمة إليها من الحكومة المصرية للمشاركة في ورشة عمل في القاهرة حول الأزمة السياسية السودانية، واعتبرت أن الموقف المصري بمجمله في أعقاب «ثورة ديسمبر» يحتاج إلى مراجعات عميقة. ورأت تلك القوى، في ردّها على الدعوة إلى الورشة التي ستقام في الفترة ما بين 1 و8 شباط المقبل بهدف «إقامة منبر لحوار جادّ يؤدي إلى توافق سوداني - سوداني»، أن «الخطوة المصرية أتت متأخّرة وتجاوَزها الزمن»، لافتة إلى أن «العملية السياسية الناتجة من الاتّفاق الإطاري تمضي الآن قُدُماً، وقد شكّلت اختراقاً في مسار استرداد التحوّل المدني الديموقراطي». كما اعتبرت، في بيان، أن «الورشة المزمع عقدها ستكون منبراً لقوى الثورة المضادّة، التي تأمل أن تحتشد فيها لتقويض الجهود الشعبية السودانية لاستعادة المسار الديموقراطي المدني»، مشيرة إلى أن «هذه القوى مرتبطة بالنظام البائد». ويرى محلّلون أن القاهرة ترغب في تقديم إطار مُنافس لـ«الاتفاق الإطاري» الذي ترعاه أطراف إقليمية، ليست على وفاق تامّ معها، بما يتيح إعلاء مصالح الأولى في الديناميات الهادفة إلى إيجاد تسوية للأزمة السودانية. وفي هذا الإطار، يَعتبر المحلّل السياسي، حاج حمد، أن «المبادرة المصرية محاولة لقطع الطريق أمام الاتفاق الإطاري»، مشيراً، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «القيادة المصرية الآن مستميتة من أجل إيجاد حلّ للأزمة السياسية السودانية يعترف بوجودٍ عضوي للعسكر في السلطة»، مستدرِكاً بأن «القاهرة لا تمتلك الثقل السياسي الذي يمكّنها من فرْض أيّ حلول خارجية على السودان».
لا تزال بعض القوى على موقفها الرافض لـ«الاتفاق الإطاري»

في المقابل، يبدي عدد من القوى السياسية والكيانات الأهلية، بالإضافة إلى حركتَي «العدل والمساواة» بقيادة جبريل إبراهيم و«جيش تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي، تأييدها للمبادرة المصرية، علماً أنها هي نفسها القوى التي اعتصمت أمام القصر الجمهوري في تشرين الأول 2021 لمطالبة العسكر بالانقلاب على الحكومة المدنية وقتها، وهي أيضاً ذاتها المجموعة التي تطالب مصر بإلحاقها بالعملية السياسية، في ما قد يمثّل هدفاً مشتركاً مع أطراف معنيّة أخرى أيضاً. وفي هذا الإطار، يرى حمد أنه «على رغم الدور المحوري للولايات المتحدة في الوصول إلى الاتّفاق الإطاري، إلّا أنها تختلف مع إسرائيل في النظرة إلى حلّ الأزمة»، موضحاً أن «الحركات المسلّحة التي وصلت إلى السلطة بموجب اتفاق جوبا تجد رعاية مباشرة من إسرائيل، عبر الوسيط الأوّل في الاتفاق، أي دولة جنوب السودان»، مضيفاً إن «إسرائيل تبدي حرصها الشديد على أن تكون المجموعة الموالية لها في السلطة المقبلة، أو لديها النفوذ الكافي لتحديد مَن يَحكم، وخاصة أن الاتفاق الإطاري نصّ على بند تعديل اتفاق جوبا، وهي نقطة مزعجة بالنسبة إلى تلك المجموعة».
في هذا الوقت، لا تزال بعض القوى على موقفها الرافض لـ«الاتفاق الإطاري»، وعلى رأسها «الحزب الشيوعي» الذي يرفض مبدأ الجلوس مع العسكر، ويرى في الأخير مغتصِباً للسلطة. إلّا أن المتحدث باسم «قوى الحرية والتغيير»، جعفر حسن، أكد أنه «لا خلاف بيننا وبين مجموعات قوى الثورة الرافضة للاتفاق الإطاري على الأهداف، وإنّما الخلاف حول آلية التنفيذ»، مشدّداً على أن «العملية السياسية ستفشل في حال توقَّف ضغط الشارع، لأن خروج التظاهرات هو الذي دفع المجتمع الدولي إلى دعم العملية السياسية»، مضيفاً إنه في «حال توقّف هذا الدعم، لن تصل العملية السياسية إلى نهاياتها»، في إشارة إلى إمكانية انقلاب العسكر عليها. وعلى الرغم من تأكيدات قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، التزامه بتسليم السلطة، وتحذيراته المتكرّرة من تدخّل السياسيين في شؤون الجيش، إلّا أن مراقبين لا يستبعدون أن يكون العسكر وراء تحريض المجموعات الرافضة لـ«الاتفاق الإطاري» على تصعيد تحرّكاتها ضدّه، بهدف إيجاد بديل منه يكون أكثر مواءمة لمصالح البرهان وفريقه.