عرّفت العالم إلى النضال الفلسطيني بعمليات نُفّذت في السماء، وعلّمت الجماهير العربية كيف تحلّق بأفكارها وأحلامها ومشاعرها وتحط في فلسطين: المناضلة الفلسطينية ليلى خالد، عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. تعود بنا ليلى إلى نضالات المرأة الفلسطينية الأولى بموجزٍ تاريخيٍّ تؤكّد من خلاله امتداد هذا النضال الذي ظلمه المؤرّخون. فمن اللبنات الأولى لمسيرة نضال المرأة الفلسطينية إلى علاقاتها مع النساء العربيات ودورهن في دعم فلسطين، مروراً بالنسوية وجدالاتها، حتى تختم برسالة إلى أمّهات الشهداء الفلسطينيات. حوار مع أيقونة التحرّر الفلسطينية
كيف بدأ تاريخ نضال المرأة الفلسطينية؟
المرأة الفلسطينية هي جزء من هذا الشعب. لكن يا للأسف لم يسلط المؤرّخون الضوء على هذا الموضوع بما يكفي. فقط في الثورة المعاصرة أصبح دور المرأة ملحوظاً. فبعد وعد بلفور عام 1917 تحرّكت النساء الفلسطينيات حتى وصلن إلى عقد مؤتمرٍ شكّلته مئة امرأة في حيفا عام 1921. هذا العام يؤرّخ لتنظيم المرأة داخل فلسطين، فقد حملت المرأة على عاتقها مسائل دعم العائلات ورعايتها، ومحاولة منع الصهاينة من الاستيلاء على الأرض. كان هذا المؤتمر يدعو إلى حماية الأرض من الاستيطان، وقد باعت النساء حليّهن لشراء الأراضي كي لا يتم أخذها من قبل الصهاينة، هذه ملحوظة مهمة في نضال المرأة في تلك الفترة. ثم في عام 1936 دعا هذا الاتحاد النسائي إلى الإضراب العام، وتجاوبت مع هذه الدعوة كل فلسطين، كما لعبت النساء دوراً مهماً في شراء السلاح وإيصاله إلى المقاومين، لهذا أقول لم ينصف المؤرّخون دور المرأة الفلسطينية في تلك المراحل. نحن لسنا أول النساء اللاتي دخلن أو انتسبنّ إلى ثورتنا منذ عام 1967، فهناك من سبقنا في عام 1936 مثل فاطمة غزال وحلوة زيدان في عام 1948. ولا ننسى الأسيرات اللواتي واجهن الاحتلال وصمدن داخل سجونه مثل فاطمة برناوي ومريم الشخشير ورسمية عودة وعائشة عودة وغيرهن ممن لا يسع المجال لذكرهن جميعاً. استشهدت مئات النساء على هذا الطريق، ولا تزال المرأة الفلسطينية تناضل وتُعتقل في السجون الصهيونية، هؤلاء النسوة اللاتي ناضلن بكل شيء هنّ مثلنا الأعلى.
جاءت النكبة عام 1948 وحوّلت معها دور المرأة الفلسطينية لكونها أصبحت لاجئة في مخيمات الشتات. المرأة حمت العائلة من التشتت، حتى وهي تسكن في خيمة لأن الرجل كان عليه إيجاد وسيلة للمعيشة، لم يكن مسموحاً للفلسطينيين بالعمل حتى تشكّلت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، في سوريا مثلاً اعتُبر اللاجئون الفلسطينيون مواطنين باستثناء حصولهم على الجنسية السورية، فلهم حقوق التعليم والصحة والعمل، كان أصعب مكان للاجئ الفلسطيني هو لبنان بالرغم من أن اللبنانيين – وأخص أهل الجنوب – فتحوا بيوتهم لاستضافة الفلسطينيين الذين هُجروا.
كانت المرأة الفلسطينية لا تملك شيئاً في ذاك الوقت، وكان لافتاً للنظر أنّ الرجال والنساء اتجهوا بأولادهم إلى التعليم، قبل النكبة كانت نساء العوائل الميسورة من يتعلمن، لكن بعد النكبة كان هناك قرار جماعي بإرسال الأولاد إلى المدارس دون أن يخبر الناس بعضهم بعضاً، ذهبت المرأة الفلسطينية إلى التعلّم بهدف تحصيل شهادة ومساعدة إعالة العائلة في المخيمات، وهذا كان وعياً جماعياً خلقته تلك اللحظة، وكانت عائلتي من ضمنها، أرسلتني عائلتي إلى مدرسة كانت خيمة، نصبوها، وقالوا لنا هذه مدرسة. وكانت تضم أربعة صفوف. كان هناك إصرار على تعليم البنات، وهذه مسألة من المهم النظر إليها، خصوصاً في كيفية تغيير المجتمع الفلسطيني لعاداته ليتأقلم مع واقعه الجديد.
عندما انطلقت الثورة الفلسطينية كان هناك وعي سياسي موجود في المجتمع. وعندما تأسّست حركة القوميين العرب، التي بدأت كحركة سرية، وضمّت في صفوفها المتعلمين الذين أسّسوها مثل الدكاترة الحكيم جورج حبش ووديع حداد وأحمد الخطيب من الكويت، إضافةً إلى أبو ماهر اليماني وهاني الهندي، وغيرهم من الرفاق الذين التحقوا في الحركة في ما بعد، انضمت النساء إلى الحركة بسبب ما رفعته من شعارات وبرنامج سياسي، أي النضال من أجل استعادة الوطن وحق اللاجئين في العودة. لقد حددت الحركة أنّ الهدف الرئيسي هو تحرير فلسطين، لذلك عمّت المنطقة العربية.
كانت هناك أحزاب وحركات يسارية أخرى مثل الأحزاب الشيوعية العربية وحزب البعث، لكن لم تقدّم مشاريعَ بنفس زخم ما طرحته حركة القوميين العرب التي ضمّت في صفوفها الفقراء وأهالي المخيمات والنساء اللاتي لعبن دوراً هاماً سواء كان في الداخل الفلسطيني أو الخارج، كان هناك إقبال ملحوظ في انتساب المرأة الفلسطينية إلى هذه الحركة لأنّها وعدتها بالعودة الى فلسطين وتحرير كل الأرض، لذلك كانت المرأة الفلسطينية متشوّقة للانضمام إلى تنظيم يحرر بلادها، لكن مع الأسف جاءت سنة 1967 لتضرب كل الأحزاب والأنظمة بكل برامجها، بالتالي بدأ دور المرأة بالخفوت تدريجيّاً، فعند كل هزيمة تتراجع المرأة؛ لكن مع كل مناخ ثوري تندفع إلى الأمام.
حينها ضمّت الثورة في صفوفها الكثير من النساء اللاتي لعبن دوراً محورياً، أذكر مثلاً الرفيقة وداد قمري التي رحلت قبل أشهر عن عالمنا، عندما اعتُقل الرفاق الشباب في السجون الإسرائيلية، أخذت هذه المناضلة على عاتقها قيادة العمل، وبدأت مباشرة بتنظيم خلايا عسكرية. كانت وداد مدرّسة من القدس.

ماذا عن دورها في المجلس الوطني الفلسطيني؟
كانت المرأة الفلسطينية جزءاً لا يتجزأ من المجلس الوطني الفلسطيني، من أول اجتماع له، وكانت الاتحادات القاعدة التي تشكّل منظمة التحرير، ومن ضمنها كان اتحاد المرأة الفلسطينية، كانت النساء بمثابة برلمانيات في المجلس الوطني الفلسطيني، فتمكنت المرأة من الوصول إلى حد أن تكون عضواً في المجلس الوطني، ولكن ليس في اللجنة التنفيذية. وهذا نوع من الإجحاف لدور المرأة الفلسطينية وأهميته، فقد رأينا جميعاً كم سجن من الفلسطينيات في السجون الاسرائيلية منذ بداية الاحتلال، وكانت أول شهيدة بعد النكسة في الثورة الفلسطينية، وليس فقط في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، هي شادية أبو غزالة.

كيف أثّرت النكسة على دور المرأة المناضلة؟
في تلك الفترة كانت المرأة الفلسطينية تواجه ظلمين: ظلم النظام الأردني وظلم الاحتلال، على الرغم من ذلك استمرت مع الثورة لأنّها أعطتها إمكانية العمل على التحرير، لكن لم تتبوّأ المرأة مكاناً قيادياً في الهيكل التنظيمي يعطيها إمكانية صنع القرار.
تطورت الأحداث بعد النكسة وازداد الخناق والهجوم على الثورة الفلسطينية من كل حدبٍ وصوب. مثال ذلك أيلول الأسود سنة 1970 إذ تعرضت المقاومة بكل فصائلها إلى الهجوم من السلطة الأردنية، وهذا ما دفع المقاومة التي كانت قواعدها على الحدود الفلسطينية للخروج من الأردن. في هذه الأحداث لم تكتفِ المرأة بحماية العائلة فقط، بل التحقت النساء بمراكز التدريب، كما عملت على مهام عديدة ومتنوعة في داخل فلسطين، مثلاً كان الدور الأهم هو تعبئة النساء لمواجهة المحتل بكل الوسائل المتاحة، وهناك تجارب نسائية عظيمة سجّلت تاريخاً مشرّفاً في غزة في مجموعة غيفارا غزة، وفي الخليل والقدس كانت هناك مجموعة من النساء في المواجهة المباشرة مع العدو، وعلينا ذكر ذلك والحديث عنه بكل فخرٍ واعتزاز.
عندما خرجت المقاومة الفلسطينية من لبنان عام 1982 بات على المرأة الفلسطينية أن تواجه المجتمع كما تواجه المحتل، فنحن في مجتمعات محافظة، ما جعل واقعها يزداد صعوبة. لكن عندما جاءت الانتفاضة التاريخية عام 1987 كسرت معها الكثير من التقاليد والعادات البالية ليكون وجه الانتفاضة الأطفال وأمهاتهم. كانت النساء في مقدمة التظاهرات لمواجهة جنود الاحتلال، هذا أعطى الفلسطينيات المزيد من القوة، لذا في سنة 1988 في المجلس الوطني الفلسطيني الذي عُقد في الجزائر أُعلنت وثيقة الاستقلال. وهذه الوثيقة سجلت في ما سجلت أن المرأة الفلسطينية هي حارسة نارنا، ومتساوية مع الرجل في النضال حتّى تتحرّر الأرض، هذا اعتراف بدور المرأة الفلسطينية المحوري، لكن للأسف الشديد ما حدث في ما بعد كان كارثياً، بينما كانت الانتفاضة مشتعلة في الداخل وكان الخارج يساند هذه الانتفاضة وعنفوانها، هناك من قرر الذهاب إلى أوسلو وتوجيه منظمة التحرير إلى مسار التفاوض الذي أضرّ في الكيانات الفلسطينية جميعها، وبالتالي بالمرأة الفلسطينية بشكل كبير جداً.
المرأة الفلسطينية هي جزء من هذا الشعب. لكن يا للأسف لم يسلّط المؤرخون الضوء على هذا الموضوع بما يكفي. فقط في الثورة المعاصرة أصبح دور المرأة ملحوظاً


كيف صمدت النساء بعد خروج المقاتلين من بيروت عام 1982؟
لم يخرج المقاومون جميعاً. نعم تعرضت المخيمات للمجازر، رغم ذلك ظلّوا، في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كان هناك قرار ينص على عدم خروج ممن هم من سكان لبنان، الجبهة اختارت الخروج إلى سوريا، لكن بقي الكثير من الرفاق في لبنان، هناك عمليات مشتركة نُفذت منا ومن اللبنانيين، كنا جزءاً من حركة جمول، لكننا لم نعلن عن وجودنا، كنا نعلن عن الرفاق والمعتقلين والشهداء باسم الحركة الوطنية اللبنانية، هذا هو الاتفاق بيننا وبين من بقي في لبنان مع الحركة الوطنية، وحتى الآن لا نزال موجودين، لكن المشكلة التي نواجهها حالياً هي مسألة الهجرة.

هل يمكننا القول إن أمهاتنا في المخيمات مناضلات مجهولات؟
لا أحب أن أقول مجهولات، لكن هذا هو الواقع، مع الأسف الشديد لم يُسلط الضوء على شجاعتهن وصبرهن وصمودهن، عند التشتت والتشرد عملت المرأة دور الحامي الأول للعائلة في الخيمة، رغم أنّها لاجئة، لم ينصف التاريخ هذه المرأة التي تحمّلت أعباء التشرد والظلم، فهي انتصرت لشعبها من خلال حفاظها على عائلتها.

عودةً إلى مسألة الهجرة، ومع انتشار الحركات النسوية وأفكارها حول العالم، هل يمكننا اليوم إنتاج خطاب أو رؤية نسوية عربية من جوهر صراع ونضال المرأة الفلسطينية؟
كاتحاد للمرأة الفلسطينية كنّا نمثّل منظمة التحرير في المؤتمرات الدولية، وكان هناك أيضاً الاتحاد النسائي العربي، وكان مقرّه في القاهرة، انقسم الأخير عندما زار السادات الكنيست وخرجنا من القاهرة، وتوقّف العمل عليه، وفي ما بعد كانت هنالك عدّة محاولات لإعادة تشكيله.
كان لنا كفلسطينيات علاقات مع كل الاتحادات النسائية العربية، في انتفاضة 1987 كانت الاتحادات النسائية العربية تقدم لنا الدعم، من المحيط إلى الخليج، لم ينقطع الدعم عنا سواء في فترة الثورة أو في فترة الانتفاضة وما بعدها، نحن جزء واحد لا يتجزأ من المجتمع العربي، ولسنا بمعزل عن أخواتنا العربيات.
بعدها بدأت تظهر بعض النَّزعات التي استنسخت مفهوم التحرر بشكله الغربي، حيث أرادت بعض النساء أن يتجاوزن كلّ شيء ويتم التركيز فقط على تحرّر الجسد، وهذا خطأ، وخطأ كبير أيضاً، نحن في بلدان لم تستقل بشكل كلّي بعد، فكنا نواجه هذه النزعات ونختلف معها، على سبيل المثال، كان هناك مؤتمر ركّز على مناقشة موضوع البغاء وقوننته، كنساء فلسطينيات ليست هذه أولوياتنا، فتتعجب من امرأة عربية، خصوصاً في مجتمع ثقافته إسلامية، تستنسخ الثقافة الغربية وتستوردها كما هي! كيف لنا أن ننسى كل التجارب التي خضناها في الوقت الذي يشتعل فيه الصراع، نتوقف لنتعلم من الغرب ماذا يعني النضال وماذا يعني التحرّر؟! كانت رفيقاتنا في السجون يتعرضن إلى كل أنواع الاعتداء والترهيب والتعذيب، فكيف نفصل هذا الدور العظيم في المواجهة والتحرر ونتوجه إلى حصر نضال وتحرر المرأة العربية في مسألة الجسد، فتحرر المرأة لا يمكن أن يكون معزولاً عن تحرر الشعب، ولا يمكن لمجتمع أن يتحرر من دون تحرّر نصفه الأنثوي.
كان لنا كفلسطينيات تأثير كبير على النساء في العالم العربي، وشهدنا هذا في لبنان في العملية البطولية لسناء محيدلي ابنة السبعة عشر ربيعاً، وسهى بشارة مثال بارز آخر. وما زال هذا التأثير حاضراً اليوم.

كيف يمكن للنساء العربيات غير الفلسطينيات دعم النضال الفلسطيني اليوم؟
ليس غريباً على النساء العربيات أن يدعمن النضال ومعرفة كيفية الدعم، لكن جاءت أحداث مختلفة في كل بلد، ما أحدث شروخات هنا وهناك، فالعراق احتُل، وسوريا تتعرض لهجوم كوني، وليبيا دُمرت، واليمن اليوم يعيش عدواناً مرعباً... المرأة اليمنية مناضلة منذ زمن الاحتلال البريطاني حتى الآن، في متابعتنا للأحداث الراهنة نرى المرأة اليمنية لا تزال تقوم بدور مهم وكبير جداً، رغم أننا لم نرَ المرأة اليمنية تحمل السلاح، لكننا رأينا تواجد النساء الكبير في نصرة الشعب الفلسطيني في التظاهرات الضخمة التي خرجت في اليمن.

ما رأيك بالموجة النسوية الحديثة في العالم العربي؟
بشكلٍ عام، النساء منقسمات إلى قسمين: هناك المرأة الليبرالية التي ترجع بفكرها إلى الإيديولوجيا الليبرالية التي تتّكئ على الأفكار والقضايا الغربية، وهناك نساء ينتمين ويتوجهن إلى أفكار وأحزاب يسارية وتقدمية تعالج قضايا المجتمع ولا تكتفي بمسألة الحقوق.
التوجهات التي تميل إلى النموذج الغربي هي نتاج الدعاية والإعلام الغربيين لاختراق ثقافتنا، وأنا أعتقد أن ثقافتنا العربية هي المتراس الذي نحتمي به، لأنها تحمل في جوهرها فكراً تقدمياً، طوال التاريخ كنّا نتعلم ونأخذ من الثقافات الأخرى ما يثرينا كما كنا ننقل إلى الثقافات الأخرى علومنا وأفكارنا وترجماتنا، لسنا أصحاب ثقافةٍ جامدةٍ كما يصوّر بعضهم.
بعد عام 1990 مع سقوط الاتحاد السوفياتي وانتصار الولايات المتحدة في الحرب الباردة، وحرب الخليج ومن ثم احتلال العراق، كل هذه الأحداث جاءت وجلبت معها أفكاراً مختلفة وغريبة عن واقع المجتمعات العربية، ما أدّى إلى انقسام وانشطار الاتحادات النسائية العربية، وما زاد الأمر خطورة هو دور المنظمات غير الحكومية (الإن جي أوز) وتكريسها للمنظور الغربي للمرأة، كنّا مثلاً نرى مثقفات ناشطات في أحزابهن، تحولن في ما بعد إلى العمل في مؤسسات مستقلة تركّز على قضايا النوع الاجتماعي فقط، ومن ثم انحصر تمويل هذه المنظمات لتحقيق أهداف غربية.
أتذكر مثلاً عام 1995 في «مؤتمر بيجين» كان المطلوب أن تقدّم المنظمات الممثلة مشاريعها حتى تدعمها الدول، نحن قدّمنا مشاريعَ إنتاجية في داخل فلسطين وخارجها، لم نُعطَ فلساً واحداً، لم يريدوا مشاريع إنتاجية، بل كانوا يريدون إقامة ورشات ينحصر عملها على نشر التوعية بالحقوق القانونية والصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة، نحن نقوم بذلك، لكن هذا لا يعني أن هذا ما نريد القيام به فقط، نحن شعب تحت الاحتلال. كيف نفصل هذا الجوهر، الأساس هو تعبئة الشعب وحثّه على المواجهة.

في خضم الصراعات الثقافية والسياسية اليوم، ما رسالتك إلى النساء العربيات اللاتي يجدن في المرأة الغربية مثالاً لهن؟
علينا ألا ننسخ تجارب الآخر، من المفترض أن المرأة العربية وصلت من خلال تعليمها وعملها إلى قدرة قراءة واقعها وتحليله وتفهّمه، لذلك رسالتي لهن: أن ينظرن إلى واقعهن ويدرسنه، وعليه يبنين أفكارهن، لا يستنسخن أفكار غيرهن بعيداً عن فهم ثقافتهن وتاريخهن، ليست الرؤية الغربية ما ستعطي العربيات حقوقهن، بل ستعطيهن مجموعة من الأفكار البعيدة عن واقع المجتمع العربي، الذي علينا دراسته وفهمه، وانطلاقاً من واقعه نعمل على تغيير أوضاعنا كنساء.
يجب أن تتوحد النساء العربيات، ويجب عليهن أن يلتفتن الى الصراع الطبقي وواقعه في كل بلد عربي، وقراءة تشكّل وعي هذه الطبقات، فالتحرّر هو عمل تراكمي، وعلى النساء العمل حتى الوصول إلى صناعة القرار، وعليهن الرجوع إلى الواقع وعدم التحليق في فضاء وهمي، تشدّق الغرب في حقوق الإنسان والديموقراطية كلّه كذبٌ ونفاق.

كلمة إلى الأمّ الفلسطينية وأمّهات الشهداء
أقول: إلى الأمهات الصامدات الصابرات، وإلى أمّ ناصر أبو حميد خصوصاً، اللاتي حملن أبناءهنّ في بطونهنّ ومن ثم حملن على أكتافهنّ نعوشهم: أنا أحني رأسي...
أنا أحني رأسي إلى هؤلاء المناضلات العظيمات اللاتي مثّلن حالة لم تمثلها أيّ امرأة في العالم.